حكومة معادية لأوروبا
الانتخابات الإيطالية جاءت بعد مشاروات وخلافات طويلة رست في النهاية على ائتلاف بين "رابطة الشمال" الانفصالية و حركة "النجوم الخمسة" المحافظة، وكانت الحكومة المختارة برئاسة جوزيبي كونتي الذي تفاخر بأنه "شعبوي" لا يحب تدخل الاتحاد الأوروبي في شؤون بلاده، ولا أن تكون القوانين الأوروبية فوق القوانين الإيطالية.. واختارت الحكومة تسمية وزير مالية يعد عدوا صريحا لفكرة اليورو وهو باولو سافونا.
عندها استغل الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا المؤيد لأوروبا الأسماء المطروحة ليرفض تعيين سافونا مما أوقف تعيين الحكومة كلها وجعل حجته أنه أوقف تعيين شخص واحد خوفا على الأمان الاقتصادي في أحضان اليورو.. لكن أنصار رابطة الشمال والنجوم الخمسة اتهموا رئيس البلاد بعرقلة الديموقراطية، وأعلن عدد من نواب الحركتين عن دعوات للتصويت سحب الثقة من ماتاريلا تمهيدا لعزله.
لم تصل الأمور عند هذا الحد حيث تم التوصل لاتفاق تعيين الحكومة كما اختارها الائتلاف مقابل عدم تعيين سافونا وتولية جيوفاني تريا "المستقل" وزيرا للمالية. وربما تكون الأزمة داخل إيطاليا تم حلها بهذا الشكل لكن مع أوروبا فإن الأمر في طريقه ليصبح أسوأ بكثير.
أشباح اليونان
في 2015 كان هناك كاريكاتير يصور دول الاتحاد الأوروبي وهي تركض لتنقذ اليونان من الانهيار بينما تتناسى أزمة مماثلة تتشكل في إيطاليا.. هذه الأزمة هي أيضا أزمة ديون والمتحكم فيها أيضا سيكون ألمانيا.
وكالة "رويترز" كانت نشرت على لسان وزير المالية الألماني أولاف شولز "إيطاليا عليها أن تحل مشكلة ديونها بنفسها .. لقد تمكنت في الماضي من تقليل حجم الديون ويمكنها أن تفعل هذا مجددا"، وأضاف "على كل دولة أوروبية أن تتحمل مسؤولية مشاكلها بنفسها".
إيطاليا مثل اليونان تعاني أزمة ديون كان أخر انخفاض لها عام 2007 وكانت النسبة وقتها 99.8% من الناتج المحلي.. بينما في 2016 وصل حجم الديون 132% من الناتج المحلي.
بينما اليونان في نفس الفترة كانت ديونها 103.1% من الناتج المحلي في 2007 وتفاقمت في 2016 لتبلغ 180.8% حيث البلاد على شفا الإفلاس رغم حزمة المساعدات المالية الأوروبية والتي هي بالأساس من أموال ألمانيا الزعيم الفعلي للاتحاد الأوروبي.
جوزيبي كونتي
لكن ما يجعل أزمة إيطاليا أخطر، هو أن حكومتها أعلنت بوضوح على لسان رئيسها زيادة الانفاق في التأمينات والمساعدات الاجتماعية، وعدم فرض تقشف على الشعب الإيطالي، بالتزامن مع تقليل الدولة لأعداد المهاجرين الذين تستقبلهم.
وعود يحب الشعب الإيطالي سماعها بل كانت السبب في انتخاب هذه الحكومة في الأساس.. لكن هذه الوعود تعني باختصار إلقاء سياسات الاتحاد الأوروبي خارج النافذة.. حيث ترى الحكومة الإيطالية أن الاتحاد الأوروبي لم يفي بالتزاماته معها ويرسل لها مساعدات إعانة اللاجئين والمهاجرين الذين استقبلتهم كما تم الاتفاق عليه. ومع حجم الديون المتراكم ترى روما أنه من الأفضل إنفاق المال على الشعب الإيطالي نفسه وأن تتحمل أوروبا عبء اللاجئين.
الاتحاد الأوروبي حائط صد
المفوضية الأوروبية يسيطر عليها تجاه قوي لمعاقبة إيطاليا وعدم تقديم مساعدات لها وربما أيضا تأخير المساعدات الخاصة ببرنامج استقبال اللاجئين.. كذلك تقول وكالة "بلومبرج"، إن المفوضية الأوروبية ترغب أيضا في رفض أي اقتراح لإصلاح الاتحاد الأوروبي تتقدم به إيطاليا.
وهو ما يعني أن إيطاليا سيتم التعامل معها كدولة منبوذة مثل بريطانيا.
<img class="irc_mi" src="https://metrouk2.files. wordpress.com/2016/12/theresa. gif" alt="Image result for theresa may eu" onload="typeof google==='object'&& google.aft&&google. aft(this)" width="440" height="248" >
وذلك حتى الخضوع التام للقرارات الأوروبية فيما يتعلق بالتقشف واللاجئين مثل اليونان.
لكن الملياردير جورج سورس، والذي يعد من أشهر الشركاء الاقتصاديين للاتحاد الأوروبي، حذر من أن معاقبة إيطاليا قد ترتد في وجه أوروبا.. وقال: "تاريخيا الإيطاليين كانوا يثقون بأوروبا أكثر من حكوماتهم التي يرونها فاسدة، ويعتبرون أوروبا أداة رقابة جيدة على أداء الحكومات.. لكن الغضب الإيطالي الأن ليس ضد العولمة ولا أوروبا نفسها فلا أحد اشتكى من الشركات الصينية، ولكن انتخاب النجوم الخمسة ورابطة الشمال جاء بسبب الغضب من الأزمة الاقتصادية التي لا يوجد حل لها مع ارتفاع أسعار المنازل والعقارات والظروف المعيشية التي تسوء بسبب التقشف" وأضاف سوروس "لو عاقب الاتحاد الأوروبي الشعب الإيطالي بسبب حكومته فإنه سيكون حفر قبره لأن الإيطاليين قد يردون بإعادة انتخاب النجوم الخمسة ورابطة الشمال مجددا في المستقبل وربما يسيرون في تجاه استفتاء خروج من الاتحاد الأوروبي" مثل بريطانيا تماما.
كاريكاتير أزمة إيطاليا
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة