مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية فى 24 يونيو المقبل، يحمل ملف الاقتصاد أهمية كبرى فى حسم السباق، الذى إذا نجح فيه الرئيس التركى أردوغان، سيحصل على سلطات واسعة تزيد من إحكام قبضته على الحكم.
ورغم فرص أردوغان القوية فى الفوز بالانتخابات المقبلة والتى يجريها قبل موعدها بعام ونصف العام، إلا أن تراجع الليرة وارتفاع نسبة التضخم يفرضون تحديات كبيرة عليه لاسيما وأنها تمس قطاعات يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على السباق، وهى قطاع المستثمرين وفئة الشباب.
وألقت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية الضوء على الوضع الاقتصادى التركى قبل أيام من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فى 24 يونيو الجارى، وقالت تحت عنوان "ارتفاع معدل التضخم يفرض تحديا على أردوغان مع اقتراب الانتخابات"مشيرة إلى أنه رغم تمتع الليرة التركية بفترة من الهدوء النسبى خلال الأسبوعين الماضيين بعدما ساعد رفع أسعار الفائدة وتصريحات كبار المسئولين فى تهدئة المخاوف بعد لعبة مطولة بين أردوغان وبين المستثمرين الدوليين الذين قادوا العملة إلى أدنى مستوى لها، إلا أن المشكلات لم تنته.
وأظهرت الأرقام الصادرة الأسبوع الماضى ارتفاعا حادا فى التضخم، وكاستجابة لذلك، زادت قوة الليرة فى الوقت الذى تراهن فيه الأسواق على أن البنك المركزى التركى لن يبقى أمامه خيار سوى رفع أسعار الفائدة مرة أخرى عندما يجتمع يوم الخميس. ورفع البنك المركزى سعر الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس ليصل إلى 16.5 % فى 23 مايو.
بالإضافة إلى معدل التضخم السنوى للمستهلك الذى بلغ 12.2% فى مايو، بزيادة 1.3% عن الشهر السابق، تتصارع البلاد أيضاً مع عجز كبير فى الحساب الجارى وأعباء ديون الشركات.
وأوضحت الصحيفة أن الفوضى التى شهدتها تركيا الأسابيع الأخيرة بسبب تراجع قيمة الليرة وقعت قبل وقت قصير من الانتخابات، مشيرة إلى أن فوز أردوغان فى هذه الانتخابات من شأنه أن يمهد الطريق لبقائه فى السلطة لسنوات مقبلة وأن يرسخ لحلمه بأن يصبح أهم زعيما فى تاريخ تركيا الحديث بعد مؤسسها مصطفى كمال أتاتورك.
ويساعد ذلك في تفسير سبب مقاومة الرئيس التركى أكثر من أى وقت مضى لرفع سعر الفائدة المطلوب لخفض التضخم ودعم الليرة لأن ذلك من شأنه أيضا أن يزيد من تكلفة مدفوعات الرهون العقارية وفواتير بطاقات الائتمان قبل أسابيع قليلة من الانتخابات.
ودفع هذا المزيج المتقلب من الشعوبية الانتخابية وارتفاع الدولار تركيا إلى حافة أزمة تتعلق بالعملة، أزمة على رأسها زعيم لديه هوس النمو ولطالما رفض رفع الفائدة باعتبارها كوسيلة لجعل "الأغنياء الأغنياء والفقراء أكثر فقرا".
وقبل أن يضطر فى النهاية إلى الموافقة على رفع المعدل، ادعى أردوغان أن "أعداء تركيا" كانوا وراء المضاربين فى العملات وما يسميه "لوبى سعر الفائدة".
ومن ناحية أخرى، قالت صحيفة "التايمز" البريطانية فى تقرير سابق لها يحمل عنوان "الشباب التركى سيقف ضد سقوط أردوغان نحو الاستبداد"، إنه رغم فرصة الرئيس رجب طيب أردوغان الكبيرة، إلا أن فئة الشباب ستكون حاسمة فى السباق، بسبب الظروف الاقتصادية وارتفاع نسبة البطال.
ويخلص التقرير إلى أن تصويت الشباب التركى سيكون حاسما فى هذا الانتخابات مع وجود نحو 1.5 مليون ناخب شاب من المتوقع أن يدلون بأصواتهم لأول مرة فى 24 من يونيو ، لاسيما وأن نسبة البطالة بين الشباب تفوق الـ20% ويضطر العشرات من الشباب المتعلم إلى الهجرة من بلادهم بحثا عن العمل فى الخارج، بحسب التقرير.
ونقلت الصحيفة عن يغيت كان كاران، طالب كلية الحقوق بجامعة مرمرة فى اسطنبول قوله إنه لا يستطيع تذكر رئيس لبلاده سوى أردوغان، ومع ذلك فهو لديه أمل فى المستقبل موضحا "حلمى كان أن أصبح محامى تجارى، ولكن هذا العام أدركت أننى أرغب فى أن أكون محامى حقوقى، الوضع صعب ولكن يمكننا تغييره بعدما يطور أردوغان نظامنا القانونى من الداخل".
وأوضحت الصحيفة أن الانتخابات البرلمانية والرئاسية ، ستؤدى إلى إصلاحات دستورية تتخلص من نظام الديمقراطية البرلمانية الذى خلفه كمال أتاتورك ، الأب المؤسس لتركيا، منذ قرن تقريبًا.
وتتجه تركيا بدلا من ذلك إلى أن تُحكم عبر رئيس يمتلك صلاحيات تنفيذية واسعة وله وحده سلطة تصديق القوانين وانتقاء مجلس الوزراء وحل البرلمان.
ويقول التقرير، الذى نقل موقع بى بى سى عربى أجزاء منه، إن هذا النظام الجديد من بناة أفكار الرئيس التركى أردوغان، ويخشى معارضوه من أنه قد يستخدمه لتعزيز "نزعته التسلطية المطردة".
ويشير التقرير إلى أن كل المرشحين الأساسيين الثلاثة للرئاسة ضد أردوغان، وهم محرم اينجه والقومية العلمانية ميرال اكشينار، والمرشح الكردى صلاح الدين دميرتاش، تعهدوا بإلغاء نظام الحكم الرئاسى وصياغة دستور جديد يعتمد من جديد النظام البرلمانى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة