فجأة، "بالوعة" مبادرات التصالح مع جماعة الإخوان الإرهابية، انفجرت خلال الأيام القليلة الماضية، وبشكل متسارع أثار استغراب كل شرفاء الوطن، عن السر الدفين وراء تزايد هذه المبادرات وفى هذا التوقيت.
البعض رأى أن السبب انهيار التنظيم داخليا وخارجيا، وأن ما يحدث من فضائح مشينة بين صفوف أعضاء الجماعة والمتعاطفين معها فى تركيا على وجه الخصوص، شيئا فاق تصور أكثر أعداء الجماعة تفاؤلا.
لكن الحقيقة، والتى لم يلقى أحدا بالا لها، من المتخصصين والمراقبين لشآن جماعات الإسلام السياسى، والجماعات الإرهابية، أن وراء كل هذه المبادرات وحالة الصخب والزخم المكتسبة حولها، هو ما يحدث حاليا فى سيناء، وتحديدا منذ بدء عملية الحرب الشاملة سيناء 2018 التى مكنت الجيش المصرى من تشديد قبضته، والسيطرة على الأوضاع فى أرض الفيروز.
وإذا حاول البعض التشكيك فى معلومات أن الجيش المصرى، نصب السيرك لكلاب أهل النار فى كل سيناء، ولقنهم دروسا قاسية، فى رسالة مفادها، أن اللعب مع الأسد نهايته مأساوية، فإليكم اعتراف رسمى من التنظيم الإرهابى فى بيان له أصدره أمس الأول السبت، سنأخذ منه الفقرة الأهى وهى: بعد مواجهة بين جنود الخلافة والجيش المصرى فى عمليته "سيناء 2018" والذى استشهد فيها الكثير من جنود الدولة الإسلامية بسيناء، ما أدى إلى ضعف التنظيم، ونقص شديد فى عدد جنوده وأسلحته وعتاده".
هنا إذن مربط الفرس، والحقيقة الناصعة، بأن قوة جماعة الإخوان الإرهابية، وتجبرها، وتهديدها بحرق مصر، والتنكيل بكل معارضيها، مستمدة من قوتها فى سيناء، وأن كل الإرهابيين فى أرض الفيروز هم من جماعة الإخوان، وأن ولاية سيناء وأنصار بيت المقدس وداعش، ما هى إلا مسميات لجماعة الإخوان الإرهابية، تحاول تضليل الرأى العام فى الداخل، والخارج، والظهور بأنها جماعة سلمية، تنبذ العنف المسلح!!
التأكيد الثانى، على أن جماعة الإخوان تدير منتخب العالم فى الإرهاب بسيناء، ما قاله، أبرز قيادتها محمد البلتاجى، فى يوليو 2013 وأثناء محاولة اقتحام أحد دور القوات المسلحة بمدينة نصر، ما مضمونه: "أن العمليات التى تحدث فى سيناء ستتوقف فى نفس اللحظة التى يعلن فيها عبد الفتاح السيسى إعادته للشرعية، واصفا أن ما يحدث فى مصر هو انقلاب عسكرى لن يقبل به"
التأكيد الثالث، أن قوة العلاقة بين حماس وجماعة الإخوان، تأتى تأسيسا على قوة المصالح بين الطرفين، فسيطرة الإخوان على سيناء، بدعم ومساندة ضخمة من حماس، يضمن للحركة الفلسطينية، حرية كبيرة فى اختراق الحدود، وبناء الأنفاق، وزيادة معدلات التهريب، من الإبرة للصاروخ، والعبث بالأمن القومى المصرى، والتعامل مع سيناء على إنها ممتلكات تابعة لغزة، حسب اعتراف المعزول محمد مرسى نفسه بأنه يقدم كل التسهيلات للفلسطينيين، من تنقل وإقامة وتملك فى سيناء، فى نفس الوقت الذى تضمن فيه حماس تقديم كافة الدعم للجماعة الإرهابية، تسليحا وتدريبا ومساندة على أرض الفيروز، تحديدا!!
إذن اعتراف التنظيمات الإرهابية، مساء أول أمس من انهيار قوتها، ومقتل أعضائها وتدمير أسلحتها وعتادها، بجانب ما قاله من قبل فى خطيئة سياسية، محمد البلتاجى، والعلاقة القوية التى تربط بين الجماعة الإرهابية بحماس الفلسطينية، القائمة على المصالح، يتأكد بما لا يدع مجالا لأى شك أن قوة جماعة الإخوان الإرهابية مستمدة من قوة التنظيمات الإرهابية فى سيناء، وأن القضاء على هذه التنظيمات وتطهير أرض الفيروز، يعد بمثابة قطع رأس الإخوان!!
ومن خلال سرد كل ما سبق، يتبين أن سر انفجار بالوعة المبادرات المطالبة بالمصالحة مع الإخوان، يأتى فى إطار إنقاذ الجماعة من الاندثار، بعد قطع رأسها فى سيناء، على الأقل يتم الاحتفاظ بالجسد، إلى حين، ومن ثم فإن من يطرح مثل هذه المبادرات، لا يمكن وضعه سوى فى خانة "الخيانة" والمشاركة فى محاولة إبقاء "أبو التنظيمات" الإرهابية على قيد الحياة، لعل تعود يوما، مثلما حدث فى عام 1954 بعد انهياره، ثم عاد فى عهد الراحل محمد أنور السادات، وزاد استفحال خطرهم فى عهد "مبارك" ووصلوا إلى قمة هرم السلطة فى مصر فى غفلة من الزمن عام 2012 وخرج عليهم الشعب المصرى عن بكرة أبيهم لطردهم، من المشهد العام فى مصر، وأن العملية سيناء 2018 تكتب شهادة وفاته!!
ولا نجد ما نقوله لكل الذين طرحوا أو يفكرون فى طرح مبادرات جديدة للتصالح مع التنظيم الإرهابى، سوى ما قاله الشيخ محمد الغزالى، فى كتابه «من معالم الحق فى كفاحنا الإسلامى الحديث»، والذى ألفه عقب تركه للتنظيم منذ ما يقرب من 60 عاما: «إن قيادة الإخوان الآن حريصة على الأوضاع الغامضة، والقرارات المريبة الجائرة، وهى مسؤولة أمام الله ثم أمام الناس عن مشاعر الحيرة والبلبلة التى تغمر قلوب الإخوان فى كلّ مكان ثمّ هى، أى الجماعة، مسؤولة من قبل ومن بعد عن الخسائر التى أصابت الحركة الإسلامية فى هذا العصر، وعن التهم الشنيعة التى توجه للإسلام من خصومه المتربصين، فقد صورته على أنه نزوات فرد متحكم، كما صورت هيئة الإخوان المسلمين وكأنها حزبا من الأحزاب المنحلّة تسودها الدّسائس وتسيّرها الأهواء».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة