محمود خليفه جوده يكتب: الدواء المر.. الإصلاح الاقتصادى لا مفر منه

الجمعة، 22 يونيو 2018 08:00 م
 محمود خليفه جوده يكتب: الدواء المر.. الإصلاح الاقتصادى لا مفر منه فقراء

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مما لا شك قرارات رفع الدعم قاسية وتحتاج من الدولة مجهودات كبيرة لحماية الطبقات ذات الدخل المحدود، ولكن هذه القرارات وغيرها من القرارات الخاصة بالإصلاح الاقتصادى التى اتخذتها الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية هى دواء لابد منه لداء ظل لعقود ينهش فى اقتصادنا الوطنى حتى أصابه الوهن، لقد عانى الاقتصاد المصرى من مشكلات هيكلية مزمنة على مدى سنوات طويلة، سنوات ظل فيها الاقتصاد المصرى اقتصادًا رعويًا يعتمد بالأساس على إيرادات قناة السويس والسياحة وتحويلات المصريين بالخارج والأنشطة الخدمية، سنوات ظل فيها اقتصادنا اقتصاد قائم على الاستهلاك لا الإنتاج.

 

علينا أن تحمل هذا الدواء المر وأن نثق فى قيادتنا وندعم قرارات الإصلاح الاقتصادي، فلا يوجد دولة تقدمت يستحوذ الدعم فى موازنتها على النصيب الأكبر، فإذا نظرنًا إلى الموازنة العامة للعام المالى 2017/ 2018 نجد الانفاق على الدعم بلغ ما يربو على 332 مليار جنيه، هذا الدعم الذى يحصل عليه الغنى والفقير على حدا سواء، وهو الحال أيضًا فى مشروع الموازنة العامة للعام المالى 2018/2019 والتى خصصت نفس المبلغ تقريبا للإنفاق على الدعم. وهذا الدعم لا يصل لمستحقيه وهو ما يؤكد الحاجة لإلغاء هذا الدعم وتحويله بشكل جاد من الحكومة المصرية إلى برامج للحماية الاجتماعية للفئات والطبقات محدودة الدخل كبرنامج تكافل وكرامة.

لا يمكن لهذا الوطن أن ينهض فى ظل وضعًا كهذا قائم على الدعم، فالدول التى تقدمت ونمت اقتصادياً هى دول بالأساس تحولت من الانفاق على الدعم إلى الاستثمار فى رأس المال البشرى وتحديداً فى الصحة والتعليم، وهى أيضًا دول تحولت من الاستهلاك إلى التصنيع، وهو ما تسير إليه الآن مصر، حيث أعلن الرئيس السيسى فى خطابه أمام مجلس النواب اثناء اداء اليمن الجمهورى كرئيس لفترة رئيسية ثانية بأن التعليم والصحة على رأس أولويات الدولة المصرية خلال المرحلة الثانية من حكمه، كما تسير مصر فى درب التصنيع، مشروعات عملاقة تدشن، بنية تحية تنفذ، اكتشافات بترولية وغاز طبيعى تتحقق، العالم ينظر بتفاؤل إلى مصر وتؤكد التقارير الدولية بأن اقتصاد مصر سيتحول لواحد من أكبر 30 اقتصاد فى العالم خلال السنوات القادمة، ولكن مازال هناك من يشكك، ومازال هناك من لا يريد لهذا الوطن أن ينهض.

وإن الحديث عن خضوع مصر لإملاءات وشروط صندوق النقد الدولى هو حديث غير منصف، فبصندوق النقد الدولى أو بغيره مصر كانت بحاجة لهذه الإصلاحات الجوهرية، مصر كانت بحاجة أن تضع الأمور فى نصابها الصحيح، وتوجه مصر للحصول على قرض صندوق النقد الدولى له دلالاته وانعكاساته حيث موافقة الصندوق على حصول مصر على القرض جاء ليعكس ثقة المؤسسات الدولية فى الاقتصاد المصرى وهو ما يقود إلى رفع التصنيف الائتمانى للاقتصاد المصري، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لمصر، وزيادة حجم الاحتياطى النقدى ... إلخ.

لقد وصلنا إلى ما نحن إليه الآن بسبب ما فعله آبائنا أجدادنا عندما خرجوا يومى 18 و19 يناير 1977، فيما عرف باسم "انتفاضة الخبز" حيث خرج المتظاهرين منددين بارتفاع الأسعار ورفع الدعم عن السلع والمنتجات، وأضرب العمال وتظاهر الطلاب وتزمر الموظفون ضد القرار الذى صدر بتاريخ 17 يناير 1977، عندما وقف نائب رئيس الوزراء للشؤون المالية والاقتصادية الدكتور عبدالمنعم القيسوني، يلقى بيانا أمام مجلس الشعب يحمل مجموعة من القرارات الاقتصادية منها: "رفع الدعم عن مجموعة من السلع الأساسية الخبز والسكر والشاى والأرز والزيت والبنزين و25 سلعة أخرى". نعم مثل هذه القرارات هى قرارات قاسية يجب معها أن تتحرك مؤسسات الدولة لحماية محدودى الدخل والطبقات المتوسطة من خلال برامج للحماية الاجتماعية. ولكنها قرارات صائبة وعدم تنفيذها طوال هذه العقود أضحينا نجنى تبعاته اليوم، واليوم يرفضها البعض أيضًا كما فعل آبائه وأجداده من قبل. ولكن علينا أن نتحمل ولا نفعل كما فعلوا علينا أن نصنع مستقبلاً يليق بمصرنا وأولادنا عندما يكبرون.

واخيراً، السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، السيد المهندس مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، السادة المسئولين، لا جدال بشأن الحاجة الملحة للإصلاح الاقتصادى ولكن هناك واجب على الدولة تجاه المواطن محدود الدخل، واجب يقتضى تخفيف الأعباء المالية والاقتصادية، واجب فى رعاية صحية متكاملة، واجب فى تعليم يخلق أجيالا تتلاءم مؤهلاتها مع احتياجات أسواق العمل المحلية والدولية.

سيدى الرئيس إن كان على المواطن تحمل تداعيات قرارات الإصلاح الاقتصادي، فالحكومة أيضًا مطالبة أن تتحمل أيضًا من خلال اعلان برنامج للتقشف الحكومي، على مؤسسات الدولة المختلفة أن تعمل على ضبط الأسواق ووسائل النقل والمواصلات وغيرها من احتياجات المواطن التى تطولها تداعيات قرارات رفع الدعم، على مؤسسات الدولة انفاذ القانون والتطبيق الصارم لكل الأحكام المتعلقة بالغرامات والعقوبات المالية على شركات الاحتكار ووضع اليد واسترجاع ممتلكات الدولة المنهوبة، على مؤسسات الدولة محاربة الفساد الذى يلتهم ثروات ومقدرات الشعب وملاحقة المتهربين من دفع الضرائب وغيرها من الاجراءات التى على الدولة أن تقوم بها فى اسرع وقت وبكفاءة وفاعلية.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة