أكرم القصاص - علا الشافعي

ماهر المهدى

نعم ولكن.. جميع المواطنين شرفاء

الجمعة، 29 يونيو 2018 11:36 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ان سائق التاكسي رجل شريف ، وكل سائق للتاكسي هو – بلا شك – رجل شريف . كل تاجر وكل صاحب بقالة وكل بائع للفاكهة وكل صاحب محل للجزارة جميعهم شرفاء ووطنيون وكذلك كل أصحاب المهن والحرف الأخرى ، ولكننا قد نجد أنفسنا في مواجهة بعضنا البعض بسبب تغيرات الأسعار : مواطن في مواجهة سائق التاكسي مغال في أجرته أو لا يرضى بأجرته ، ومواطن في مواجهة طبيب مغال في أتعابه  ، ومواطن في مواجهة صاحب بقالة يرفع اسعار بضائعه وفق رغبته هو ووفقا لتقديره لأنه يرى سعر الدولار الأمريكي في ارتفاع ، ومواطن في مواجهة كل مقدم لكل خدمة بمقابل مادي . فلماذا نجد أنفسنا في مواجهة بعضنا البعض ؟ ولماذا يرتضى البعض لأنفسهم  أن يكونوا محل مطاردة المجتمع ومحل سخط الجميع الا نفسه هذا البعض ؟ لماذا لا نعبأ بأن نكون صالحين حقا وحقيقة في النور وفي الظلام وأمام أنفسنا قبل أن يكون أمام الناس ؟ لماذا لا نشعر بغصة في الحلق ونحن نقول ونعلن أن حملات التفتيش سوف  تداهم الأسواق وتداهم المحال وتتفقد الاسعار ؟ لماذا لا نخاطب أنفسنا كشرفاء يخاطبون شرفاء ونلتزم بما نتفق عليه ؟ لماذا نظهر أحيانا كما لو كنا لا نعتقد في أمانة بعضنا ؟ لماذا لا يمكننا الاعتماد على أمانة بعضنا ؟ لماذا نتحدث عن العصا وعن تغليظ العقوبة وعن سن القوانين وعن سن القيود وعن تشديد  العقوبات من أجل نتائج أفضل ، في الوقت الذي تثبت فيه كل تلك الاجراءات من التشديد والتغليظ فشلها في خلق مجتمع آمن وفي تربية مواطن صالح ؟! ولماذا نصر على الاستمرار في تحري المزيد من العقوبات ومن التغليظ ؟  
 
ان الغلظة لا تنفع ولا تشفع كمنهج وطريقة وكاسلوب للحياة ، حتى في المسائل الايمانية . فالله سبحانه تعالى يقول " من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " وهو القادر على كل شىء . ولا تثبت لنا الحياة كل يوم الا أن الانسان يقبل على ما يؤمن به ولو أدى به الى الهلاك ، وينفر مما لا يؤمن به ولو كان طريقه الى الأمن والى السعادة والى كل عزيز مادي ومعنوي . وجميعنا يشهد من الأمثلة ما لا حصر له يوميا على انصياع الانسان لما يؤمن به دون ما لا يؤمن به ولو رأي الموت بعيني رأسه . فلماذا نصر نحن أحيانا على التحدث عن العصا وبالعصا الى مجتمعنا ونفقد في لحظة ممتدة ما ندركه جميعا ونؤمن به من أننا جميعا مواطنون شرفاء وأن خير العمل وأشرف العمل ما كان عن قناعة وعن ايمان وعن فهم ؟
 
لا يمكن للدولة أن تسير خلف كل مواطن طبعا ، وليس للدولة أن تستثمر وقتها وجهدها في مطاردة الشعب ليلتزم بما هو في صالحه ولأمنه ولمستقبله . ولا يمكن للشعب أن يكون طريد مؤسسات العدالة الاجتماعية أو طريد الشرطة في الوقت الذي يأتي فيه الشعب بالسلطة لتدبر له أمره .
 
اننا نردد أمثالنا القديمة دائما لما بها من حكمة وسداد تبرزه الأحداث كل يوم وتثبته الظروف والأيام . وفي الأمثال القديمة يقولون : أذا اردت أن تطاع فأمر بما يستطع . فهل ما يحدث هنا أن ما يأمر به يخرج عن مقدرة البائع وعن مقدرة صاحب البقالة وعن مقدرة الصائغ وعن مقدرة سائق التاكسي وعن مقدرة النقاش وعن مقدرة غيرهم من الفئات العاملة ؟ أم أن هذه الفئات وغيرها من مقدمي الخدمات وبائعي السلع هم أناس كثيروا الفزع قليلوا الثبات ويميلون الى عدم الوثوق بالغد ، ويعالجون مخاوفهم وقلة ثقتهم في الغد برفع أسعار السلع والخدمات بأيديهم ليحققوا العدالة الظنية التي يعتقدون فيها ويأملون فيها لأنفسهم ، وأن عصوا النظام وشقوا عصا طاعته وتألم الآخرون من بني وطنهم الذين تتعثر حياتهم كلما صادفوا ارتفاعا جديدا في سعر سلعة أو خدمة ما ؟
 
ان الدولة تبذل قصارى جهدها في السعي الى الأفضل من أجل الشعب ومن أجل الوطن ، وتحاول التغلب على اسباب الغلاء وتحاول التوصل الى توفير كافة ما يحتاجه الشعب من سلع وخدمات بأسعار تكون – قدر الامكان – في متناول يد المواطن المعتاد . وليس للدولة هدف ولا مسعى سوى تحقيق مطلب الشعب ومصلحة المواطن بالطبع . فتحقيق مصلحة المواطن ونيل رضا الشعب هو قمة النجاح لكل دولة في كل مكان . وقد يفزع بعض فئات المجتمع ويفرون الى المزيد من المخاوف والأوهام أحيانا ، وذلك في ظل بعض الملابسات الخاصة ، وربما استجابة لتأثير بعض الشائعات ، أو استجابة لظنون خاصة قد تعتري فكر بعض الناس الذين يظهرون قابلية لذلك في كل بلاد الدنيا . وقد يوجد مخالفون للقانون أو مجرمون في كل مجتمع ، ولكنهم قليلون دائما ولا يمثلون الا أعدادا محدودة تعالجها اجهزة الضبط والاحضار . فاذا كنا حريصين على استغلال طاقاتنا الوطنية في أعمال منتجة وتفادي اهدار جزء هام من هذه الطاقات في مطاردة المجتمع ذاته ، فلماذا لا نستثمر المزيد من الوقت في نقاش اجتماعي حول سياسات التسعيرة والمرتبات والأجور والضرائب على الدخل ومكاسب وخسائر التجار وأصحاب الأعمال الحرة ومشاكلهم وحلولها ، بهدف التوصل الى حالة من الرضاء العام بين أفراد الشعب تتقلص معها أسباب النقمة عند البعض وأسباب الخوف عند البعض واسباب القلق عند البعض ، ونأهل أنفسنا للارتقاء الى مستوى أفضل من الثقة المتبادلة بين المواطن والدولة بما يعكس حقيقة أن كل المواطنين شرفاء وأن الدولة حارسة الوطن وخادمة الشعب . حفظ الله مصر دولة مدنية يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات ، وحفظ رئيسها ووفقه الى الخير .   









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة