أكرم القصاص

الماركسية والرأسمالية فى صين القرن الواحد والعشرين!

الأحد، 10 يونيو 2018 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بينما تغزو الصين العالم بصادراتها، وتحتل مقدمة دول العشرين الأكثر إنتاجًا والأكبر دخلًا، تظل الجمهورية الصينية متمسكة بأفكار كارل ماركس وماو تسى تونج عن الشيوعية والاشتراكية المنفتحة، وفى مدينة شنشن الصينية عقدت يوم 28 مايو الماضى ندوة حضرها زعماء وممثلون عن 70 حزبًا شيوعيًا واشتراكيًا من 50 دولة، بينهم 20 من ممثلى الأحزاب العربية.. المناسبة كانت الاحتفال بالذكرى الـ200 لميلاد كارل ماركس، مؤسس المادية الجدلية، و140 عامًا على صدور البيان الشيوعى 1848، و40 عامًا على تجربة الإصلاح والانفتاح فى الصين عام 1978، والتى كانت بداية ما سمى بالمعجزة الصينية.
 
جمعت الصين ممثلى الأحزاب الاشتراكية للجدل حول «الماركسية فى القرن الـ21.. ومستقبل الاشتراكية»، والتقى هيوانج من مينج، عضو المكتب السياسى، سكرتير اللجنة المركزية بالحزب الشيوعى الصينى، وفدًا من رؤساء الأحزاب الشيوعية الاشتراكية، وأكد لهم «أهمية النظرية الماركسية، والتمسك الحازم بها من الحزب الشيوعى الصينى».
الصين تتمسك بماركس، وتحاول الإجابة عن أسئلة مطروحة حول علاقة الصين المنافسة، التى تخوض منافسة مع الدول الرأسمالية بتعاليم وأفكار كارل ماركس، والتى توقعت صعود الشيوعية وزوال الرأسمالية بقيام دولة البروليتاريا.
 
قامت التجارب الشيوعية الكبرى فى العالم، وأهمها كانت التجربة السوفيتية التى بدأت مع ثورة أكتوبر 1917، بناء على الماركسية اللينينية، مقابل التجربة الصينية التى طور فيها ماو تسى تونج أفكار ماركس واختلف عن السوفيت بالدفع نحو تحالف العمال والفلاحين، وقاد ماو الثورة الصينية، التى انتصرت 1949-1950 ليبدأ بناء التجربة الشيوعية الصينية التى اختلفت مع التجربة الستالينية.
 
بعد 70 عامًا انهارت التجربة الشيوعية السوفيتية، وصمدت التجربة الصينية التى سارعت منذ السبعينيات للانفتاح اقتصاديًا لتصبح منافسًا اقتصاديًا للولايات المتحدة والدول الرأسمالية، متمسكة بالنظرية الماركسية وأفكار ماو تسى تونج.
 
واجهت تجربة ماو تعثرات فى الصناعة والزراعة، والثورة الثقافية التى ماتزال تثير جدلًا فى الصين وخارجها حول تأثيراتها السياسية والاقتصادية، لكن الحزب الشيوعى الصينى بعد ماو انفتح على العالم، ودعم الإنتاج الواسع بشكل رأسمالى، وتحركت الشركات الصينية إلى خارج سور الصين لتغزو المنتجات والخبرات الصينية العالم بأركانه الأربعة.
وبينما خرجت الدول الشيوعية والاشتراكية التى دارت فى الفلك السوفيتى من السباق إلى المعسكر الرأسمالى، بقيت الصين التى تضم ما يقرب من %18.5 من سكان العالم ضمن مجموعة العشرين التى تستحوذ على ثلثى التجارة العالمية، أكبر دولة مصدّرة فى العالم، بناتج إجمالى 19.39 تريليون دولار عام 2015.
 
هنا تظهر المفارقة أن تتصدر الصين الاقتصاد العالمى الرأسمالى، وتتفوق فى صراع العولمة، وتبقى وسط أنواء اقتلعت الاقتصادات والدول الشيوعية، نهاية الأيديولوجيات، وتتمسك الصين بأيديولوجيات القرن العشرين الماركسية التى أسسها كارل ماركس وماو.
ويبقى السؤال الذى طرحه المشاركون فى احتفالات ماركس عن علاقة التفوق الصينى بأفكار ماركس، وما إذا كانت أفكاره ونظرياته عن فائض القيمة والإمبريالية تتماشى مع الصين المنفتحة والمنافسة مع الولايات المتحدة الأمريكية، زعيمة المعسكر الرأسمالى، التى تبدى قلقًا متزايدًا من المنافسة الصينية غير المتكافئة تجاريًا، وما إذا كان المؤتمر الأخير فى الصين يؤكد تفرد التجربة الصينية، بينما تفككت وتحللت التجارب الأخرى فى الدول التى سافر ممثلو أحزابها الاشتراكية بحثًا عن إجابة فى الصين عن العلاقة بين ماركس وماو الشيوعيين بالصين التى تنافس الرأسماليات العالمية.
 
وهل تحتاج الدول والتجارب إلى أيديولوجيات تحافظ على الاقتصاد والمجتمع فى عالم تحكمه المصالح، ويحركه الاقتصاد؟






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة