وفى مارس الماضى، ذهب الرئيس الأمريكى، الذى يبلغ 73 عاما، إلى أبعد ما هو من ذلك حيث فاجأ حلفاءه الأوروبيين ومن هم فى أمريكا الشمالية بفرض تعريفة جمركية على الحديد والصلب تبلغ 25% مجتمعة، وهو ما يرقى إلى إعلان أبواق حرب تجارية عالمية أرغمت الكثير من القوى الدولية على السعى للتفاوض مع الإدارة الأمريكية المثيرة للجدل.
تعمق الشقاق بين ترامب وحلفاءه الغربيين منذ توليه منصبه فى البيت الأبيض، على صعيد العديد من القضايا الملحة وكانت بدايتها إعلان انسحابه من اتفاق باريس لتغيير المناخ، ثم الانسحاب من الاتفاق النووى الذى عقدته القوى الدولية مع إيران فى يوليو 2015، غير أن الخلاف وصل إلى أوجه عقب قمة مجموعة السبع G7، فى إقليم كيبيك الكندى، مطلع الأسبوع الجارى.
فعلى الرغم من تفاخر الرئيس الأمريكى بالعلاقة مع حلفاءة وتأكيده أنها تسير فى أحسن حال، فضلا عن الظهور خلال يومين من اللقاءات فى كندا، يصافح نظرائه من مجموعة السبع واحتفوا أمام الكاميرات وتظاهروا بأنهم أصدقاء. لكن عقب ذلك بساعات قليلة انقلب الأمر رأسا على عقب.
- أسباب الهجوم على ترودو
فخلال مؤتمر صحفى فى ختام إجتماعات القمة، التى غادرها ترامب مبكرا للمشاركة فى قمة سنغافورة مع الزعيم الكورى الشمالى، أقر جاستين ترودو رئيس الوزراء الكندى، الذى يبلغ 42 عاما، بأن الخلافات العميقة لا تزال قائمة بين ترامب وزعماء الدول الأخرى، لا سيما فى مجال التجارة، وتعهد بالرد على تعريفات الولايات المتحدة على منتجات الصلب والألومنيوم فى الدفاع عن العمال الكنديين. وهى التصريحات التى أغضبت ترامب.
ومن ثم سارع ترامب بالرد العلنى على تويتر، وقال فى تغريدة كتبها على متن طائرة "اير فورس وان"، "بناء على تصريحات جاستن المغلوطة فى مؤتمره الصحفى (حول التجارة)، ونظرا إلى أن كندا تفرض رسوما جمركية هائلة على مزارعينا وعاملينا وشركاتنا، فقد طلبت من ممثلينا الأمريكيين سحب التأييد لبيان (مجموعة السبع)". وكرر التحذيرات من أن إدارته تدرس فرض رسوم جمركية "على السيارات التى تُغرق السوق الأمريكية"!.
وذهب ترامب لوصف رئيس الوزراء الكندى، بـ"الضعيف وغير النزيه" ويقول "تصريحات كاذبة"، مما ترك العلاقة الكندية-الأمريكية فى أكثر مرحلة عداء علانى، ربما منذ حرب 1812. فضلا عن اتهامه الكنديين، الأسبوع الماضى، بإحراق البيت الأبيض خلال تلك الحرب، بينما من فعلها وقتها كان البريطانيون فعلا.
وبينما اعتذر مساعدو ترامب عن هذه الإهانات، فأن الرئيس الأمريكى جدد تهديده للكنديين، أمس الثلاثاء، قائلا إنهم سوف يتكبدون أموالا طائلة جراء هذا النزاع التجارى مع الولايات المتحدة.
- ترامب يهدد قطاع السيارات فى كندا
ويحذر محللون من أن الهدف المقبل للرئيس الأمريكى ربما يكون قطاع السيارات، الخطوة التى تمثل عقابا لكندا لكنها فى الوقت ذاته ستسفر عن عواقب لكلا البلدين. ونقلت صحيفة الجارديان عن إريك ميلر، الخبير الاقتصادى لدى معهد كندا بمركز وودرو ويلسون الأمريكى، قوله "ما نتحدث عنه هو مثل إلقاء قنبلة نووية فى قلب الاقتصاد الصناعى لأمريكا الشمالية".
وألمح ترامب قبل أسابيع لفكرة تطبيق تعريفة جمركية بنسبة 25% على السيارات التى تصل الولايات المتحدة عبر الحدود الكندية مما يعنى زيادة سعر السيارة لنحو أكثر من 6 آلاف دولار. وعلى الجانب الآخر ربما تنضم كندا إلى الدول الأخرى، اليابان والمكسيك والاتحاد الأوروبى، فى الانتقام من ممارسات ترامب، لتتسبب فى ارتفاع أسعار السلع المستوردة من أمريكا.
ومع الإندماج الكبير فى قطاع السيارات بين كندا وأمريكا، يشير ميلر إلى تأثير ذلك على الوظائف فى كلا البلدين. وقال"الأمر يرتبط بوظائف مباشرة وغير مباشرة فى قطاع يعمل فيه مئات آلاف الأشخاص فى كندا والملايين فى الولايات المتحدة.. فكل وظيفة فى قطاع السيارات تخلق ما يقدر بنحو سبع وظائف هامشية."
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة