فرناندو هييرو، المدير الفنى للماتادور الإسبانى بطل العالم 2010، بدا سعيدا جدا بعد فوز فريقه الباهت على إيران بهدف يتيم، وقال هييرو إنه فخور بلاعبيه بعد الفوز الذى حققوه، لأن تحقيق الفوز على أى فريق فى المونديال صعب للغاية، وكل الفرق المشاركة مستعدة جيدا.
الفوز الذى يفخر به هييرو تحقق من كرة طائشة اصطدمت بمدافع إيرانى قبل أن تجد قدم دييجو كوستا مهاجم إسبانيا فى طريقها وتسكن الشباك الإيرانية فى لحظة من عدم التركيز انتابت أحفاد كسرى، فدفعوا ثمنها غاليا.
التركيز ونقيضه إذن هو الجدل الحاكم لمباريات مونديال روسيا، ومن أنصاف الفرص المتولدة عن هذا الجدل تدخل المنتخبات المتبارية مباراة من نوع آخر، إما أن تسجل أو تستقبل شباكك هدفا على الفور، كل فرصة أو حتى نصف فرصة ضائعة يقابلها هدف أو هدف محتمل فى مرماك، فيما يشبه العقاب، ولذلك لم يكن غريبا أن يخرج كوتينيو نجم منتخب البرازيل بعد الفوز على كوستاريكا بهدفين فى الوقت الضائع من المباراة، مبررا الفوز المتحقق بأن فريقه لم يفقد تركيزه للحظة واحدة، بينما اعتقد لاعبو كوستاريكا أن المباراة انتهت مع الدقيقة 90 وتوقعوا أن الدقائق الست التى احتسبها الحكم ستمر بالضرورة كما مرت المباراة، وتراجع تركيزهم فتلقوا هدفين قاسيين.
الفارق بين الفائزين والمهزومين فى المونديال هو قدرة اللاعبين على استغلال أنصاف الفرص التى تلوح لهم أثناء المباريات، ولو استغل صلاح وتريزيجيه ومروان محسن مثلا الفرص التى لاحت لهم فى مباراة روسيا لما تلقى منتخبنا الهزيمة القاسية وما ودع المونديال من الدور الأول، ولو استغل المهدى بن عطية الفرص التى لاحت له أمام البرتغال لما خرج منتخب بلاده من الدور الأول، وما خرج كريستيانو رونالدو سعيدا بهدفه الوحيد الذى منح بلاده الفوز ومنحه جائزة أحسن لاعب فى المباراة.
المسألة ليست فى الحظ أو ما يسمونه «الجنرال توفيق»، المسألة فى التدريب الشاق للمهاجمين على استغلال أنصاف الفرص تحت ضغط دفاعات الخصوم والتصرف فى الكرة بسرعة فى الاتجاه السليم نحو المرمى، طبعا هناك نسبة من التوفيق ولكن مع التدريب المستمر وحسن التوقع والتمركز السليم تقل نسبة التوفيق وتزداد نسبة تسجيل الأهداف للاعبين المميزين، وهذا الكلام يجد التطبيق النموذجى له فى هارى كين، وانظروا مباراة إنجلترا وتونس على سبيل المثال، كين لم يفعل شيئا طوال المباراة وربما لم ينطق المعلقون اسمه كثيرا، لكنه كان موجودا فى اللحظات الحاسمة وفى التوقيت المثالى والتمركز الصحيح ليسجل هدفى بلاده من كرات تبدو سهلة لكنها غير ذلك.
محللو الأداء فى الفرق والمنتخبات، دورهم إحصاء عدد الفرص الضائعة لكل مهاجم، ولماذا ضاعت، وهل هناك تطوير لابد أن يحدث فى طريقة تصرف اللاعب بالكرة أمام المرمى أو فى تمركزه، طبعا الفروق الفردية والمهارات تختلف من لاعب لآخر، لكن العلم والتدريب يقللان الفوارق مع وجود الحد الأساسى من الموهبة والالتزام، ونذكر جميعا كيف غير مانويل جوزيه طريقة لعب أبوتريكة للكرات الأرضية فى منطقة الـ18، فقد كان تريكة يلعب أى كرة تصله بظاهر القدم «وش رجله» ليلفها فى الزاوية، وكان كثير من الأهداف تضيع بسبب اعتياده على اللعب بهذه الطريقة، لكن جوزيه أصلح هذا العيب ودفعه للعب بباطن القدم ليقلل بنسبة كبيرة الفرص المهدرة أمام المرمى.
وللحديث بقية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة