"إنهم أهل بدر فاجتنب أهل بدر"، هذه المقولة منسوبة إلى النبى عليه السلام، الذى خص الذين شهدوا غزوة بدر الكبرى من المسلمين بالكثير من الفضل على سائر المسلمين لكونهم مؤسسى الدولة.
وقعت غزوة بدر الكبرى، فى مثل هذا اليوم، 17 رمضان من العام الثانى للهجرة، وشهدها نحو 314 مقاتلاً ومجاهدًا من صحابة الرسول الكريم من المهاجرين والأنصار، وكانت إيذانًا بميلاد وقوة الدولة الإسلامية الجديدة، وبداية الانطلاق نحو الفتوحات وتأسيس إمبرطورية من أكبر الإمبرطوريات على مر التاريخ.
كان النبى محمد عليه السلام يرى أن هؤلاء هم المؤسسون للدولة، ورجالها الذين أظهروا قوتهم رغم قلة عددهم أمام أهل قريش، والذين قاموا بدور كبير فى كل شىء وعلى رأسه نشر الدعوة.
القرآن الكريم يحتفى بـ أهل بدر
وقد وردت نصوصًا كثيرة تمجيد أهل بدر منها قوله تعالى: "وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير" [الأنفال: 41].
كما كان لنصر هؤلاء الرجال رغم قلة عددهم، ذكر من الله، وكيف أمدهم بملائكة من عنده يساعدونهم فى نصرهم فى المعركة: وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِين * بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِين" [آل عمران: 123-125].
أحاديث شريفة فى فضل المؤسسين
وبعيدًا عن الآيات التى خص بها الله أهل بدر، كان النبى دائمًا ما يسعى لتمجيد هؤلاء المؤمنين بصفتهم المؤسسين لأول نصر، فيحكى أن أحد الصحابة جاء إلى النبى، فقال "يا رسول الله إن ابن عمى نافق أتأذن لى أن أضرب عنق"، فرد النبى "إنه شهد بدرًا وعسى أن يكفر عنه"، وفى رواية أخرى "وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر وقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم".
وهذا الكلام يتفق مع قول أبى هريرة عن النبى: قال رسول الله: "اطلع الله على أهل بدر، فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" أو قال "فقد وجبت لكم الجنة" كما قال الرسول الكريم "إنى لأرجو ألا يدخل النار إن شاء الله أحد شهد بدرا أو الحديبية".
كتب السيرة والتراث النبوى تؤكد أن النبى كان يميز أصحابه بعضهم عن بعض درجات، لا يفرق بينهعم ولكن يميز كل منهم بأعماله وأفعاله، وكان يرى أن أهل بدر هم الفئة الأولى فى قيادة الأمة، والأحق بالجنة، وكان (ص) يكرم هؤلاء المؤسسين ويقدمهم على غيرهم وذكر فى الخصائص الصغرى، إنه خص أهل بدر بأن يزادوا فى صلاة الجنازة على أربع تكبيرات تمييزا لفضلهم.
بعد الرحيل.. الفضل باق
وبعد رحيل الرسول، عليه السلام، استمرت هذه النظرة الطيبة لأهل بدر، فى زمن اخلافاء الراشدين، حتى أن منهم من تولى زمام الدولة الإسلامية، وهم الخلفاء الراشدين، كما اختص الصحابى الجليل عبد الرحمن بن عوف أهل بدر فى وصيته، حيث كان الرجل من أثرياء المدينة، ولما حضرته الوفاة أوصى لكل رجل ممن بقي من أهل بدر بأربعمائة دينار، وأوصى لكل امرأة من أمهات المؤمنين بمبلغ كبير، وأعتق بعض مماليكه، وكان ميراثه مالًا جزيلًا.
يذكر أيضًا عن الإمام على بن أبى طالب، أنه عندما جاء له الناس يبايعونه بعد مقتل عثمان والفتنة التى حدثت فقال: ليس ذلك إليكم إنما ذلك إلى أهل بدر فمن رضى به أهل بدر فهو خليفة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة