الخواجة الأرجنتينى هيكتور كوبر، خرج علينا بعد الهزيمة من روسيا وقال سأرحل، الموضوع انتهى، 90 بالمائة من الجماهير والمسؤولين لا تعجبهم طريقتى ولا يريدوننى، ثم وجه انتقادات للاعبين على عدم تركيزهم خلال فترات مختلفة من المباراة، وكذلك على إضاعتهم الفرص التى لاحت لهم، وفى المقابل كانت تصريحات ستانيسلاف تشيرتشيسوف، المدرب الوطنى الروسى، تكشف كيف أعد لاعبيه نفسيا وشحنهم بجرعة مكثفة من الشعور الوطنى والتكاتف فى مواجهة الخصم وبذل كل نقطة عرق من أجل رفع علم الوطن، كما كانت التحية المتبادلة بينه وبين لاعبيه شبه عسكرية تعكس ذلك الحماس والتفانى اللذين يكملان الخطة الفنية ويسدان ثغراتها.
الفارق بين طريقتى إعداد مدربى مصر وروسيا وإدارتهما للمباراة هو الفارق بين الخواجة الأجنبى والمدرب الوطنى، الخواجة يضع الخطة الفنية وطريقة اللعب ويشرف على توزيع الأحمال ومراقبة جاهزية اللاعبين فنيا وبدنيا، والمدرب الوطنى يفعل كل ذلك، لكنه يزرع الروح والحماس فى لاعبى المنتخب ليجعلهم مقاتلين فى الملعب وليسوا مجموعة من المرتعشين الخائفين المرتبكين المعرضين للانهيار مع أول هدف يدخل مرماهم.
اللافت أن الغالبية من المنتخبات المتأهلة لمونديال روسيا 2018 يتولى إدارتها مدربون وطنيون، ومن بين 32 منتخبا يتولى إدارة 20 منتخبا منها مدربون وطنيون، كما أن المصنفين العشرة الكبار بين منتخبات العالم، البرازيل وإسبانيا وألمانيا وبلجيكا وإنجلترا وفرنسا والسويد والأرجنتين وسويسرا، يتولى إدارتها مدربون وطنيون، كما أن المنتخبات الست عشرة المتأهلة يتولى إدارة أربع عشرة منتخبا منها مدربون وطنيون، ويمكنكم الرجوع إلى إحصائيات المونديال.
لكن الغريب أن إدارة اتحاد الكرة التى لم تسمع الكلام ولم تلتفت لجميع النداءات والتحذيرات والنصائح بضرورة توجيه الشكر لهيكتور كوبر بعد مباراة غانا فى كوماسى والبحث عن مدرب وطنى من عينة حسام حسن أو حسن شحاتة ليقود المنتخب فى المونديال ويصحح طريقة لعبه ويوازن بين العناصر المحلية الموهوبة والقادرة على تمثيل بلدها والعناصر المحترفة، وساعتها اعتبر الأشاوس فى الجبلاية كلامنا رجسا من عمل الشيطان وجحودا للرجل صاحب الجميل الذى أوصلنا للمونديال بعد 28 عاما من الغياب، إلى آخر الهرى الفارغ الذى تعرفونه والذى يخفى عجزا عن الإدارة الرشيدة وعن استشراف المستقبل.
والأغرب أن نفس الأشاوس فى اتحاد الكرة الذين تسببوا فى ظهور منتخبنا بالمظهر السيئ وعجزه عن تحقيق نتائج مرضية، مصرون على عماهم وتكبرهم وإغفالهم المصلحة الوطنية، بإعلانهم البحث عن خواجة جديد يجعل من المنتخب حقل تجارب لأفكاره اللوذعية ثم يقال أو يستقيل بعد النتائج المخيبة للآمال فى أول بطولة قارية أو دولية، ويتواصل سلسال الإخفاقات الإدارية، خاصة أن هؤلاء الأشاوس لا يستهدفون مدربين عالميين للمنتخب من طراز دييجو سيميونى أو كارلو أنشيلوتى أو لويس إنريكى أو فيليب سكولارى وغيرهم من مدربى الصف الأول، بل يستهدفون المدربين الذين يأكلون عيش على المنتخبات الأفريقية والعربية ولا يحققون نتائج ولا يطورون الفرق والمنتخبات التى يتولون إدارتها بحجة الإمكانيات.
ويتناسى الأشاوس فى الجبلاية أن محمود الجوهرى كان مدربا وطنيا وحقق إنجازات مع المنتخب، وأن حسن شحاتة كان مدربا وطنيا وحقق نتائج مبهرة مع المنتخب على صعيد المنافسات القارية، وحتى حسام حسن حقق نتائج مبهرة مع منتخب الأردن، وميزته الكبرى أنه يستطيع بناء فريق من اللاعبين الموهوبين غير المشهورين ويناطح بهم الفرق الكبيرة، وهذا بالضبط ما نريده من منتخبنا، لكن مسلسل الانهيار الإدارى واستقدام الخواجات بحجة التطوير هو ما أدخلنا عصر الظلمات الكروية، بينما تبعث الاتحادات الأفريقية والعربية مدربيها الموهوبين للتعلم فى أوروبا ويعودوا ليتولوا المنتخبات الوطنية فى أعمار سنية مختلفة حتى الفريق الأول ويحققوا النتائج الكبيرة.
وللحديث بقية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة