حالة من الجدل المتصاعد أحاطت بالجولة التاريخية التى يقوم بها حاليا، الأمير البريطانى وليام، لمنطقة الشرق الأوسط، ليس فقط بسبب أنها الأولى من نوعها التى يقوم بها أحد أفراد العائلة المالكة بزيارة إلى إسرائيل والأراضى الفلسطينية، بعد 70 عامًا من انسحاب القوات البريطانية من الأراضى المقدسة، ولكن أيضا بسبب توقيت الزيارة التى تأتى فى ظل تجمد المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، بعد المستجدات الأخيرة، وأهمها الاعتراف الأمريكى بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس.
توقيت الزيارة.. محاولة بريطانية لتبييض وجه الحكومة
ولعل أكثر ما يلفت الانتباه فى هذا الإطار، هو أن زيارة الأمير البريطانى للمنطقة التى تعانى من توترات عميقة تأتى خلافا للسياسة البريطانية القائمة منذ عقود، والتى تقوم على عدم قيام أى فرد من الأسرة المالكة بزيارة ملكية رسمية إلى المنطقة قبل أن يتم الوصول إلى حل رسمى للقضية الفلسطينية وإحلال السلام فى المنطقة.
والتوقيت الذى قام فيه الأمير البريطانى، بجولته فى منطقة الشرق الأوسط، والتى بدأت بزيارة الأردن، يثير العديد من التساؤلات حول ما إذا كانت تلك الجولة تمثل محاولة لإحياء الدور البريطانى فى القضية الرئيسية فى المنطقة، وبالتالى استعادة النفوذ البريطانى، خاصة مع توارى الدور الأمريكى، بعد الموقف المتحيز الذى تتبناه إدارة ترامب فى المرحلة الراهنة، أم أنه محاولة من قبل الحكومة البريطانية للتغطية على فشلها باستخدام الأمير البريطانى الشاب.
جدول الزيارة.. دعم الحق الفلسطينى فى القدس
وعلى الرغم من أن قصر "كينجستون" الملكى، قد أكد فى بيان له، أن الزيارة التى يقوم بها الأمير وليام إلى المنطقة لا تحمل أية أهداف سياسية، وأنها جاءت بناء على طلب الحكومة، من أجل التركيز على شعوب وثقافة المنطقة، إلا أن جدول الزيارة فى حد ذاته ساهم بصورة كبيرة فى إثارة الجدل، خاصة وأن الموقف البريطانى من إجراءات ترامب لم تكن بالقوة اللازمة، لاستعادة نفوذ بريطانيا فى المنطقة.
وجدول زيارة الأمير وليام، إلى الأراضى الفلسطينية سيتضمن إحاطة موجزة عن تاريخ وجغرافية مدينة القدس القديمة من نقطة المشاهدة فى جبل الزيتون، وهو الأمر الذى أثار غضب بعض السياسيين الإسرائيليين الذين اعتبروا أن الزيارة تحمل أهداف سياسية لدعم الحق الفلسطينى فى المدينة المقدسة، والتى سبق وأن اعترفت بها الولايات المتحدة كعاصمة لإسرائيل.
ومن جانبه، علق المندوب الدبلوماسى للسلطة الفلسطينية فى لندن مانويل حساسيان، على الزيارة، بقوله، إنه "بغض النظر عما أعلنته الحكومة البريطانية، إلا أن الزيارة تحمل فى طياتها أهدافا سياسية"، موضحا، فى تصريحات أبرزتها وكالة "أسوشيتد برس"، أن الأمير الشاب سيلتقى مسئولين سياسيين إلى جانب لقاءاته الأخرى التى تهدف إلى الإطلاع على ثقافة المنطقة، وأضاف المسئول الفلسطينى "أعتقد أن زيارة أحد أفراد الأسرة المالكة إلى الأراضى الفلسطينية المحتلة، تحمل فى طياتها رسالة مفادها أن فلسطين دولة شرعية وأن كفاح الشعب الفلسطينى لاستعادة حقوقه المسلوبة هو كفاح شرعى".
وليام خلال زيارته لإسرائيل
اختيار وليام.. رسالة بريطانية لإسرائيل
ولكن اختيار الأمير وليام، من قبل الحكومة البريطانية للقيام بمثل هذه الزيارة، والتى تتسم بحساسيتها الشديدة، ربما يعد أحد القضايا التى تثير العديد من علامات الاستفهام، خاصة وأنها المهمة الرسمية الأولى التى يقوم بها الأمير البريطانى الشاب على المستوى الدولى، فى ظل الظروف الراهنة، وبالتالى فإن اختياره فى حد ذاته ربما يمثل رسالة ضمنية إلى إسرائيل.
ويبدو أن مركز الأمير وليام المرموق بين أفراد الأسرة الحاكمة، باعتباره الأمير الثالث على خط العرش البريطانى، بعد الملكة الحالية إليزابيث ووالده الأمير تشارلز، أحد الأسباب الرئيسية، إلا أنه ربما ليس السبب الوحيد، وهو الأمر الذى أثار حالة من القلق لدى قطاع كبير من المتابعين الإسرائيليين حول النوايا البريطانية وراء انتداب الأمير وليام للقيام بهذه الزيارة، خاصة وأن والده كان معروفا بمواقفه المناوئة لإسرائيل.
ففى خطاب يرجع تاريخه إلى عام 1986، نشرته صحيفة "ديلى ميل"، كتب الأمير تشارلز، والد وليام، أن تدفق المهاجرين اليهود إلى منطقة الشرق الأوسط كان السبب الرئيسى وراء حالة عدم الاستقرار، مطالبا بالوقوف أمام المحاولات الإسرائيلية حشد مناصريهم فى الدول الأجنبية، خاصة الولايات المتحدة، من أجل تحقيق مصالح الدولة العبرية على حساب السلام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة