"يمكننا أن نزدهر معا".. هكذا قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، خلال الزيارة التى أجراها إلى العاصمة الصينية بكين، فى نوفمبر الماضى، وهو التصريح الذى اعتبره قطاع كبير مغازلة أمريكية صريحة للصين، خاصة وأن خطاب ترامب، منذ صعوده على الساحة السياسية الأمريكية كان وديا إلى حد كبير تجاه الصين، على عكس أسلافه، الذين تعاملوا مع الإدارة الصينية باعتبارها خصما لهم.
من المهادنة إلى الحرب
وعلى الرغم من الانتقادات التى كالها الرئيس ترامب للممارسات التجارية للدولة الشيوعية، إلا أنه كان دائما ما يلقى باللوم فيها على الإدارات السابقة، حيث كان يرى أن رؤساء أمريكا السابقين هم من سمحوا لبكين باستغلال المزايا التجارية التى تمنحها الولايات المتحدة لصادراتها، وبالتالى كان العجز التجارى الأمريكى أمام الصين هو بمثابة النتيجة الحتمية للسياسات الأمريكية، إلا أن التطورات الأخيرة، خاصة بعد قرارات الصين بالرد على التعريفات الجمركية الأمريكية بالمثل، دفعت الرئيس الأمريكى للتخلى عن سياسة المهادنة التى اتبعها مع الصين منذ البداية، وهو أثار بعض الأحاديث عن حرب تجارية تلوح فى الأفق بين البلدين ربما تأكل الأخضر واليابس، فى ضوء تصريحات نارية من هنا وهناك.
قمة سنغافورة.. ترامب لا يحتاج وسيط مع كيم
وارتبطت جراءة الرئيس ترامب، فى التعامل مع الملف التجارى الصينى بالتطورات على الصعيد الدولى، خاصة بعد اللقاء الذى جمع بينه وبين زعيم كوريا الشمالية، الأسبوع الماضى، وهو الأمر الذى يعد فى رؤية قطاع كبير من الأمريكيين، بمثابة إنجاز دبلوماسى غير مسبوق، خاصة وأن العلاقة بين ترامب وكيم جونج أون، أصبحت مباشرة بعد هذا اللقاء، ولم تعد هناك حاجة ملحة إلى وسيط.
ويقول الباحث الأمريكى سكوت كينيدى، بمعهد الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن الظروف ربما تكون مهيأة أمام ترامب للذهاب بعيدا فى إجراءاته ضد الصين، فى ظل الظروف الدولية، والمستجدات الأخيرة فى بعض الملفات، وعلى رأسها الملف الكورى الشمالى، بعد اللقاء الأخير الذى عقده الرئيس الأمريكى مع نظيره الكورى الشمالى فى سنغافورة.
ورقة كوريا الشمالية.. نفوذ الصين مازال قويا
ولكن يبقى الدور الصينى فى قضية كوريا الشمالية محوريا، خاصة وأن الصين تعد الحليف الرئيسى لبيونج يانج، وبالتالى فقد لعبت دورا رئيسيا فى إقناع الزعيم الكورى الشمالى كيم جونج أون للتخلى عن ترسانته النووية ووقف تجارب الصواريخ الباليستية، وهى الشروط التى فرضها ترامب قبل إجراء أى حوار مباشر معه.
أثناء زيارة بومبيو للصين
ولعل الدور الهام الذى تلعبه الصين فى المسألة الكورية كانت الدافع الرئيسى وراء الزيارة التى قام بها وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو، إلى بكين، للتنسيق بين البلدين، عقب لقاء ترامب – كيم، وهو ما يعنى أن إدارة ترامب تدرك جيدا أهمية الدور الصينى فى القضية التى مازالت لم تنته بعد، فى ضوء جولات تفاوضية قادمة بين واشنطن وبيونج يانج لمناقشة مسألة نزع السلاح النووى من شبه الجزيرة الكورية، كما يعتبر ترامب نفسه أن الصين الوسيط الذي يمكن من خلاله مواصلة المفاوضات مع بيونج يانج، ففي مكالمة لترامب مع رئيس الفلبين، تم تسريبها فى وقت سابق، كان ترامب يسأل عن الوسيلة الفعالة لإيقاف الزعيم الكوري كيم جونج أون وكانت إجابته "عليك بالصين.. فهى من تمسك بالأوراق هناك".
رسالة الصين.. قضية كوريا الشمالية لم تنته بعد
وربما تكون الزيارة التى أجراها، الثلاثاء الماضى، زعيم كوريا الشمالية، إلى الصين، هى بمثابة رسالة ضمنية من الجانب الصينى للولايات المتحدة، مفادها أن الصين مازالت يمكنها القيام بدور قوى فى الملف الشائك، وذلك فى أعقاب الإجراءات التجارية الأمريكية الأخيرة، بالإضافة إلى التصريحات المتبادلة بين الجانبين، والتى اتسمت بحدتها.
وتعد الزيارة التى يقوم بها زعيم كوريا الشمالية إلى الصين هى الثالثة من نوعها، فى غضون عدة أشهر، وهو الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول أهداف الزيارة التى تأتى بعد أسبوع واحد من القمة التاريخية بين ترامب وكيم جونج أون. كانت وكالة أنباء "شينجوا" الصينية قد نشرت بيان مقتضب حول الزيارة، التى تستمر لمدة يومين، ولكنها لم تذكر أية تفاصيل
كيم جونج أون يبدأ زيارة للصين اليوم
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة