أحمد إبراهيم الشريف

الأفاضل.. أحمد سماعين.. والله ووقعت ف إيد الهم الناشفة

الأربعاء، 13 يونيو 2018 10:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يفتتنى نص مثلما فعل ديوان «أحمد سماعين.. سيرة إنسان» للشاعر الكبير الراحل عبد الرحمن الأبنودى، الذى تحول فى فترة ما إلى «نداهة» سقطت فى هواها، وفى هوى أحمد سماعين ورفاقه وأهل أبنود. 
كنت فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، عندما جذبنى صوت الأبنوى، وهو يقول «والله ووقعت فى إيد الهم الناشفة يا أبو سماعين» حينها لم أعرف إن كان الصوت الممتلئ بالشجن يخاطب بطل الديوان أم يخاطبنى أنا، فجلست على كرسى قديم أستمع إلى الشجن الخالص والكلام العذب وصرت من بعدها درويشا لهذا الإبداع الذى كتبه الأبنودى من القلب فوصل للقلب.
«قام أحمد والبسمة الحزنانة متنية ع الشفة» لم يفهم أحد الإنسان الصعيدى كما فهمه عبد الرحمن الأبنودى فى هذا الديوان، فبينما هو يسعى للخلاص ولخفة الروح تسعى الدنيا لإثارة متاعبه فتتكالب عليه ناشبة أظفارها وأنيابها فى جسده، وهو يقاوم بلا هوادة .    
«همست بت حسين المقرش/ مال وشه مخطوف كده بس يا رب» كيف اجتمعت كل الأسباب فى الدنيا لتجعل أحمد سماعين مهموما يسعى للخروج من مكانه الذى يعرفه إلى عالم جديد أكثر غموضا وأقل طمأنينة، وما الذى يدفعه ليغادر كل أحبابه، ويفكر فى الذهاب وحيدا إلى عالم «معقد» لا يعرف قيمته؟.. إنه الحزن هو الذى فعل كل ذلك وأكثر.
والحزن فى حياة أحمد سماعين مصاحبه كأنه روحه، لم يفارقه لحظة، منذ رحيل أبيه وأمه مرورًا بالفاجعة الكبرى وهى رحيل صديق عمره «جودة» بعدما صار ضحية لماكينة الطحين، فبينما يصرخ أحمد سماعين «وتسيبنى يا جودة» يرد الصوت الواهن الملطخ بالدم «أمر الله يا صاحبى.. جيتها خفيف وأمشيها خفيف».
الحديث عن ديوان أحمد سماعين لا ينتهى، فقد استطاع الأبنودى أن يصنع ملحمة تعيش للأبد بشخصياته المتعددة المسكونة بالشعر قولا وروحا، والمعبرة عن قوة الإنسان وهوانه، وعن تحسن الأحوال وترديها، وعن الأحلام الضائعة والأمانى المتحطمة، وعن نوارة المفجوعة فى «ضناها»، وعن الفقراء الساعين فى الأرض، والرأسماليين المتحكمين فى كل شىء حتى فى أعمار الخلق.
وربما يظل وصف عبد الرحمن الأبنودى للحالة النفسية فى جنازة «جودة» واحدة من أبدع ما كتبه الشعر فى العصر الحديث، وربما فى تاريخ الأدب العربى «وأما رجعت من الجبانة/ سايرين فى العيد بالمعكوس/ بالنعش الفاضى/ والناس الخربانة/ نوارة فى يدك للبيت/ لم عاد للقمة حلق/ ولا للفرحة باط/ ولا للسكة عنين/ ولا معنى ولا أمر/ وأبنود ضاقت».  






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة