قال طارق عامر محافظ البنك المركزى، خلال مشاركته فى الاجتماعات السنوية البنك الإفريقى للتنمية، إننى أتيت إلى هذه الاجتماعات بإصرار على النجاح، حاملًا رسالة من حكومتنا وأخرى من رئيس جمهورية مصر العربية بأنه ينبغى علينا أن نتخذ خطوات جادة من أجل تضافر جهودنا كمؤسسات تمويل وسلطات رقابية لدفع بلداننا لتحقيق مزيد من التقدم وتعزيز أواصر التعاون فيما بيننا، وأكد على استعداد مصر لنقل خبراتها فى الاصلاح الاقتصادى لدول افريقيا.
وأضاف فى كلمة له خلال مشاركته بالفعاليات، أن ما نحتاجه فى إفريقيا هو المزيد من الانضباط وتعزيز القدرة على تقديم الخدمات عالية الجودة على مستوى الحكومات، نظراً لأن الحكومات هى التى تخلق البيئة المواتية للنمو وفرص العمل والاستثمار، لذا فمن المهم والضرورى تطبيق الحوكمة الرشيدة فى المؤسسات الحكومية، والتى ستساعدنا على التصدى للفساد بكل ما يسببه من أضرارًا بالغة ليس فقط لأنه يؤدى إلى إهدار المال ولكنه لأنه أيضا يعوق التقدم والتنمية ويفسد بيئة الاستثمار.
وشدد على أن الإصلاح الهيكلى وحوكمة مؤسساتنا الحكومية قد أصبح أمرًا واجبًا وحتميًا، وقال: وهو ما نعمل على تحقيقه الآن فى مصر، بعد أن قمنا بتنفيذ برامج الإصلاح النقدى وضبط أوضاع المالية العامة، فنحن لدينا الموارد ولكننا نحتاج إلى خلق بيئة يمكن من خلالها لخبراء الحكومة والتكنوقراطيين أن يعملوا بدون أن يواجهوا مقاومة، فمن الطبيعى عندما تحارب الفساد أن يقاومك، ومن هنا، فإننا نريد أن نخلق بيئة تمكن الخبراء من العمل والإنتاج بدون مقاومة، الأمر الأخر، هو أننا نريد أن نمد أسواقنا ومستثمرينا بالعمالة المدربة، فالعمالة المدربة أمرًا بالغ الأهمية، ومن ثم فإنه يتعين علينا أن نركز على تنمية الموارد البشرية. لقد كان تركيزنا منصبًا على الأدوات، والآلات والمعدات.
وأضاف أنه من المهم جدًا أن نوجه تركيزنا على تنمية شبابنا الموهوبين من مهندسين، وفيزيائيين وغيرهم الذين يمكنهم أن يحققوا قيمة مضافة لمجتمعاتنا، وأن يقدموا تكنولوجيا ذات صبغة محلية خاصة بنا، فيجب أن نستثمر فى إجراء الأبحاث وتطوير مهارات هؤلاء الشباب من أجل النهوض بالصناعات الخاصة، كما لا بد أن يكون هناك أيضا ضوابط رقابية جيدة تتيح مراقبة القطاع الخاص والأسواق وتمنع حدوث الانتهاكات،
وقال: نحن فى مصر نؤمن أن الدول الإفريقية يمكنها أن تستفيد من بعضها البعض وكننا نحتاج إلى أن يكون لدينا مزيداً من الإيمان والثقة، وأن نتعاون سويا، ونعمل على فتح طرق التجارة بين الدول الإفريقية، وذلك من خلال الاستثمار فى البنية التحتية ومرافق النقل والمواصلات، حتى يمكن نقل السلع والخدمات عبر أسواقنا بتكلفة معقولة. فنحن بحاجة إلى أن نركز على عدد قليل ومشترك من القضايا وأعتقد أيضًا أننا نملك الموارد المالية اللازمة للنجاح فى هذه القضايا. وأتمنى أن أرى ذلك يتحقق على أرض الواقع يوم ما، لأننى أعتقد أن هذه ربما تكون أحد فرصنا المميزة ، فنحن لا نملك رفاهية الوقت، والعالم يتطور من حولنا بسرعة كبيرة، لذا، آن لنا أن نتحرك، وإننى آمل أن تقوم السلطات فى كل دولة بدعم وتمكين صانعى السياسات على الصعيد الاقتصادي، فهذا أمر مهم جدا، بحيث يكون لديهم الصلاحيات والسلطات اللازمة للاضطلاع بمسئولياتهم، وتحديد هذه المسئوليات بوضوح، حتى يمكننا أن نمضى قدمًا، فبدون التمكين، وبدون إرادة سياسية لا يمكنا أن نمضى قداً ونحقق آمال وطموحات شعوب قارتنا.
وأشار إلى أن التكنولوجيا المالية على وجه الخصوص هى أمر شديد الأهمية، وأعتقد أنها عنصراً أساسياً ومهماً فى تطلعاتنا نحو تحقيق الشمول المالي، وأننا فى مصر وفى البنك المركزى المصرى مستعدون الآن لأن ننطلق بقوة فى هذا الاتجاه، فالشمول المالى والتكنولوجيا المالية أصبحا يستحوذان على جانب كبير من اهتمام وفكر قيادات البنك المركزى والحكومة، حيث أننا نؤمن بأنه فى مقدرونا الوصول إلى كافة طوائف المجتمع المختلفة التى المحرومة من الخدمات التمويلية، إن الوصول إلى التمويل الذى يمكن أن يخلق التنمية وبتكلفة رخيصة هو أمر هام جدا، كما أن تحسين الوساطة المالية أمر هام أيضا.
وقال لقد اتخذنا خطوات إيجابية لمعالجة الاختلالات على مستوى الاقتصاد الكلى فى مصر، وتحسنت مؤشرات أدائنا الاقتصادى على نحو فاق التوقعات وشجع صانعى السياسات فى مصر على اتخاذ المزيد من الخطوات الإصلاحية، واعتقد أن رئيس الجمهورية قد أظهر بالفعل شجاعة كبيرة فى مواجهة المشكلات والتصدى لها، وإعطائنا الدعم والتأييد اللازمين لاتخاذ القرارات الصعبة، وقد كان قرار تحرير سعر الصرف أحد القرارات الاقتصادية العظيمة التى اتخذت، حيث أدى إلى تحسن الحساب الجارى فى مصر بنحو 64% فى عام واحد، وارتفع صافى الاحتياطيات الدولية ليغطى 9 أشهر من الواردات، بعد أن كاد أن يُستنزف بالكامل، وانخفض معدل البطالة بنسبة 3%، كما تراجع التضخم من 33% إلى 13%، وهذه المؤشرات تؤكد الأداء القوى للاقتصاد حيث حقق معدل النمو الاقتصادى 5.3% خلال الربع الأخير.
وأضاف: نحن نؤمن بقارتنا وبإمكانياتها، ودائما ما أقول بأننا فى مصر لا يمكن أن نستمر فى استيراد المواد الغذائية من خارج إفريقيا، بينما يمكن أن تمدنا إفريقيا بكثير من احتياجاتنا من الغذاء، وأعتقد أن رجال الاقتصاد ومؤسسات التمويل يمكنهم فعل الكثير لحل العديد من مشاكل إفريقيا، وليس فقط رجال السياسة، فبجانب رجال السياسة لا بد من تمكين رجال الاقتصاد ومؤسسات التمويل وصانعى السياسات والبنوك المركزية ووزارات المالية ويجب أن نمنحهم السلطات والصلاحيات التى تمكنهم من إبرام العقود والاتفاقيات وتعزيز التعاون بين الدول الإفريقية، فنحن مهتمون للغاية بهذا الأمر ونبذل فيه جهودًا كبيرة، ونحن على ثقة بأن يوماً ما سوف نرى نوعاً جديداً ومختلفاً من العمل والتعاون على المستوى الإفريقى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة