«وشغلت كاترين نفسها بتغليف كتاب أنيق بورق أبيض نظيف، ثم كتبت عليه مستر هيرتون إيرنشو. وأبدت لى رغبتها فى أن أحمل الهدية إلى ابن خالها، وقالت لى: «أخبريه أنه إذا قبل الكتاب فسوف أحضر إليه وأعلمه كيف يقرأه قراءة صحيحة، أما إذا رفض قبوله فإننى سوف أصعد إلى غرفتى، ولن أضايقه بعد ذلك»، لم أقرأ فى حياتى مثل رواية مرتفعات وزريج للكاتبة الشهيرة إميلى برونتى، فقد أخذت روحى معها ولم تتركها حتى الآن.
كيف كتبت إميلى هذه الرواية؟ وكيف رسمت الشخصيات بكل هذه الدقة؟ حتى أننى كنت أجلس فى الشارع أمام البيت أتأمل الغادى والرائح، وأضفى شخصيات هذه الرواية المهمة على المارين فى الطريق، بالطبع كان «هيثكليف» هو الشخصية البارزة، لكننى لم أحبه أبدا، لقد سار فى طريق الانتقام إلى النهاية.
قرأت هذه الرواية «مختصرة»، وأنا فى الثانوية العامة، ورغم أننى استطعت بعد ذلك قراءتها بشكل أكثر اكتمالا، لكننى ظللت محتفظا فترة طويلة بنسختى من «روائع الأدب العالمى للناشيئن» التى كانت تصدرها هيئة الكتاب، وقبل النوم كنت أقرأ وبشكل يومى، فصل «وفى النهاية أصبحا صديقين» وأنام.
لم يرافقنى كتاب مثلما فعلت رواية مرتفعات وزرينج التى نشرت سنة 1847، كانت دائما فى حقيبتى أينما ذهبت، أعيش مع شخصياتها «هيثكليف، كاثرين إيرنشو، إيدجارد لينتون، إيزابيلا لينتون، هيرتون إيرنشو، كاترين لينتون، ولينتون هيثكليف» أشهر بأحداثها، حيث البرد والطقس السيئ والانغزال ومشقة الوصول، وكلما طلب منى أحد كتابا يقرأه، رشحتها له، كنت فى وقتها أعتقد، ولا يزال عندى بعض هذا الرأى، أنها الرواية الأكثر اكتمالا.
كيف سيطرت هذه الرواية علىّ بهذا الشكل الغريب، لدرجة أننى اشتريت ملابس جديدة تشبه ما كان يرتديه «الشخص» المرسوم على الغلاف الذى كنت أظنه «هيرتون إيرنشو»، ولماذا أحببت «هيرتون» أصلا مع أنه مجرد شخص عادى فى الحكاية فالبطولة كانت لهثكليف وكاترين وإيدجارد؟
حدث ذلك تعاطفا مع «هيرتون» الذى كان هيثكليف ينتقم من الجميع فيه، فقد تركه يعمل فى أرض المرتفعات، ولم يذهب به إلى مدرسة، ولم يعلمه أى شىء، قائلا: «ماذا سيحدث لو عرضنا الشجرة للرياح نفسها؟» يريد أن يرى فى هيرتون شخصا يشبهه، لكن الأمور لا تسير كما خطط لها ذلك المنتقم، فظهور «كاترين لينتون» أفسد كل شىء.
من حسن حظ الرواية ومن حسن حظى أيضا، أنه توافق نفسيا معى، لذا اتحدنا معا، كنت طوال الوقت أرجو من هيثكليف أن يحد من غضبه وأن ينظر إلى نفسه نظرة أخرى، ورغم أننى لم أحبه لكننى راقبت سعيه ناحية الجنون فى حزن، صار شبح «كاثرين إيرنشو» يطارده طوال الوقت يعاتبها ونعاتبه، وابتسمت، حقا، عندما تقاربت رأسا كل من «كاترين لينتون وهيرتون إيرنشو»، وهما يقرآن الكتاب ويصبحان صديقين وأكثر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة