"أيوب" و"ضد مجهول" يحققان مقولة "الفن رسالة سامية"

الثلاثاء، 12 يونيو 2018 10:00 ص
"أيوب" و"ضد مجهول" يحققان مقولة "الفن رسالة سامية" مصطفي شعبان وغادة عبد الرازق
كتب : جمال عبد الناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لو كان الهدف من الفن هو الترفيه ومتعة المشاهدة والترويح عن النفس فقط فهذا معناه أننا نلغى الهدف الأسمى للفن وهو التأثير، فالفن فعليا رسالة لها أثر عميق على النفس ولها مغزى فى الحياة ومن وحى مسلسلات رمضان سنجد أن من أكثر المسلسلات التى تطبق رسالة الفن السامية مسلسل "أيوب" للنجم مصطفى شعبان ومسلسل "ضد مجهول" للنجمة غادة عبد الرازق.

فالعمل الأول يحمل الكثير من الرسائل المهمة وخرجت من خلاله مبادرة خيرية لحل مشاكل "الغارمين" ومن هم الغارمون هم أحد أفرع الزكاة فى الإسلام مصداقا لقوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.

مسلسل "أيوب" للنجم مصطفى شعبان حقق المعادلة الصعبة بتحقيق المتعة والترفيه للمشاهد من خلال أحداثه وفى نفس الوقت التاثير عليه برسائل مختلفة ليكون ذلك المسلسل هو النموذج الأمثل لمقولة "الفن رسالة سامية" فهو بجانب تعرضه لمشكلة الغارمين يحمل عظات وحكم حياتية كثيرة من خلال ما يتعرض له البطل قبل دخوله السجن وأثناء دخوله وكيف استفاد من تجربته داخله وحتى بعد خروجه.

مسلسل "أيوب" عمل فنى متكامل، تكاملت فيه كل العناصر لصناعة مسلسل ناجح فالسيناريو والحوار صاغه محمد سيد بشير بذكاء شديد واعتمد علي المفاجآت تلو المفاجآت في كل حلقة بل داخل الحلقة الواحدة نجده يفجر أكثر من مفاجأة واستخدم جملا حوارية مؤثرة يخرج المشاهد بعد انتهاء الحلقة وتظل عالقة في ذهنه فرشاقة الحوار ومناسبته وتطابق مفرداته مع ثقافة الشخصية الناطق وبيئتها له كان ايضا أحد عوامل نجاح العمل واستطاع بشير تطبيق القاعدة الأساسية لأي سيناريو جيد وهي 5 أسئلة :  من، ما الحدث، متى، أين، لماذا وكيف.

وفيما يخص الإخراج سنجد أن المخرج أحمد صالح استطاع أن يصنع صورة سينمائية داخل عمل تليفزيونى ولديه رؤية في الكادر واختيار زوايا التصوير، فكل خطوة لديه فى صناعة المسلسل مدروسة ولا تحتمل الارتجال ومن عناصر نجاح "أيوب" تتابع المشاهد ونسج إيقاع للعمل يلهث وراءه المشاهد وبالتالى لا يشعر مطلقا بالملل.

وهكذا نجد أن مسلسل "أيوب" نموذجا مثاليا وجيدا للعمل المتكامل فنيا الذى يحمل رسالة سامية ويرتقى بالمجتمع وينهض به لترقى أخلاقياته وسلوكياته من خلال ما قدمه من رسائل بعضها مباشر وبعضها غير مباشر. 

أما مسلسل النجمة غادة عبد الرازق "ضد مجهول" فيتناول قضية مهمة جدا، فجرائم مجهولة كثيرة شهدتها مصر في الفترة الأخيرة وعجزت أجهزة الأمن عن كشف هوية مرتكبيها لعدم توافر أى دليل يقود إلى شخصيتهم، وهو ما يثير التساؤل حول مصير تلك الجرائم وهل يتم تقييدها ضد مجهول وحفظ التحقيق بها من عدمه، والنجمة غادة عبد الرازق فى "ضد مجهول" تتناول ذلك فهل تنجح فى تغيير القوانين أو حتي إعادة النظر فى تلك المسألة من قبل المشرعين أو المعنيين بالقوانين، خاصة أن هناك كما كبيرا من الجرائم يكون معروف مرتكبيها ولكن لا توجد أدلة قاطعة ضدهم وبالتالى يفلتون من العقاب، رغم أنه "لا توجد جريمة كاملة"، وهذا ما تؤكده نظرية "علم الإجرام"، ولكن هناك جرائم قتل اخترقت تلك النظرية وقيدت ضد مجهول ومرت سنوات على ارتكابها ولم يستدل على الجاني وبالتالى تم حفظها.

تاريخ السينما يثبت أن هناك نجوما كثيرة من قبل تناولوا قضايا واستجاب لهم المشرعون وغيروا فى القوانين فالنجم الراحل فريد شوقى حينما تناول قضية "السابقة الأولى" فى فيلمه "جعلونى مجرما" صدر قانون وقتها ينص على الإعفاء من السابقة الأولى فى الصحيفة الجنائية حتى يتمكن المخطئ من بدء حياة جديدة، وفى فيلمه "كلمة شرف" غير قانون السجون وتسبب بعد عرضه بالسينما فى تعديل أحد أهم قوانين السجون وأصبح من الممكن أن يقوم بزيارة استثنائية بضوابط معينة إلى أهله فى منزلهم، وبعد عرض هذا الفيلم تم تعديل القانون لكى يسمح للسجين بالخروج بضوابط معينة.

ونجحت أيضا النجمة الراحلة فاتن حمامة فى فيلمها الشهير "أريد حلا" من إنقاذ نساء مصر من المآسى التى لواجهتها فى المحاكم سعيا للطلاق، وبسبب هذا الفيلم تم إعادة النظر فى قوانين الأحوال الشخصية والسماح للمرأة المصرية بحق الخلع والتخلى عن زوجها بشرط التخلى عن جميع مستحقاتها وحقوقها المادية، وكان هذا انتصار لسلطة الفن التى دفعت القانون لاعادة النظر في حالات انسانية تستحق الرعاية .

هكذا استطاعت غادة عبد الرازق، فى مسلسلها الذى كتبه أيمن سلامة "ضد مجهول"، أن تثبت أن الفن لا يكون مصدرا لتدمير قيم المجتمع وأخلاقياته، ولكنه يكون مصدرا لتوعية العقول فهو يوقظ العقول الغافلة عن قضايا الأمة ويحارب الانحلالات والانحرافات.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة