يترقب العالم القمة المنتظرة بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ونظيره الروسى فلاديمير بوتين، المزمع انعقادها يوم 16 يوليو المقبل، فى العاصمة الفنلندية، هلسنكى، وذلك فى ظل التوترات الدبلوماسية بين واشنطن وموسكو، على إثر الاتهامات الأمريكية الموجهة إلى الكرملين بالتدخل فى الانتخابات الأمريكية عام 2016، والتأثير فى نتيجتها لرئيس البيت الأبيض الحالى ترامب، على مصلحة منافسته – حينذاك – هيلارى كلينتون.
ويستعد سيدا الكرملين والبيت الأبيض، لعقد قمة هامة بعد أخر لقاء جمعهما فى فيتنام فى نوفمبر عام 2017، حيث تعقد الآمال على تلك القمة لكسر جبل الجليد فى العلاقات الدبلوماسية بين واشنطن وموسكو، والتى نتج على إثرها طرد دبلوماسيين من البلدين وتبادل إغلاق السفارات والقنصليات فى نوع من التصعيد يعيد للأذهان أجواء الحرب الباردة بين الدولتين العظمتين خلال حقبة الاتحاد السوفيتى.
ترامب يعتزم بحث سباق التسلح مع بوتين خلال القمة المرتقبة
وقبل أسبوعين على انعقاد القمة المرتقبة، أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، عن أبرز الملفات التى يعتزم مناقشتها مع نظيره الروسى فلاديمير بوتين، حيث أكد أنه ينوى مناقشة قضية تدخل روسيا المزعوم فى الانتخابات الأمريكية، وهو الأمر الذى سبق ونفته موسكو مرارًا وتكرارًا، مؤكده عدم صحة تقييمًا لوكالات المخابرات الأمريكية، يفيد بأن موسكو سعت للتدخل فى الانتخابات الأمريكية عام 2016 لتعزيز فرص ترامب ليصبح رئيسًا.
ترامب يشكك فى صحة التدخل الروسى تزامنا مع إعلان قمته مع بوتين
ومن جهته، توخى الرئيس ترامب، الحذر هذه المرة حيث بادر بتجديد تشكيكه، الخميس، فى التدخل الروسى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى 2016، وذلك بالتزامن مع إعلان البيت الأبيض والكرملين فى وقت واحد عن قمة بين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين فى 16 يوليو فى هلسنكى، وكتب ترامب، فى تغريدة، أن "روسيا تواصل القول أنهم لم يتدخلوا فى انتخاباتنا".
وأضاف "لماذا لم ينظر جيمس كومى غير النزيه وعملاء الإف بى آى (مكتب التحقيقات الفيدرالى) الذين يشعرون بالعار اليوم، فى هذه القضية؟، لماذا لم تدرس العلاقة بين روسيا وهيلارى (كلينتون)؟"، ويحاول "ترامب"، حماية نفسه من تكرار الانتقادات الداخلية التى وجهت له فى نوفمبر 2017، بعد أن التقى ترامب مع بوتين لفترة وجيزة فى فيتنام، وخرج بعدها ليقول إنه "صدق بوتين عندما نفى التدخل الروسى".
وفيما يتعلق بالملفات على أجندة اللقاء حسبما أعلنها الرئيس الأمريكى، فإنه سيحمل على عاتقه بحث مسألة سباق التسلح بهدف توفير الأموال المنفقة على التسلح، وأضاف ترامب - فى تصريحات أوردتها قناة "سكاى نيوز"، اليوم السبت - أنه سيبحث أيضًا الصراعات فى أوكرانيا وسوريا وقضايا دولية أخرى، وذلك فى إطار نية رئيسا البلدين بحث إعادة العلاقات المتراجعة بين روسيا والولايات المتحدة إلى طبيعتها، ومناقشة المسائل الدولية المشتركة الراهنة.
الخارجية الأمريكية: ترامب يأمل أن يسهم اجتماعه مع بوتين فى تعزيز السلم والأمن
وتعقد الآمال داخل إدارتى البلدين على تلك القمة لتقريب وجهات النظر وتخفيف حدة الخلافات، وفى هذا الصدد، قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، الجمعة، إن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، يأمل أن يسهم الاجتماع المقبل مع نظيره الروسى فلاديمير بوتين، فى تخفيف حدة التوترات فى العلاقات الثنائية بين البلدين، وأن يعزز التعاون بين موسكو وواشنطن، الأمر الذى من شأنه أن يسهم فى تعزيز الأمن الدولى.
وأضافت المتحدثة لوكالة أنباء "تاس" الروسية، أن ترامب يسعى لأن يصب هذا الاجتماع فى صالح الأمن القومى الأمريكى، من أجل تحديد ما إذا كانت روسيا راغبة فى أن تحرز تقدمًا فى العلاقات بين البلدين، وأوضحت أن ترامب يؤمن بأن إنشاء علاقات أفضل مع روسيا، سيكون أمرًا جيدًا للولايات المتحدة وروسيا، وتابعت " الكرة الآن فى ملعب روسيا "، كما أضافت أن الرئيس الأمريكى سيواصل محاسبة روسيا على أنشطتها "الضارة"، موضحة أن الرئيس يعطى الأولوية لحماية الشعب الأمريكى والمصالح الأمريكية.
فيما قال المكتب الصحفى للكرملين، إن بوتين وترامب سيناقشان الوضع الحالى وآفاق مواصلة تطوير العلاقات "الأمريكية – الروسية"، بالإضافة إلى القضايا الراهنة فى الأجندة الدولية، وهذه القمة هى الثانية بين زعيما البلدين، اللذين عقدا اجتماعهما الأول على هامش قمة مجموعة الـ20 فى مدينة هامبورج الألمانية، فى 7 يوليو العام الماضى، فيما أجرى الرئيسان عدة اتصالات هاتفية آخرها كان فى 20 من شهر مارس الماضى، هذا إضافة إلى اللقاء القصير الذى جمعهما فى فيتنام، فى نوفمبر الماضى.
قلق فى الداخل الأمريكى من تقديم تنازلات لصالح موسكو
ولكن رغم الآمال المنعقدة لدى الإدارتين الأمريكية والروسية على أهمية تلك القمة بين ترامب وبوتين، لتخفيف حدة الخلافات والتوتر بين البلدين، إلا أن بعض تصرفات "ترامب" خلال القمة التاريخية مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، والتى اعتبرها البعض فى الداخل الأمريكى على المستوى الرسمى أو الشعبى، بمثابة تنازلات، حركت التخوفات من جديد على المستوى الأمريكى من تكرار نفس المشاهد وأن يقدم الرئيس ترامب تنازلات خلال لقاء نظيره الروسى بوتين.
قلق أوروبى من تحسن العلاقات بين أمريكا وروسيا
ولم يقتصر القلق والتوتر على الداخل الأمريكى فقط، بل امتد إلى القارة الأوروبية، التى تتخوف من تحسن العلاقات بين واشنطن وموسكو، فى نفس الوقت الذى بدأت التوترات تجد طريقها إلى العلاقات بين الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبى فى العديد من الملفات، وآخرها ما يتعلق بشئون الدفاع المشترك بين واشنطن وحلف شمال الأطلسى "الناتو"، ففى حين تتقدم خطى الإدارة الأمريكية نحو التقارب مع روسيا، تبتعد خطوات عن حلفائها الأوروبيين.
ويتمثل أحد ملامح توتر العلاقات بين واشنطن ودول الاتحاد الأوروبى، فى بدء وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، إجراء تقييمًا لتكاليف سحب الجنود الأمريكيين من ألمانيا، وذلك حسب تقرير إعلامية، وأشارت التقارير، حسبما أفادت قناة "سكاى نيوز"، اليوم السبت، إلى أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، يدرس عدة خيارات فى هذا الشأن بينها نقل قوات أمريكية من ألمانيا إلى بولندا، وفى هذا الصدد، قال مسئولون أمريكيون، إن التقييم الذى تجريه وزارة الدفاع الأمريكية لا يزال يبحث على مستوى داخلى.
وجاءت تلك الإجراءات من قبل البنتاجون، بعدما بعث الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، رسالة إلى 7 من دول الحلف، بينها ألمانيا، لتذكيرها بالتزامها تخصيص 2% من إجمالى ناتجها القومى للإنفاق العسكرى بحلول عام 2024، وذلك فى وقت ينتقد ترامب بانتظام الميزانية، التى تخصصها الدول الأوروبية فى الحلف للنفقات العسكرية، ويعتبرها غير كافية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة