ظاهريًا تبدو حكومة المهندس مصطفى مدبولى، وقد جاءت فى ظل ظروف أقل حدة مما واجهته حكومة المهندس شريف إسماعيل، التى تحملت الجانب الأكبر من القرارات الاقتصادية الصعبة فيما يتعلق بخفض دعم الوقود وتعويم الجنيه، وما رافقه من ارتفاعات فى الأسعار. وجاءت حكومة المهندس مصطفى مدبولى، بعد قطع شوط بعيد فى الإجراءات الاقتصادية بمرحلتها الأصعب. لكن يظل هناك جانب أكثر دقة وأهمية يفترض أن تقدمه حكومة مدبولى فى برنامجها أمام مجلس النواب لتبدأ فى تطبيقه بعد حيازة ثقة البرلمان. وأهم ما يمكن أن تقدمه الحكومة هو جذب المزيد من الاستثمارات واستكمال خطط التصنيع والتصدير وتشغيل مشروعات كبرى مثل الروبيكى ودمياط الجديدة.
ويبدو ملف الاستثمار فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة واحدًا من الملفات المهمة التى تنتظر خطوات عملية تساهم بشكل عاجل فى توفير فرص عمل، ثم إن المشروعات الصغيرة والمتوسطة يفترض أن تكون ضمن خطة لتوزيع الأدوار وتقسيم العمل بشكل يدعم الإنتاج، ويوسع من فرص الاستثمار كمًا وكيفًا.
وينتظر المواطنون من حكومة مدبولى، أن يحمل البرنامج المتوقع مزيدًا من الوعود بثمار للإصلاح، فضلًا عن حزم اجتماعية تتجاوز الحزم المباشرة إلى إجراءات وتسهيلات تساهم فى توسيع الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة، وكل هذا يتطلب مزيدًا من التسهيلات الإدارية وتطبيق نظام الإجراءات المختصرة فى شبابيك الاستثمار، ويبقى ملف المصانع المغلقة أو المناطق الصناعية دفعات تسهل دوران عجلة الإنتاج فى هذه المناطق التى تمت إقامتها بالمحافظات المختلفة.
ووجود خريطة للاستثمار بالمحافظات يمكن أن تساعد الشباب فى التعرف على الفرص والإمكانات المتاحة. وتطبيق ما تحقق فى ملف مشروعات التعمير والإسكان فى خلق مجتمعات وتوسيع خيارات السكن والعمل أمام المواطنين. لتتجاوز المجتمعات العمرانية شكل الكومباوندات المغلقة إلى مجتمعات تساهم فى التنمية وأبرزها تنمية سيناء والساحل الغربى.
ومن أهم الملفات التى ينتظر أن تقدم فيها حكومة مدبولى خطوات هو ملف الإصلاح الإدارى، وهو ملف صعب ويحمل تراكمات عقود طويلة، وقد بدأت حكومة المهندس شريف إسماعيل، خطوات نظرية نحو الإصلاح الإدارى بقانون الوظيفة العامة، لكن بقيت نظم الإدارة القائمة والبنية الإدارية عاجزة عن مجاراة الخطوات المعلنة فى التنمية والتصنيع. وهناك مخططات وأفكار داخل وزارة التنمية الإدارية بعضها من سنوات والبعض الآخر مجرد أفكار نظرية لم تصل إلى حد التطبيق. وربما تحتاج إلى تعديلات تشريعية أو إدارية تغير من الوضع الحالى.
وداخل ملف التطوير الإدارى يأتى الملف الأصعب والأهم والذى يمكن أن يحدث فرقًا واضحًا فى نظام الإدارة، وهو ملف المحليات. حيث تحمل مجالس الأحياء والمدن الجزء الأكبر من مشكلات الإدارة والخدمات فى القاهرة والمحافظات.
هناك اتفاق على أن الجزء الأكبر من مخالفات البناء وإشغالات الطرق وفوضى المرور والعلاج والأزمات وغياب الرقابة يرجع إلى غياب المحليات وأيضًا انتشار الفساد داخل الإدارات الهندسية والأحياء والمدن. وهناك شبه إحساس لدى المواطنين بوجود عدم رغبة فى فتح ملفات المحليات أو تغيير التشريعات، بالرغم من الاتفاق على أنها وراء أغلب إن لم يكن كل المخالفات والإشغالات والفوضى. وفى حالة اقتحام ملف المحليات يمكن أن يشعر المواطن بتحسن الخدمات وتطورها وانتهاء الفساد والتلاعب والتواطؤ الذى يعطل مصالحه ويجعله دائمًا عرضة للابتزاز.
ربما يكون ملف المحليات على رأس الملفات التى ينتظر أن يبدأ إصلاحها فورًا، وأن تسعى حكومة مدبولى فى اقتحامها. وسوف يظهر كل هذا فى حركة المحافظين ورؤساء المدن والأحياء، والانتهاء من انتخابات المجالس الشعبية المحلية التى تأخرت كثيرًا بلا مبررات وهو ما يساهم فى تعقيد الملف المعقد أصلًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة