شهد اجتماع لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، استمرار الجدل والاختلاف بين ممثلى الأزهر الشريف، ووزارة الأوقاف، حول دور واختصاص الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف بالنسبة لإصدار الفتاوى بشكل رسمى فى القانون الجديد ، خاصة بعدما طلبت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف بشكل رسمى استبعاد "الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف" من الجهات صاحبة الحق فى إصدار الفتاوى على اعتبار أنها جهة تنفيذية وليست جهة علمية.
النص الأول كما ورد فى المسودة الأولى لمشروع قانون الافتاء جاء كالآتى :" يحظر بأية صورة التصدى للفتوى العامة إلا إذا كانت صادرة من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أو دار الإفتاء المصرية أو مجمع البحوث الإسلامية أو الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف، ومن هو مرخص له بذلك من الجهات المذكورة، ووفقا للإجراءات التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون"، إلا أن هيئة كبار العلماء مؤخرا أرسلت تعديلات على مشروع القانون وطلبت حذف "الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف" على اعتبار أنها جهة تنفيذية وغير علمية، على أن يرجح رأى هيئة كبار العلماء فى حالة تعرض الجهات المذكورة.
طلب هيئة كبار العلماء بحذف " الادارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف " من قانون الفتوى تسبب فى غضب بوزارة الأوقاف ، حيث تقدمت الوزارة بخطاب رسمى للجنة الدينية بالبرلمان يثبت بشكل رسمى وجود إدارة الفتوى بوزارة الأوقاف وممارستها لأعمال الفتوى.
الحرب الباردة بين الأزهر والأوقاف ظهرت بشكل واضح فى اللجنة الدينية بالبرلمان خلال المناقشات ، لانه بعدما تقدم وزير الأوقاف بالمذكرة الرسمية ، رد الدكتور محى الدين عفيفى، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، قائلا: "فيما يتعلق بالمذكرة المقدمة من وزير الأوقاف فلا نستطيع أن ننكر وجود هذه الإدارة فى الوزارة منذ اعتماد الهيكل التنظيمى فى 1988، وعندما يكون هناك أمور فى المسائل الشرعية لا يستطيع أحد أن يقول لها لا تتحدثى، لكن نحن الآن أمام أمور عامة، نحن نتحدث عن قانون، ولم يرد فى قانون وزارة الأوقاف ما يتعلق بالفتاوى، وإذا كان يوجد نستمع ونشوف، فلو كانت موجودة لا يستطيع أحد أن يقول لإدارة الفتوى بوزارة الأوقاف انتى بتفتى فى ايه، إذا هناك أدوار أصيلة للمؤسسات، فمثلا نتعاون مع وزارة الأوقاف فى المساجد بوجود الوعاظ ولكن هو اختصاص أصيل للوزارة".
وأضاف عفيفى: "هيئة كبار العلماء ذكرت فى مذكرة التعديلات المقترحة منها، أن يتم حذف الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف باعتبارها جهة تنفيذية وليست جهة علمية لإصدار الفتوى، ولم يرد بقانون تنظيم وزارة الأوقاف المشار إليه أى اختصاص للإدارة بالفتوى ولا يمكن إنكار اختصاص أئمة المساجد بالفتوى ، ولكن هل الفتوى عامة؟؟".
وأشار إلى أن هذه اللجنة لا تملك حق التعامل مع الفتاوى والقضايا العامة، معتبرا أن الفتوى صناعة من الصناعات الثقيلة، وما أوقعنا فى المصائب التى نحن فيها إلا افتقاد مقومات هذه الصناعة، والكل يعلم قيمة التخصص واحترام التخصص.
حديث الامين العام لمجمع البحوث أثار غضب الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف الذى عقب قائلا: "أزعم أن وزارة الأوقاف أقدم من مجمع البحوث الإسلامية، وأئمة المساجد من الأزهر الشريف، وهم صوت الأزهر الحقيقى فى الشارع، نحن فى الميدان وليس من يجلسون فى المكاتب المكيفة، ويؤسفنى أننا فى هذه الجلسة نصحح نسب إدارة الفتوى بوزارة الأوقاف، فمنذ أن أنشأت وزارة الأوقاف لو رجعنا للتاريخ سنجد إدارة الفتوى موجودة، ولا يمكن أن ينكر أحد دور إدارة الفتوى بالوزارة فى الفتوى إلا من فى عينيه رمد أو لديه قذى، ونحن نزيل هذا القذى الآن، فالفتوى العامة حق أصيل لإمام المسجد ولا نفرط فيه، ولو نحن فرطنا أعتقد أننا سنصطدم بـ60 ألف إمام سيرفضون ذلك".
وهنا تدخل الدكتور أسامة العبد، رئيس اللجنة وقال : "لا نتعامل بالتهديد ، ليس القصد أن نفرق بين الأزهر ووزارة الأوقاف، الخلاف شكلى وليس موضوعى على الإطلاق، لأن هذا واقع، ولا أرى مجالا للتنازع على الإطلاق، ومعروف وزارة الأوقاف عملها دعوى" ،
سخونة الحديث دفعت الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف للتدخل ، قائلا: "نسحب كلمة الشيخ جابر، ونحن نقدر معا المصلحة الوطنية فين، ومصلحة الدين والبلد نحن معها" وأضاف :" "تاريخيا الناس كلها طول عمرها تعلمت على يد شيخ المسجد، إذا القصة ليست نوعية وإقصائية، الإمام عايش وسط الناس متمرس فى الواقع ومخضرم، الإمام يعرف مشاكل الناس وما يطابق الواقع وما لا يطابقه، ويعلم الفقه، والإمام فى المسجد الأكثر تعاملا مع الناس من غيره، ولن نبخس الأئمة حقهم، وأنا منعت تعيين الأئمة من خارج أبناء الأزهر، وكلنا من أبناء الأزهر، ومنع الائمة من الفتوى يضعف دور الأزهر فى الخارج، هم المسيطرون على 90% من مراكز العلم الإسلامية فى الخارج، ولما يتمنع من الفتوى فى بلده هيعمل فى الخارج ازاى، لا نريد أزهرى بشرطة ولا أزهرى من غير شرطة، كلنا نعمل تحت مظلة الأزهر وللمصلحة الوطنية ومصلحة الإسلام".
وتابع الوزير: "الإقصاء يولد الإقصاء المضاد، ولما ناقشنا هذا القانون قلت إنه من أفضل القوانين وبالصورة التى وافقت عليه اللجنة فى الأول منذ عدة شهور قانون متوازن ومثالى ومتفرد، فلم يضيق ولم يوسع، لكن لو جاى بموقف مسبق ورفض قاطع ومصر على الإقصاء، فكيف يحدث توافق".
واستطرد الوزير: "عندى أئمة متخصصين دكتوراه فى الفقه، وأنا مطمئن لهم وأصرح لهم تحت مسئوليتى، ولن أعطى تصريح إلا لما تكون متطمن 100%، نحن نؤمن بمرجعية الأزهر وانا عضو فى مجمع البحوث الإسلامية، وأقترح أن تكون المادة كما هى ويضاف عبارة أنه عند التعارض فى الفتوى يرجح رأى هيئة كبار العلماء، وكلهم أساتذتنا، ونحن نحرص على النقاء بيننا ولا نريد أن يغضب بعضنا من بعض على الإطلاق".
وعقب الدكتور أسامة العبد: "أعضاء لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب توافقنا على المادة كما هى فى مشروع القانون الذى انتهت إليه اللجنة، مع إضافة أنه عند التعارض يرجح رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف"، ليرد الدكتور محى الدين عفيفى، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، معربا عن تحفظه الكامل على ما انتهت إليه اللجنة، رافضا الإبقاء فى المادة على "الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف" قائلا: "من حقى الاحتفاظ برأيي".
ورد "العبد": "الدكتور محى كان موجود وتوافق معنا من قبل على هذه المادة والآن يتعارض مع نفسه"، ليعقب عفيفى: "دا رأى هيئة كبار العلماء أساتذتنا ولا أستطيع أن أعارضه، ومع احترامى وتقديرى لكل الأعضاء المحترمين، رأى المجموع لا ينسف الرأى"، فقال له رئيس اللجنة: "أنت أيدت هذا القانون سابقا ووقتها كنت تمثل الأزهر بهيئاته كلها"، ليرد "عفيفى": "كون إنى محتاج معلومات وهيئة كبار العلماء كملت هذه المعلومات، حتى لو كنت قولت رأى مسبق فرأى هيئة كبار العلماء ملزم لكل الأعضاء"، ليتساءل رئيس اللجنة: "ملزم لمين..ليس ملزم لنا؟"، ويعقب "عفيفى": "ملزم لأعضاء الهيئة وليس لأعضاء اللجنة، فلم أقل ذلك وأعى ما أقول"، ورد "العبد": "ونحن نعى أكثر منك".
فيما قال وزير الأوقاف: "اللجنة الدينية بالبرلمان تضم قامات ورئيسها الدكتور أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر الأسبق، وأستاذ فقه، والدكتور عمر حمروش مقدم مشروع القانون وعضو اللجنة أستاذ بجامعة الأزهر، والنائب محمد إسماعيل أستاذ بجامعة الأزهر، وبالتالى اللجنة تقدر تأخذ القرار بنفسها، واحنا عرضنا وجهة نظرنا ونثق فى اللجنة ونضع الأمر أمانة بين يديها، فعندما تكون هناك مصادرة مسبقة وإقصاء متعمد لا يمكن يكون هناك توافق".
وقال الدكتور أسامة العبد: "اللجنة متفقة على المادة القديمة مع بعض إضافات ترضى هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية، ومش عايزين الشيخ محى الدين عفيفى يغضب بهذا الشكل"، ورد "عفيفى": "أتحدث فى رأى، ولم أجرح ولم أتناول الأشخاص".
ومن جانبه، قال الدكتور عمر حمروش، أمين سر اللجنة الدينية، ومقدم مشروع القانون، موجها حديثه لرئيس اللجنة: "نحن فى اللجنة دائما حريصون على التوافق واللجنة تجمع ولا تفرق، وإذا ارتأيت ممكن أسحب المشروع حفاظا على هذا التوجه والوحدة"، فعقب "العبد": "مشروعك سيؤدى إلى الوحدة أكثر، واللجنة توفق ولا تفرق، وما يخرج من هذه اللجنة للمصلحة العامة للوطن".
وكان الاجتماع السابق للجنة، شهد التوافق بين ممثلى مشيخة الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف، على أن تقوم وزارة الأوقاف بإحضار الأوراق الرسمية التى تفيد بوجود إدارة الفتوى بها ليعرض على لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب، من أجل اتخاذ القرار التوافقى بين المؤسسات الثلاثة مع مراعاة المصلحة العليا للوطن، حيث شهد الاجتماع السابق اختلافا حول وجود إدارة الفتوى بوزارة الأوقاف وإدراجها فى مشروع القانون ضمن الجهات المنوط بها منح تصاريح الفتوى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة