من الصعب وقت الفوز أو الخسارة أن تطالب الجمهور بالهدوء، ولهذا علينا أن نقدر غضب الجمهور من أداء منتخبنا فى كأس العالم، وبقدر العشم يكون الغضب. لقد فرحنا بمجرد الصعود لكأس العالم بعد عقود من الحرمان. ونسينا أخطاء هيكتور كوبر فى التصفيات، واعتماده خطة لا تتغير فى الدفاع.
الفرح بالصعود تحول على أمل ورهان لايستند إلى العقل والمنطق، كبر الأمل لكن صدمة الخسارة كالعادة فى الرياضة أحزنتنا. وهناك أسباب للحزن المضاعف، ظهرت من أداء الاتحاد ومن الطريقة المكررة فى اللعب الدفاعى والرهان على هزيمة المنافسين وليس الفوز.
ومن فرح الجمهور وغضبه تولدت المليارات التى تدير عجلات اللعبة الأكثر شعبية فى العالم، كرة القدم، والأكثر تأثرًا بالسياسة والبيزنس، لم تعد هذه اللعبة البسيطة الجماهيرية، وخلف كل صرخة وكل حركة أو سكون هناك أموال تتحرك من جهة لأخرى، اتحادات كرة محلية وإقليمية ودولية وشركات إعلانية، ووكلاء أفراد ومجموعات تجارة واسعة تجتاح العالم وتفرض أن تكون كرة القدم فى المقدمة لاتنافسها لعبة أخرى ولا حتى الألعاب الفردية.
وعلى كل لاعب أن ينتبه ليس فقط لخطواته فى الملعب وتدريباته ومهاراته، لكن لكل كلمة أو همسة ينطق بها، فهى بمثابة ربح أو خسارة لرعاة ومعلنين.
لايمكن قياس الفرح والغضب والأمل بأدوات قياس عادية، والمبالغة والتعصب تدفع إلى الصدام والصراخ،
الأمل ولد صغيرًا بمجرد الصعود لكأس العالم، لكنه كبر قليلًا ليصبح رغبة فى الصمود والصعود لأعلى، لم يكن التحدى كبيرًا لكن الأداء لم يكن على المستوى المطلوب. المنتخب أدى جيدًا فى مباراته الأولى، مع أوروجواى، وخسر لكن الجمهور قدر له هذا، فى المباريات التالية كان الأداء مرتبكًا مع روسيا والسعودية. رهان على هزيمة الخصم وليس اقتناص الفوز. ظلت خطط المدير الفنى هيكتور كوبر ثابتة، وفى المباراة الأخيرة هاجم الفريق السعودى وارتبك منتخبنا. انتهت المباراة وتحول الأمر إلى هجوم من كل جهة، اتهامات مرة للاتحاد وأخرى للاعبين.
ومع تقدير حالة الغضب فقد كان مشهد الجمهور يطارد أتوبيس اللاعبين فى روسيا غير لائق،ولم يراع حزن اللاعبين وأخطاء المدير الفنى، وهو نفس الفريق الذى فرحنا واحتفلنا به عند الصعود.
لامانع من الدعوة لمحاسبة اتحاد كرة القدم على أخطاء عديدة، تحتاج إلى تحقيق، والأهم هو أن نتجاوز العتاب والمحاكمة إلى المحاسبة والسعى لتلافى هذه الأخطاء استعدادًا لسباق آخر بعد أربع سنوات. البحث عن مدير فنى، وعن سياسة للكرة تتجاوز البيزنيس إلى الإدارة والتركيز والاحترام. وحتى لايطغى البحث عن الأرباح والغنائم على السعى للفوز، وهو فوز بالمناسبة يعود بالأرباح على الجميع من دون تفريط.
والأهم هو الانتقال من الغضب إلى البحث عن فوز آخر.