ربما نظام التعليم الجديد الذى يتبناه الوزير طارق شوقى، هو الأهم فى كل خطوات الإصلاح الحقيقية بملف التعليم طوال السنوات الماضية، لم يجلس على كرسى الوزارة رجل بأحلام وطموحات وأفكار طارق شوقى، قبل ذلك كانت الأفكار محدودة تتمحور حول إلغاء السنة السادسة بالابتدائى أو اقتصار الشهادة الثانوية على مجموع السنة الثالثة، وحتى هذه الأفكار أحدثت قلقًا واسعًا فى الشارع المصرى وداخل كل أسرة، ما ترتب عليه فيما بعد ارتفاع نفقات التعليم على كاهل الأب والأم من دروس خصوصية وكتب خارجية ونماذج امتحانات.
وبناءً عليه، فما يفعله طارق شوقى، وصفه الحقيقى هو خطوة نحو إصلاح ملف التعليم، لو نجحت سيدخل التاريخ من أوسع أبوابه ولو فشلت، سيكتب اسمه أيضًا فى التاريخ ضمن من لعبوا بمستقبل أولادنا، وبالتالى لابد من التعاطى مع ما يطرحه الوزير بجانب من التفصيل بداية من الفلسفة العامة والمناهج الدراسية ومصاريف مدارس، وأسلوب الامتحانات، حتى نصل للسؤال الأهم بعد تطبيق هذا النظام، هل سنكون أمام تلميذ بمدارك أوسع وإطلاع أكبر ومنهج تفكير مختلف ونظرة أكثر اتساعًا للحياة أم لا؟
الحقيقة أن وزير التعليم محترف فى الحديث عن فلسلفة المشروع، سواء فى الأفكار العامة أو الأهداف المرجوة منه أو رحلة الطالب بالسنوات الدراسية المختلفة، لكنه يفتقد الإقناع الجيد فى التفاصيل الفنية المتعلقة بالمشروع والتى تهم كل أسرة مصرية، وتشغل بال كل أولادنا فى المراحل المختلفة، وهو ما ترتب عليه أن وقع الوزير فى فخ الأسئلة الحرجة، فواجه فى الأيام الأولى لظهور المشروع مصطلحًا جديدًا، وهو «التعريب» الذى أثار قلقًا واسعًا فى الشارع، فضلًا عن أن المشروع خرج للرأى العام دون آلية إعلامية واضحة تروج له وتدعمه، باعتباره مشروعًا قوميًا للدولة لا مشروع طارق شوقى بمفرده، خاصة أن هناك فريقًا كبيرًا من المتخصصين بالتعليم عكفوا لأيام طويلة لإخراج هذا المشروع.
الجانب الأكبر أن الوزير طارق شوقى، تعامل فى طرح المشروع بكل براءة، وكأن كل كلمة سيقولها سيتقبلها الشعب المصرى منه كما هى دون أى جدال أو نقاش، متجاهلًا أن لكل أب وأم استفسارات جادة عن مستقبل أولادهم ومتجاهلًا فى المقام الأساسى أن هناك «لوبى» من أصحاب المصالح سيقفون ضد المشروع لعرقلته وعدم تنفيذه فعليًا على شاكلة أصحاب المطابع ومدرسى الدروس الخصوصية وأصحاب الكتب الخارجية وهم كثيرون ويعيشون بيننا.
لمصر لا لوزير التعليم، بعد قراءة أولية لمشروع التعليم الجديد، ما يفعله الوزير مسار جديد للتعليم فى مصر ينقل عقول أبنائنا إلى منطقة جديدة من التفكير والفهم والوعى والإدراك، ولكن وزير التعليم وحده لا يكفى لترويج هذا المشروع وتقديمه لكل أسرة مصرية، ليس من إمكانياته الحديث للإعلام أو حتى للمواطن العادى، هو لا يحترف الإقناع وليس عيبًا فيه لأنه يحترف مهامًا أخرى كالتى وصل إليها فى صياغة مشروع تعليمى جيد، وللأمانة يلعب المكتب الإعلامى بالوزارة دورًا جيدًا فى محاولة الترويج للمشروع، ولكنه أيضًا لا يكفى وحده، هذا المشروع ليس مشروع طارق شوقى، ولا مشروع وزارة التربية والتعليم، إنما هو مشروع قومى ينشغل بكل تفاصيله الصغير قبل الكبير، وجانب مهم من استقبال المواطنين له هو مدى الشعور الذى يصل إليهم بالأمان مع هذا المشروع الجديد.. وللأسف الوزير طارق شوقى لم ينجح حتى الآن فى توصيل شعور الأمان لكل أب وأم.
نداء إلى مؤسسات الدولة وصناع القرار، لا تتركوا طارق شوقى وحده فى هذه المعركة، المعركة الحق، لن يصمد وحده.. دعموه ودعموا مشروع التعليم.. لمصر لا لوزير التعليم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة