نظمت جامعة الطائف بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة مساء الجمعة، فى الخيمة الثقافية بسوق عكاظ ندوة بعنوان: "اللغة العربية فى كوريا" أدارها الدكتور عبدالله الوشمى وتحدث فيها د. كيم دونغ هوان، أستاذ قسم اللغة العربية بجامعة هانكوك للدراسات الأجنبية، عن اللغة العربية فى المعاهد والجمعية العلمية فى كوريا الجنوبية، ودبلوماسية كوريا الجنوبية فى الشرق الأوسط بصورة عامة والعالم العربى بصورة خاصة فى الستينات والسبعينات فى القرن الماضى بعد استقلالها عام 1945م والحرب الكورية من عام 1950 حتى 1953م.
وتطرق د. "هوان" إلى قيام كوريا الشمالية بتقوية دبلوماسيتها فى منطقة الشرق الأوسط من خلال القاهرة، وحاجتها إلى السياسة الدبلوماسية الجديدة التى تهدف إلى إنشاء العلاقات الدبلوماسية مع جميع البلدان التى تشمل بعض البلدان لها العلاقات الدبلوماسية مع كوريا الشمالية، فاتخذت حكومة كوريا الجنوبية السياسة الدبلوماسية الجديدة لفتح الباب الجديد مع العالم العربى عام 1973م.
فى حين تحدثت د. يون أون كيونغ، أستاذة ورئيسة قسم اللغة العربية جامعة هانكوك للدراسات الأجنبية، عن التحديات التى تواجه اللغة العربية فى كوريا الجنوبية، موضحة أن مكانة اللغة العربية فى كوريا وفى العالم قد ارتقت بصورة ملحوظة فى الآونة الأخيرة، حيث وصلت وأصبحت العلاقات الدبلوماسية بين كوريا والعالم العربى لأعلى مستوى فى التاريخ، مضيفة أنه وبينما كانت كوريا قد شهدت ما يسمى بنهضة الشرق الأوسط خلال السبعينات بفضل أزمة البترول ونهضة مشاريع البناء للشركات المحلية فى الدول العربية، لكن المكانة الحالية للغة العربية تختلف عن مكانتها فى السبعينات اختلافا جذريا حيث توجد فى كوريا 6 أقسام متخصصة لتعليم اللغة العربية ودراسات الشرق الأوسط ب5 جامعات تأتى على رأسها جامعة هانكوك للدراسات الأجنبية والتى افتتحت أول قسم متخصص لتعليم اللغة العربية فى حرم سيول عام 1965.
وأوضحت أنه وتماشيا مع النمو الاقتصادى بدأ الشعب الكورى يهتم بالحضارة والثقافة خارج كوريا بصفة عامة وبالحضارة العربية وثقافتها بصفة خاصة، وأنه نتيجة لذلك يزور كثير من السياح الكوريين الأماكن السياحية والثقافية وغيرها، لزيادة التبادل الثقافى.
بدوره تطرق. د. أو ميونغ كون، من جامعة هانكوك للدراسات الأجنبية، إلى تاريخ اللغة العربية فى كوريا، موضحاً أن الجمهورية الكورية بدأت تهتم بتعليم اللغة العربية اعتبارا من عام 1965 م. وقد أنشأت جامعة هانكوك للدراسات الأجنبية قسم اللغة العربية فيها، مضيفاً أنه بعد ذلك فى أعوام السبعينات كان كثير من العمال الكوريين يعملون فى البلاد العربية وأيضا حدثت أزمة البترول عام 1973 م فى العالم مما شجع الحكومة على التفكير فى استيراد البترول من الدول المنتجة له، وقد دفع ذلك الحكومة إلى تعليم الطلاب الكوريين اللغة العربية من أجل فهم الثقافة والعمل المشترك بين كوريا والدول العربية، مما أنشأ قسم اللغة العربية فى ثلاث جامعات فى كوريا ، وهى جامعة ميونغ جى عام 1976م، وجامعة بوسان للدراسات الأجنبية سنة 1983م وجامعة جوسن عام 1985م، بالإضافة إلى ذلك فرع فى يونغ أن لجامعة هانكوك للدراسات الأجنبية 1979م.
وأشار إلى أنه وتماشيا مع زيادة حجم التبادل الاقتصادى والتجارى بين كوريا والعالم العربى، زادت اهتمامات الكوريين بثقافة وحضارة العالم العربى أيضا مما دفع وزارة التربية والتعليم الكورية لاختيار اللغة العربية لتكون من مواد اللغات الأجنبية الثانية رسميا ضمن مناهج تعليم المدارس الثانوية اعتبارا من عام 2002 . موضحا أن ذلك يدل على اعتراف الحكومة الكورية بأهمية اللغة العربية باعتبارها من أهم اللغات الأجنبية الثانية، وسرعان ما تدفق كثير من الطلاب على اختيار اللغة العربية من ضمن اختبارات اللغات الأجنبية الثانية فى امتحان القبول بالجامعات لتصل نسبتهم إلى 30% من إجمالى عدد المتقدمين للامتحان عام 2012.
عقب ذلك أقيمت ندوة أخرى بعنوان" التنمية الثقافية تحديات الحاضر وتطلعات المستقبل" وأدارها د. إيهاب مصطفى عضو هيئة تدريس بقسم اللغة العربية، بجامعة الطائف، تحدث من خلالها. د. أحمد عبد الله زايد أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة القاهرة عن ثقافة التطرف خصائصها وآليات مواجهتها، بهدف التعرف على خصائصها وطرق مواجهتها من خلال تعريف التطرف مع التفرقة بين هذا المفهوم والمفاهيم الأخرى القريبة منه، ثم تطرق إلى تعريف الثقافة بشكل عام، وتحديد معالم ثقافة التطرف كثقافة فرعية، مشيراً إلى أن من أهم هذه المعالم: الرؤية الضيقة غير المرنة للعالم، والتنميط الثقافى، والوصاية الثقافية، والنظرة الماضوية، والانعكاسية الماضوية، والتفاعل المتوتر مع الآخر، ثم استعرض اساليب مواجهة التطرف، مثل الاستراتيجيات التى انتهجت لتحقيق هذا الغرض مثل استراتيجية اليونسكو، والبرنامج الإنمائى للأمم المتحدة أو أكاديمية البحث العلمى فى مصر، ثم استعرض أهم الآليات المستخرجة من هذه الاستراتيجيات.
بدوره تحدث الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة فى جمهورية مصر العربية د. سعيد المصرى عن الثقافة والتنمية المستدامة، ومفهوم الثقافة والعلاقة الوثيقة بين الثقافة والتنمية، والدور الفاعل للتنمية الثقافية فى تحقيق غايات التنمية المستدامة وذلك بالتطبيق على تجربة مصر فى التنمية المستدامة 2030، والتى أعلن عنها فى 2016، مستعرضاً رؤية التنمية الثقافية فى استراتيجية مصر 2030 بأهدافها وبرامجها من واقع الإدراك العميق لمواطن القوى والضعف والتحديات والفرص المستقبلية المطروحة لتحقيق نمو اقتصادى واجتماعى وبيئى متكامل وعادل ومتوازن يقوم على الاحتواء وبلوغ الأمل فى مستقبل افضل.
وأوضح أن كثير من تجارب التنمية بصفة عامة فى العديد من المجتمعات الإنسانية تشير إلى أن الثقافة يمكن أن تلعب دورا مؤثرا فى نجاح أو اخفاق جهود التنمية المستدامة، بسبب أن عنصر التوازن بين الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية الذى يشكل جوهر الاستدامة فى التنمية يتوقف على اعتبارات ثقافية، موضحاً أن التوازن ايضا بين احتياجات الجيل الحالى وأجيال المستقبل فى التنمية المستدامة يعتمد بصورة قوية على إبعاد ثقافية واضحة فى مدى قدرة المستهدفين من التنمية على ادراك أنفسهم بصورة جيدة ولحاجاتهم وتطلعاتهم المستقبلية.
من جانبها تحدثت د. فوزيه بكر البكر أستاذ أصول التربية بجامعة الملك سعود عن سبل تحقيق التنمية الثقافية بما يتوافق مع المتطلبات المحلية والثقافة العالمية، مبينة أن مفهوم التنمية الثقافية يكتسب اهمية متزايدة فى أيامنا هذه لما يمر به العالم العربى والاسلامى من تحولات سياسية واقتصادية وقيمية ثقافية عميقة يجعل مناقشة مفهوم التنمية الثقافية أمرا شديد الأهمية فى فترة قلقة وحساسة ومن تاريخ الدول العربية.
وأكدت أن أنواع التنمية السياسية والتشريعية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية تحتاج لتحقيقها الى تنمية ثقافية لأفراد المجتمع الذى توجد فيه لتعريفهم بالقيم والمفاهيم والممارسات المرتبطة بكل أشكال التنمية السالفة الذكر، مضيفة أنه ومن هنا ينشأ وعى مجتمعى على شكل قيم ثقافية وممارسات تنعكس على شتى مجالات الحياة مثل استيعاب القيم المرتبطة باستخدام التكنلوجيا خلال نقلها وتربية الذوق الفنى وترقية الاحساس الجمالى فى التعامل مع كافة المنتجات الثقافية والأدبية، لافتة إلى أننا فى حاجة ملحة لا دارة عمليات التنمية الثقافية بما يتواكب مع التغيرات المتسارعة التى حملتها لنا رؤية 2030 وبما يتوافق مع المتطلبات المحلية ويتكيف مع الثقافة العالمية.
وقالت إنه يمكن ايجاد استراتيجيات واضحة بين مؤسسات الدولة العامة والخاصة فى مجال تشجيع العناية بالشأن الثقافى وتشجيع المبدعين فى كل القطاعات والذى سيكون عاملا مهما لطفرة حقيقية فى مجال تمتع افراد المجتمع بمختلف أنواع المنتجات الفكرية والأدبية والحوارية مما يعمق مفاهيم السلام العام وينشر الأمن ويرفع الذائقة الفنية لدى الجمهور ويؤكد من ارتباطه بأرضه وإبداعاته، مشيرة إلى أن الجمعيات الفكرية والعلمية والأدبية والفلسفية والفنية والتشكيلية كلها أدوات للرفع من توعية الجمهور بإنتاجيات هذه الجمعيات فى مختلف الحقول وهو ما قد يوصلنا إلى عمل عربى مشترك لأنشاء مجالس للعلوم والفنون والآداب ترعاها المملكة.
كما تحدثت الأستاذة الدكتورة سحر حسين شـريف أستـاذ الأدب والنقـد الحديث بجامعة الإسكنـدرية عن دور المسرح فى التوعية الثقافية تجربة المسرح الجامعى فى مصر نموذجاً، تطرقت من خلالها إلى موضوع البحث والدور الرئيس لفن المسرح فى تحقيق قدر من التوعية الثقافية لأفراد المجتمع، مؤكدة أن المسرح من أكثر الفنون تأثيراً فى الناس، حيث تتعدد الأدوار التى يقوم بها المسرح فى الحياة الاجتماعية والثقافية المعاصرة، وأنه يعد من الركائز الأساسية التى تسهم فى إتاحة فرص التنوير من خلال ما يقدمه من معلومات، ومعارف، وحقائق متنوعة فى شتى المجالات التى تتناسب مع خصائص الجمهور بكل قطاعاته وثقافاته، مما يجعله يقوم بدور فعال فى تشكيل مفاهيم الأفراد، وتصوراتهم، وتوجهاتهم نحو كافة الأحداث السياسية والثقافية والاجتماعية التى تواجه مجتمعهم، مما يسهم فى تحقيق قدر من التنمية الثقافية داخل المجتمع الإنسانى.
بعد ذلك اختتم اليوم الأول للبرنامج الثقافى بالأمسية الشعرية الأولى التى أدارها د. منصور الحارثى، وشارك فيها كل من الشاعر المصرى د. حسن طلب، والشاعر السعودى جاسم الصحيح، والشاعر العمانى جمال الملا، والشاعر السودانى محمد عبدالبارى، قدموا من خلال قصائد نالت رضى واستحسان الجمهور الذى تفاعل معهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة