أكرم القصاص

خالد محيى الدين.. أزمة السياسة من اليسار واليمين

الثلاثاء، 08 مايو 2018 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
برحيل خالد محيى الدين، تغلق واحدة من أكثر صفحات السياسة التى تتعلق بصعود وتراجع الأحزاب السياسية من الثمانينيات حتى التسعينيات، وهى فترة يمكن أن تجيب عن تساؤلات أين ذهبت السياسة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار بعد فترة ازدهار لم تتجاوز العشر سنوات، وهل كان السبب هوغياب الصفوف الثانية، أم أنها ترجع لطبيعة القيادات السياسية مثل خالد محيى الدين أو فؤاد سراج الدين وإبراهيم شكرى ممن نشأوا فى واقع سياسى متعدد قبل يوليو، ثم عادوا ليقودوا الأحزاب فى تجربتها الثانية مابعد الاتحاد الاشتراكى.
 
كان لخالد محيى الدين صفات متعددة ميزته وعدد من أبناء جيله، وهى التفرقة بين الخلاف السياسى والخلاف الشخصى وامتلاك قدرة على التفاوض والتقليل من الصدام، فضلا عن أن الوفد والتجمع مثلا اختلفا فى توجهاتهما السياسية، ومع هذا فقد كان سراج الدين ومحيى الدين يتشاركان فى مؤتمرات سياسية.
 
ويظل هناك لغز فى الكيفية التى منعت الأحزاب من أن تصبح تيارات سياسية مستمرة تنتقل بين الأجيال وتتطور مثلما جرى مع الأحزاب فى دول العالم المختلفة، البعض يرجع ذلك إلى غياب تداول السلطة التى تمثل أهم ما فى السياسة من علامات على الحياة، والبعض يرجعها إلى التدخلات الأمنية التى كانت تعمل لانتزاع أى فاعلية من الأحزاب السياسية، الأمر الذى صنع فراغا، ظهر فى أعلى مراحله ما بعد 25 يناير.
 
فى السنوات الأولى للرئيس حسنى مبارك بعد رحيل الرئيس السادات، شهدت الأحزاب السياسية انتعاشة ظهرت فى صدور صحف المعارضة وزيادة عدد المؤتمرات السياسية لزعماء وقيادات الأحزاب، فى القاهرة والمحافظات، خاصة أحزاب التجمع والعمل، والوفد بعد عودته عام .1984
 
كانت جرائد الأهالى والشعب والوفد تمثل أشكالا مختلفة من صحافة الرأى، وبفضل المؤتمرات والصحف شهدت هذه الفترة زيادة فى عضويات الأحزاب، من شباب الجامعات والعمال، انضموا للأحزاب على أمل أن يجدوا مجالا لعمل سياسى، وجاءت انتخابات 1984 لتمثل بداية لتحالفات الإخوان مع الوفد، ثم مع العمل والأحرار فى 1987 ، التى جرت بالقائمة النسبية، وساهمت فى إنعاش الحياة السياسية، فى مؤتمرات وندوات وأنشطة ثقافية وسياسية علنية استقطبت شبابا نحو أحزاب العمل والتجمع والوفد فى المحافظات. وحرصت هذه الأحزاب على افتتاح مقرات لها فى المحافظات والمراكز وأحيانا القرى، وشهدت هذه الفترة نشاطا سياسيا، كان يمكن أن يتطور بشكل كبير ليمثل حركة سياسية، لكن مع الوقت تراجعت أنشطة الأحزاب، وبدأت المنافسة السياسية تنحصر فى الحزب الوطنى صاحب الأغلبية وأعداد قليلة للإخوان وأقل للأحزاب.
 
ركز الوفد مساحة من معاركه فى انتقاد والهجوم على ثورة يوليو وجمال عبد الناصر والقطاع العام، وصل الأمر إلى حملات تهاجم السد العالى باعتباره أصل الخراب، الأمر الذى دفع فيليب جلاب رئيس تحرير الأهالى إلى مواجهة حملة الوفد بحملة أخرى انتهت بإصدار كتابه «هل نهدم السد العالى .»
 
كان حزب التجمع متفوقا فى الأنشطة الثقافية مثل الأمسيات الشعرية والغنائية لأحمد فؤاد نجم وعبد الرحمن الأبنودى والشيخ إمام، ومحمد حمام وعزة بلبع ومطربين من أجيال تالية، ومعها ندوات ومؤتمرات تناقش السياسة والاقتصاد والقضايا العربية، وكان المقر المركزى للتجمع قبلة لهواة السياسة وشباب الجامعات والأقاليم، والتجمع كان صيغة معتدلة تجذب الجمهور العام وتشجع على المشاركة، خاصة أن الأحزاب لم تكن تعانى من حصار أمنى أو صدام سياسى.
 
ولم يخل الأمر من هجوم من صحف الحزب الوطنى والصحافة القومية على الأحزاب وقياداتها، وترد صحف المعارضة، ويحتفظ أرشيف الصحف القومية والمعارضة بالعديد من المعارك التى كان كتاب مثل الراحل موسى صبرى أو سمير رجب يهاجمون خالد محيى الدين وفؤاد سراج الدين وإبراهيم شكرى وترد صحف الأهالى والشعب والوفد بهجوم مضاد.
 
وحرصت هذه الأحزاب على افتتاح مقرات لها فى المحافظات والمراكز وأحيانا القرى، وشهدت هذه الفترة نشاطا سياسيا، كان يمكن أن يتطور بشكل كبير ليمثل حركة سياسية، لكن مع الوقت تراجعت أنشطة الأحزاب، وبدأت المنافسة السياسية تنحصر فى الحزب الوطنى صاحب الأغلبية وأعداد قليلة للإخوان وأقل للأحزاب، ومع الوقت تراجعت انشطة الأحزاب بسبب الصراعات  الداخلية والحصار والتدخلات الأمنية.
 
وربما من يريد أن يعرف أسباب تراجع الأنشطة السياسية أن يدرس الفترة من عام 82 حتى 92 ، لأنها الفترة التى شهدت اتساع العمل السياسى قبل أن تبدأ التراجعات والصراعات والانشقاقات. لكن اللافت للنظر أن أحزابا متعددة ظهرت ترفع شعارات اليسار، لكنها ظلت مجرد أرقام وبقيت صيغة التجمع التى أنجزها خالد محيى الدين هى أنجح الصيغ حتى الآن، ونفس الأمر فيما يتعلق بأزمة السياسة من أقصى اليمين لأقصى اليسار






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة