والخيبة هنا «خيبتان» ..
«خيبة» أولى بأن يتصور أو يروج أو يتعامل أو يظن أو يتوهم أن الشعب المصرى قد فقد ثقته فى دولة 30 يونيو أو كفر بها أو وضعها فى كفة مقابل كفة أخرى تحمل ضيقا من القرارات الاقتصادية الأخيرة.
المصريون ليسوا كما الإخوان يستبدلون وطنهم وإيمانهم لمن يشعرهم بالرضا ومن يدفع أكثر، أهل الإخوان وكثير من نشطاء التواصل الاجتماعى يفعلونها، يؤمنون بتركيا إن أنفقت ويكفرون بها إن بخلت، ويعشقون أمريكا ومنظماتها إن مولت وصبت فى مصالحهم وحساباتهم البنكية ويهاجمون إدارتها إن غيرت مسار أموالها لمنظمات وجماعات أخرى.
أهل مصر لا يفعلون ذلك ولن يفعلوا، لا يكفرون بما آمنوا رغم المشقة، ولا ترتبك ثقتهم فى إخلاص من خاضوا معركة كبرى ضد الإخوان وأطماعهم، وإن قست عليهم الظروف، قد يغضبون ويحتجون وتضيق صدورهم بسبب صعوبة الحياة وارتفاع الأسعار، قد يسألون بغضب عن مسار آخر غير تلك الطرق القاسية، قد يغضبون من أصوات بعض «المبرراتية» الذين يتأففون من ضيق الناس ويدعونهم للتحمل بدلا من أن يكونوا «عالة» على الدولة بينما رئيس الدولة نفسه فى كل حديث وخطاب يوجه الشكر والتحية للشعب المصرى ومساندته بالصبر والتحمل والتفهم لمسار الإصلاح الاقتصادى.
لعبة الإخوان ومن معهم من أهل السوشيال ميديا فشلت قبل أن تبدأ، هذه اللعبة المكررة التى تستغل أى حدث لتشكيك المواطنين فى دولة 30 يونيو وحثهم على إعلان الكفر بها وجذبهم إلى ساحة المقارنة مع سنوات ماضية ماتت هذه المرة قبل أن تولد، لأن المواطن المصرى وإن قست عليه القرارات الاقتصادية الأخيرة أصبح أكثر وعيا بما كان وبما يحدث، أصبح مدركا أن السلطة الحالية أكثر إخلاصا وشرفا من أن تسكن ألمه وغضبه فى الزمن الحالى على حساب ما هو قادم فى عمر هذا الوطن، وأصبح واعيا بأن ما يحدث فى إطار منظومة شاملة للإصلاح الاقتصادى هو علاج ضرورى وقاسٍ لأزمة طاحنة سببتها مسكنات الماضى، وجبن من حكموا هذا الوطن سابقا عن مواجهة الشعب بحقيقة الوضع والتعامل مع أزماته بما يلزم من قرارات صعبة خوفا من شعبية تهدر.
قطاع كبير يعرف ذلك ويعلم أن من سبقوا أهدروا حقهم فى وطن قوى باقتصاد قوى خوفا من إهدار شعبيتهم وكراسيهم، ويشفع لمن يحكم الآن بأنه يتحمل راضيا بهدر بعض من محبة الناس حتى لا يتم إهدار الوطن ذاته.
أما الخيبة الثانية فتتمثل فى هؤلاء الذين يظنون أنهم يحسنون الفعل بالهجوم على المواطن ومعايرته بينما هم ينفذون ما يتمناه الإخوان فى إحداث شرخ بين الدولة والمواطن حينما يتوهم أن هذا الخطاب الذى يتبناه بعض من الإعلاميين والسياسيين الطامعين فى تملق السلطة هو خطاب الدولة، لذا يبدو واجبا فى تلك اللحظة تذكير أهل مصر بأن السلطة وعلى رأسها الرئيس عبدالفتاح السيسى تتبنى طوال الفترة الماضية خطابا مغايرا لما يردده البعض الآن، الرئيس تحدث عن الشعب الشريك فى الحكم وتحمل المسؤولية، الرئيس لم يترك مجالا فى الداخل والخارج إلا وأشاد بصبر وعون المصريين له على دفع مسيرة الإصلاح الاقتصادى بتحمل بعض القرارات الصعبة، الرئيس كان يسهب فى شرح كل شىء بالأرقام والحسابات والخسائر والمكاسب لإشعار الناس بحقيقة الوضع لم يعيّرهم ولم يهاجمهم.
يبدو هنا خطاب الرئيس هو الأنسب للتعامل مع حالة الضيق الشعبية من ملف الأسعار، خطاب الشرح والمشاركة والمكاشفة لا خطاب المعايرة والهجوم والاستهانة بصعوبة الحياة ومتطلباتها، تبدو هنا مطالبة الدولة بمؤسساتها المختلفة بتشديد الرقابة على الأسواق والسلع والأسعار فعلا أجدى وأنفع وأكثر إرضاءً وتطييبا لخاطر المواطن من أفعال تعنيفه وتكديره والهجوم عليه والسخرية من معاناته كما يفعل البعض الآن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة