على مدار 8 ساعات أجرى وفد إعلامى من دول النيل الشرقى (مصر والسودان وإثيوبيا وجنوب السودان)، جولة ميدانية فى محافظة الفيوم للتعرف عن قرب على حقيقة مشاكل المياه التى تعانى منها المحافظة.
الزيارة نظمها معهد ستوكهولم الدولى للمياه بالتعاون مع مشروع بناء القدرات لدول حوض النيل ومنظمة اليونسكو، حيث تقدر مساحة الأراضى الزراعية بنحو 475 ألف فدان بينما تبلغ حصتها من مياه النيل ما يقرب من 6 مليارات متر مكعب ويصل عدد سكانها نحو 3 ملايين نسمة.
المزارعون يعبرون عن حزنهم الشديد من بوار الأرض
ورصد "اليوم السابع" عن قرب تفاصيل الجولة، حيث كانت البداية مع رصد الحوار بين المزارعين وضيوف النيل الأزرق، حيث عبر عدد من المزارعين عن حزنهم الشديد من بوار أراضيهم الزراعية نتيجة نقص المياه بالمحافظة، مؤكدين للوفد الاعلامى وخبراء معهد ستوكهولم للمياه أنهم يمرون بمرحلة تغير فى الجانب الاجتماعى لمعيشتهم بعدما هجر أبناؤهم القرى التى ولدوا وتربوا فيها بشكل مكثف خلال الأعوام الماضية واتجهوا نحو المدن للبحث عن العمل والحياة بعد أن فقدوها وسط الجفاف.
بينما قاطع خميس عبد الحليم حسين، أحد المزارعين، زيارة الوفد المخصصة لتفقد مشروعات تطوير الرى بأحدى قرى المحافظة، قائلا: "لا نزرع أراضينا التى نشأت فيها منذ أكثر من 15 عاما خلال موسم الزراعة الصيفى، وفى الشتاء لا نزرع إلا ثلث مساحة الأرض التى نملكها بالقمح، الذى تراجعت إنتاجيته إلى الربع بسبب النقص الشديد للمياه المخلوطة أيضا بمياه الصرف الزراعى والصحى".
وتابع: "أبناؤنا هجروا القرى وتوجهوا للعمل فى المدن كحراس للعقارات، وفى أعمال البناء بحثًا عن الحياة التى اختفت من المنطقة".
المزارعون عن سد النهضة: سيقضى على آمالنا الباقية فى الحياة
وعن سؤال للوفد الصحفى عن توقعاتهم لمستقبلهم فى حال بناء سد النهضة دون توافق الدول الثلاث، قالوا: "سيقضى على آمالنا الباقية فى الحياة، ولا نعرف ماذا ستفعل وقتها؟ فنحن الآن فى وضع سئ بشكل كبير؟".
من جانبه، أوضح المهندس علاء عبد السلام، وكيل وزارة الرى بالمحافظة، خلال الجولة أنه يتم حاليًا استخدام أصناف محاصيل زراعية غير شرهة للمياه توفر حوالى 15% من استهلاك المياه الحالى، بالإضافة لاستخدام نظم الرى الحديثة، محذرا من أن مصر تعانى من فقر مائى شديد، حيث تصل الاحتياجات المائية الحالية إلى أكثر من 114 مليار متر مكعب منها 55.5 مليار من مياه النيل، و24 مليارا من إعادة الاستخدام أربع مرات وأكثر ويتم سد الفجوة المائية من خلال استيراد المواد الغذائية والمحاصيل الاستراتيجية.
الفقر المائى
ويشير المهندس محمد مختار، مدير عام تطوير الرى بالفيوم، أن مصر اضطرت إلى خفض مساحات الأرز المنزرعة بالمحافظات 300 ألف فدان لتصل المساحة المنزرعة إلى 700 ألف فدان هذا العام، وتغليظ العقوبات التى تصل للغرامة والحبس والإزالة بسبب الاحتياجات المائية المتزايدة، ووصول مصر لمستوى الفقر المائى وفى نفس الوقت ضرورة ضمان استمرار إمدادات مياه الشرب والأغراض التنموية الأخرى، مشيرًا إلى بوار حوالى 160 ألف فدان من إجمالى المساحة المقررة للفيوم.
وأضاف محمد مختار: إننا نضطر إلى إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى لأكثر من 3 مرات لتوفير مياه الرى للمزارعين مع الأخذ فى الاعتبار التأكد من قابليتها للخلط مع مياه النيل دون تلوث، لافتا إلى أن الوفد قام بزيارة عدة مواقع للتعرف على تجربة مصر فى مواجهة العجز المائى المتزايد.
ومن ناحية أخرى، حرص الدكتور إبراهيم محمود، رئيس قطاع تطوير الرى على عقد لقاء موسع مع الوفد لعرض خطة الوزارة من خلال القطاع للتوسع فى تطوير نظم الرى بالفيوم فى مساحة تصل نحو 50 ألف فدان بالتعاون مع بنك التنمية الأفريقى، وفى نفس الوقت التوسع فى إنشاء روابط مستخدمى المياه ليكونوا شركاء فى إدارة وصيانة منظومة المياه وضمان وصولها للمحاصيل فى الوقت وبالكمية المناسبة.
وأشار إلى وجود خطوات جادة لتحويل نظم الرى التقليدية ببعض المناطق بالمحافظة إلى الرى الحديث باستخدام الصندوق الدوار التابع للقطاع، والذى يسمح بإعادة التكاليف التى تحملتها الدولة فى مشروعات التطوير السابقة لاستكمال خطط التطوير.
بوار الأراضى الزراعية
بينما أشار بعض الإعلاميين المشاركين فوجئوا عندما اكتشفوا حجم بوار الأراضى الزراعية نتيجة نقص المياه بسبب الزيادة السكانية وتزايد الاحتياجات، متسائلين: "كيف تحل مصر هذه الأزمة؟".
وأكدوا أن التعاون بين دولهم هو السبيل الوحيد لمواجهة العجز المائى بمصر خاصة وأنهم رصدوا على الطبيعة أن معظم مساحه مصر صحراوية، كما تسألوا خلال الجولة عن إمكانية تقديم مصر لخبراتها الفنية فى مجال إدارة المياه لبلادهم، حيث أكد مسئولو الرى أن الوزارة قدمت ومستعدة لتقديم كافة أشكال الدعم لأشقائها من دول الحوض فى أشارة منهم لمشروعات التعاون الثنائى التى تقوم بها مصر فى بعض دول الحوض.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة