يتميز شهر رمضان المبارك بأن له نفحات خاصة، تختلف عن بقية شهور العام، حيث أن فى هذا الشهر الكريم تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وهو ما فسر به قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ»، أى أن الشياطين تسلسل فى هذا الشهر، إلا أن الجرائم والتى يلعب الشيطان دور مشعل فتيلها لم تتوقف، حيث شهد الشهر الكريم جرائم قتل مأساوية منذ بدايته.
رشوة فى نهار رمضان
الوقائع المتعددة التى شهدها الشهر الكريم غاب عنها الحرمة، وتنوعت فى مضمونها بين القتل والرشوة والسرقة والتحرش وتعاطى المخدرات والإتجار فيها والنصب وغير ذلك، حيث أنه من بين الوقائع التى تدل على عدم حرمانية الشهر الكريم لدى البعض، تمكن هيئة الرقابة الإدارية من القبض على رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الغذائية، وعدد من المسئولين بوزارة التموين، لتقاضيهم رشاوى مالية تجاوزت المليونى جنيه من كبرى شركات توريد السلع الغذائية.
ليست تلك واقعة الرشوة الوحيدة التى تم كشفتها منذ بداية الشهر الكريم، فهناك عدد كبير من الوقائع تمكنت الهيئة من كشفها، كما أن النيابة الإدارية أحالت متهمين بوقائع أخرى للمحاكمة.
التحرش
التحرش فى النهار لم ينقطع منذ بدء الشهر، فعلى سبيل المثال تمكنت حملة أمنية من محافظة البحيرة من ضبط 28 متحرشا أثناء تعرضهم لإناث بالطريق العام، كما أنه تم إلقاء القبض على مسن لتحرشه بطفلة تبلغ من العمر 6 سنوات داخل شقته فى نهار رمضان بالبساتين بالقاهرة، وحررت طالبة بلاغا بقسم شرطة السلام، تتهم فيه مدرس مراقب الامتحانات، بالتحرش بها أثناء أخذ منها ورقة الإجابة فى لجنة الامتحانات بوضع يده على جسمها.
القتل البشع ولأتفه الأسباب
وقائع القتل منذ بداية الشهر الكريم بلغت الحد الأقصى من البشاعة ففى محافظة القاهرة قام صاحب محل قطع غيار سيارات ونجليه، بقتل صاحب محل عطارة بمنطقة الدرب الأحمر، وفى السلام تشاجر 7 أشخاص بالأسلحة النارية ، وتطورت الأوضاع وأسفرت عن مقتل شخص، وفى واقعة أخرى أقدم المتهم "محمد. ط"، 4 على قتل ربة منزل أثناء سرقة فيلتها بالتجمع الخامس، وفى الجيزة قام مبيض محارة، بالاستعانة باثنين من أصدقائه يقتل سيدة خلال سرقة شقتها كما أقدمت ربة منزل، على قتل ابنة شقيقة زوجها والتخلص منها بترعة المحاجر بمركز الصف، وذلك لخلافات أسرية، كما قتل شاب فى خصومة ثأرية بالبدرشين، انتقاماً منه لتورط شقيقه فى قتل سائق "توك توك" لسرقته منذ عدة أشهر، حيث ألقى جثته المتهمون بنهر النيل.
الوقائع لم تقتصر على القاهرة والجيزة فقط حيث قام شاب بالبحيرة بطعن عامل داخل سوبر ماركت، بعد نشوب مشادة كلامية بينه وبين العامل بسبب "فكة 100 جنيه" تطورت بطعنه للمجنى علية عدة طعنات، وفى محافظة الغربية أقدم شاب على قتل آخر باستخدام فرد خرطوش لخلافات سابقة بينهما تطورت بسبب معاكسة فتاة، قام على إثرها المتهم بقتل المجنى عليه باستخدام فرد خرطوش، وفى القليوبية خطف عاطل طفلا كان يقود "توك توك" ثم خنقه ولفه فى بطانية وألقى بجثته فى الرشاح، وفى الدقهلية، لقى شاب مصرعه بطعنات نافذة خلال مشاجرة بمدينة السنبلاوين مع 3 آخرين باستخدام الأسلحة البيضاء، كما أقدمت طالبة على قتل مريضة طعنا بالسكين لسرقة مجوهراتها في المنصورة.
جرائم القتل فى الصعيد
الصعيد لم يخلو أيضا من جرائم القتل فى رمضان ، حيث قام مزارع بمركز أبوتشت بقتل نجله غير الملتزم فى الدراسة ، وألقى بجثته فى الزراعات لإبعاد الشبهة الجنائية عنه، وفى قنا قام مزارع وشقيق زوجته بقتل نجله بعد ضربه بشومة على رأسه لتأديبه، ، كما قتل آخر شقيقه للحصول على 10 آلاف جنيه لشراء المواد المخدرة بعد أن أواه بمنزله لعدة شهور عقب خروجه من السجن.
السرقة
وقائع السرقة سيطرت بشكل كبير على الجرائم المرتكبة منذ بداية الشهر الكريم، حيث شهد العشرات منها وكان أغلبها تحت تهدد السلاح، ففى القاهرة نجحت وزارة الآثار بالتعاون مع شرطة السياحة والآثار فى إحباط محاولة سرقة السور الحديدى الخارجى المخصص لحماية حرم قلعة صلاح الدين والمطل على شارع صلاح سالم، كما شرع عاطل، فى سرقة سيارة مدير مبيعات فى منطقة مصر الجديدة ، كما شرع موظف فى سرقة سيارة طالب بالجامعة الألمانية فى منطقة القطامية ،وأحبطت محاولة إحباط محاولة سائق و4 عاطلين لاختطاف مندوب تحصيل أموال محطة بنزين بمدينة نصر،وسرقة متعلقاته، كما ألقى القبض على عاطل لسرقته بطاريات السيارات بالمعصرة، أما فى الجيزة تم سرقة شركة سياحة بالعجوزة، كما قام 3 عاطلين بسرقة سيارة تاكسى بعد إطلاق النار على قائدها بالصف، كما طارد عدد من الأهالى عاطلين، لسرقتهما سيارة ميكروباص فى كرداسة، حيث اعتدوا عليهما بالضرب ووثقوهما بالحبال، ثم سلموهما لرجال المباحث،كما ألقى القبض على عاطل، لاتهامه بالشروع فى سرقة سيارة ملاكى بالهرم، وضبط أيضا بالمحافظة تشكيل عصابى مكون من 4 عاطلين، لسرقة مركبات التوك توك بمدينة 6 أكتوبر.
وفى القليوبية تم ضبط تشكيل عصابى تخصص فى سرقة السيارات ومتعلقات قائديها بالإكراه من بين أفراده سيدة،كما تم شكيل آخر تخصص نشاطه فى ارتكاب جرائم سرقة قائدى السيارات بالإكراه عن طريق انتحال صفة رجال شرطة، أما فى الإسماعيلية سطا تشكيل عصابى على محطة وقود وقام بسرقة 60 ألف جنيه من مالكها، وفى الدقهلية ألقى القبض على عاطلين سرقا حقيبة بها مصوغات ذهبية ومبلغ مالي من داخل شقة بعد تكبيل صاحبها وتهديده بالسلاح، أما فى بورسعيد قام 3 مسلحين بالسطو على سيارة وسرقوا منها 5 ملايين جنيه مرتبات العاملين بأحد مصانع الاستثمار ولاذوا بالفرار،وفى البحيرة تم ضبط سائق وتاجر قطع غيار سيارات لسرقة سيارة ملاكى وبداخلها مبالغ مالية خاصة بتاجر مصوغات، أما فى الغربية حاول عاطل سرقة إحدى ماكينات الصرف الآلى، كما قام عاطلين بمحاولة سرق جواهرجى، وفى الدقهلية ألقى القبض على مبيض محارة سرق ماتور مياة ومواسير حديد من داخل مسجد تحت الإنشاء فى نهار رمضان، وفى قنا تم القبض على عاطل يقوم بسرقة المارة في الشارع، ووسائل المواصلات، بأسلوب المغافلة، وفى سوهاج ألقى القبض على تشكيل عصابى تخصص فى سرقة مواتير رفع المياه من داخل العقارات، وتم إلقاء القبض بالغردقة تخصص فى سرقة مواتير المياه أيضا.
تحرير العشرات من قضايا المخدرات يوميا
من بين الأعمال المحرمة والمنافية للقانون التى بدا ارتكابها واضحا خلال شهر رمضان تعاطى المواد المخدرة والاتجار فيها علنا فى نهار الشهر الكريم، حيث نجح رجال وزارة الداخلية بشكل يومى فى ضبط أكثر من مائة قضية مخدرات يوميا من مختلف المحافظات، تم خلالها ضبط كميات مهولة من المخدرات مثل الأفيون والهيروين والحشيش والبانجو والترامادول والاستروكس.
الأزهر: المحرمات التى يرتكبها البعض فى رمضان سببها النفوس السيئة
الشيخ صالح محمد عبدالحميد عضو لجنة الفتوى بالأزهر، يقول فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، إن الشياطين بالفعل تصفد وتسلسل كما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يكون لها أى تأثير على الإنسان الصائم القائم الحق.
وأضاف، أن ما ترتكب من أعمال أو حوادث محرمة، تخالف الشرع والدين خلال الشهر الكريم تكون راجعة للنفوس السيئة وشهواتها، حيث أن النفس السيئة قد تغلب صاحبها.
وأشار إلى أن المسلم الصائم يقضى نهاره فى الصيام، وقراءة القرآن والتعبد، وليله في الصلاة أيضا والعبادة، وممارسة الأعمال الدينية الروحانية المتعلقة بالشهر الكريم، حيث تصل لديه الروحانيات لمرحلة كبيرة من السمو، وبالتالى لا تكون للشياطين متغلبة عليه.
اقتناع الصائم بصيامه والحالة النفسية والاجتماعية يؤثران عليه
من جانبه قال الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى، أن انفعالات وتصرفات الصائم خلال شهر رمضان تعتمد على شقين أولهما الصائم نفسه، وهو أن الصائم مقتنع بصيامه، أم أنه يصوم مجاراة للظروف الاجتماعية المحيطة به.
وأضاف"فرويز"، أن الشق الثانى يتمثل فى الحالة النفسية والاجتماعية للصائم وهى ترتبط بالظروف المحيطة به مثل درجة حرارة المكان، حيث أن الإنسان تختلف حالته النفسية أثناء تواجده بدرجة حرارة مرتفعة عن تواجده بدرجة حرارة منخفضة، كما أن حالة الإنسان بالمناطق المزدحمة والمناطق العشوائية تختلف عن حالة الصائم بالمناطق الراقية، بالإضافة إلى أن الحالة النفسية للمدخن تختلف عن الحالة النفسية لغير المدخن وغير ذلك.
وأكد "فرويز"، أن الإيمان المرتفع والصيام عن اقتناع يجعل الأشياء الأخرى لا تؤثر فى نفسه مثل ارتفاع الحرارة وغيرها.
دور المسلسلات فى تغيير السلوك
يقول الدكتور فتحى قناوى، أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، إن المسلسلات الدرامية التى تحوى مشاهد عنف تؤثر بشكل كبير على المجتمع، ولها دور فيما يشهده من جرائم.
وأضاف، أن الشخصيات التى تجسدها الدراما والأفلام يقوم البعض بتقليدها فى الحياة العادية، ويصبح للبعض بمثابة القدوة، محذرا من زيادة هذا التأثير، مشددا فى الوقت ذاته على دور الإعلام فى عرض المحتوى المناسب للمشاهد ورفض غير المناسب، والقيام بدور توعوى داخل المجتمع من خطورة تعرض الأجيال الجديدة لعوامل تؤثر عليهم مستقبلا مثل الدراما، والمسلسلات، والألعاب العنيفة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة