وائل السمرى

السعودية تكسر حائط «التحوط»

الإثنين، 25 يونيو 2018 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
للمرة الأولى فى تاريخها، استطاعت المرأة السعودية أن تقود سيارتها دون خوف أو تردد أو شعور بارتكاب جرم، وربما يرى البعض أن تلك الخطوة التى قطعتها المرأة السعودية يسيرة هينة، إذا ما قورنت بما تتمتع به المرأة فى البلدان الأخرى، لكنى فى الحقيقة أراها خطوة جبارة فى سبيل التمدن، واعتراف رسمى من أكبر الدول التى كانت رمزاً للتحفظ بشرعية «قيادة المرأة»، وأتوقع فى القريب العاجل أن تتجه السعودية إلى تعيين المرأة فى العديد من المناصب القيادية بالحكومة، وأن تنجلى تلك الصورة الذهنية السلبية عن السعودية كبلد لا يراعى حقوق المرأة، وهو أمر غاية فى الأهمية، لكنه من وجهة نظرى ليس الأهم.
 
فى اعتقادى أن أهمية هذه الخطوة الكبيرة فى تحرير المرأة السعودية هو أن المملكة استطاعت بجهود فردية من الملك سلمان وولى عهده الأمير محمد بن سلمان، أن تكسر حائط «التحوط»، والتحوط هذا مصطلح فقهى يعنى اتخاذ كل أسباب الحيطة، فيما يتعلق بالأمور الشرعية، وبناء عليه يغلق الفقهاء باب الاجتهاد فى المسائل المستحدثة لا لوجود نص قرآنى أو حديث نبوى، وإنما من باب «الاحتياط» فكل شىء لم يفعله أوائل المسلمين دفع العديد من الفقهاء إلى الريبة، وكل شىء مستحدث على الحياة اليومية حرمه الفقهاء من باب الاحتياط، والأمثلة على هذا لا تعد ولا تحصى، فقد حرم الفقهاء طباعة الكتب بالطرق الحديثة فى بداية ظهور المطبعة من باب الاحتياط، كما حرموا شرب القهوة من باب الاحتياط، وحرموا الشرب من الصنبور من باب الاحتياط، وهو ما فعله فقهاء السعودية فى مسألة منع قيادة المرأة تماما.
 
أغلقت السعودية نوافذ حرية المرأة فى السابق «من باب الاحتياط»، فلا وجود لحديث نبوى ولا نص قرآنى يمنع المرأة من قيادة السيارة، والعكس هو الصحيح، فقد كانت المرأة فى عصر النبوة تقود سيارة عصرها «الجمل والحصان» دون جدل أو مشاحنة، لكن بعض فقهاء السعودية فى العصر الحديث لم يحسنوا القياس، ولم يجربوه ولم يستدلوا به، وبناء عليه استحسنوا أن تصحب المرأة فى حلها وترحالها رجلا غريبا ليقود سيارتها، مع العلم أن قيادتها للسيارة أكثر صونا لها وحفظا، لكن أزمة هؤلاء الفقهاء أنهم كانوا لا يطيقون أن يروا امرأة «تقود».
 
قطعت السعودية بسماحها للمرأة قيادة سيارتها خطوة كبيرة فى سبيل التمدن، وأمامها الآن خطوات متعددة لتبرهن للعالم أن هناك تغييرا منهجيا فى عقيدتها الفكرية والسياسية، وأنها لم تلجأ إلى هذه الخطوة للاستعراض الإعلامى فحسب، فقد أثبت الأمير محمد بن سلمان أنه قادر على قيادة السعودية إلى الأمام، وأن إرادته تعلو على إرادة الكهنة، وأنه قادر على كسر جدران التحوط الفارغة، بعد أن سجنتنا وراءها قرونا، وأغلقت نوافذ عقولنا قرونا، وحرمت ما أحله الله قرونا.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة