مجموعة من الظواهر تنتشر وتتوغل وتفرض نفسها فى دراما رمضان فى قنوات التليفزيون، بالإضافة إلى النقل والنحت والكاركترات تأتى ظاهرة التطويل والمط بشكل يتجاوز كل حدود العقل والمنطق، بعض المسلسلات تكاد تنتهى فكرتها بعد خمس حلقات، ولكنها تستمر فى سياقات دائرية ومشاهد تتكرر وأحداث بطيئة، وهى ظاهرة لم ينج منها أى من الأعمال القائمة، سواء أكشن أو رومانسى.
أغلب الموضوعات المطروحة فى المسلسلات لا علاقة لها بمصر ولا بالمواطنين الموجودين حولنا بما فيها نحن، وهى أما مترجمة أو أنها مجرد مشاهد تم تجميعها من كل مسلسل مشهد، وتم طبخها فى عمل واحد باسم، وكائنات المسلسلات نوعين أما سكان التجمعات والكومباوند أو الخدم والشحاتين، والبلطجية وقطاع الطرق، والمواطن العادى ليس له مكان فى عالم الدراما المستدير.
مثلا مسلسل رحيم يدور فى سياق العصابات ولعبة القط والفأر وتوريد البلطجية وتهريب وغسيل الأموال وتهريب وتجارة المخدرات، وبعد أن نجح ياسر جلال فى ظل الرئيس، تقرر إعادة تدويره بنفس هيئته فى رحيم، بنفس الشكل والملابس وطريقة التحرك والمواجهات والأكشن، وكالعادة بعد عدة حلقات انتهت الحركات والمشاهد، ليدخل فى سياق دائرى يلف حول نفسه وتتكرر المواجهات والمطاردات ببطء يتجاوز حدود الملل، وأصبح الثنائى هنا أو الأطراف الثلاثة للعملية هى اللصوص والمجرمين وموردى البلطجية ثم البوليس، فى سباق ومطاردة كل طرف يحاول السيطرة على الخيوط، لا توجد قصة أو نقلة أو حركة يمكن التعويل عليها، لا يوجد العمل الذى يعبر عن المواطنين فى أنحاء المحروسة، ولا نقصد اختراع أحداث أو تقديم أعمال باردة لكن هناك أحداثا وتفاصيل أكثر من مجرد الاعتماد والنقل من صفحات الحوادث، مثلما نرى فى عمل مثل عوالم خفية، حيث نجد أنفسنا أمام أحداث معروفة ومنشورة فى الصحف، وهى ظاهرة تتكرر فى أعمال أخرى.
ومع وجبات المسلسلات الدائرية لا يوجد فرق بين الإعلانات ومللها وبين التفاصيل التى يقدمها العمل ويكاد مسلسل مثل رحيم لا يتجاوز فى الحالة الطبيعية عشر حلقات فإذا بعمليات مط ونفخ وتطويل تحوله إلى 30 حلقة، مجمدة وتتسع الخيوط إلى حد «البهوقة»، وفى النهاية يتم لململة الخيوط وإنهاء العمل بأى طريقة.
المشاهد فى النهاية مغلوب على أمره ليس أمامه سوى استهلاك العمل والتفاصيل المقدمة إليه، إذا كان يعجبه، أغلب الأعمال القائمة عبارة عن عمليات حشو ومط وإعادة تدور، وهى ظاهرة لم ينج منها أى من الأعمال المعروضة وإذا كان الطبيعى أن يسعى المنتج لتحقيق ربح وألا يحرق العمل فى عدة حلقات، لكن الأمر يتجاوز الحدود ويدخل فى إطار النفخ والتطوى الممل.
وحتى مسلسل رومانسى حقق جاذبية مثل ليالى أوجينى، يتضمن قماشة إنسانية ورومانسية تسمح بالكثير من التفاصيل، لم يتجاوز خلال نصف الشهر الأحداث الأولى، وهناك تكرار للمشاهد والأماكن والأحداث والحوارات، وهذا الجمود يشير إلى احتمالين أمام استمرار الملل لنهاية الحلقات ولملمة الخيوط بسرعة، أو الإبقاء على جزء ثانى، وفى كل الأحوال فقد العمل شغف المتابعة لدى كثير من المشاهدين، خلاصة الأمر أن المط والتطويل ينتجان أعمالا دائرية تدور وتعود لنفس النقطة مع مشاهد وحوارات مكررى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة