نساء على رقعة الشطرنج..داليدا.. أيقونة اليأس والبهجة..تربت وسط عائلة إيطالية متشددة رفضت عملها بالتمثيل فشقت طريقها بعيداً عنهم ..غنت بالعبرية بعد حرب 48 ففتحت لها مسارح فرنسا وإسرائيل أبوابها

الأربعاء، 06 يونيو 2018 12:00 م
 نساء على رقعة الشطرنج..داليدا.. أيقونة اليأس والبهجة..تربت وسط عائلة إيطالية متشددة رفضت عملها بالتمثيل فشقت طريقها بعيداً عنهم ..غنت بالعبرية بعد حرب 48 ففتحت لها مسارح فرنسا وإسرائيل أبوابها داليدا
دينا عبدالعليم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نسير فى الحياة عبر رقعة كبيرة مقسمة بالتساوى إلى مربعات، بعضها ناصع البياض، وبعضها قاتم سواده، وعليها يقف البشر وفقا لقلوبهم، فمنا من منحه الله قلبا أبيض وسيرة عطرة فوضعه التاريخ فى موضعه على الرقعة البيضاء، ومنا من تملك السواد من قلبه فكانت الرقعة السوداء مصيره، وبين كل هذا نسوة أثرن فى الحياة خيرا وشرا ووقفن داخل الرقعتين أو تنقلن بينهما، ومن خلال هذه السلسلة نحاول النظر إلى سيرتهن نظرة أخرى دون الحكم على واحدة منهن أو التأثر بإيمانها أو كفرها، فقط نتناول سيرتها كأنثى أثرت فى الحياة، ولكم وحدكم الحكم.

«الحياة ليست جميلة ولم تعد تحتمل.. سامحونى»، بهذه الكلمات قررت النجمة المصرية العالمية بنت شبرا داليدا التخلص من حياتها بعد صراعات ومحاولات وحروب ومقاومة لتحقيق الحلم، وعلى قدر نجوميتها العالمية وجمالها وشياكتها على قدر بؤس الحياة التى عاشتها، قسوة وقتل طموح ومحاربة وقصص حب فاشلة وسعيا وراء تحقيق الحلم يتحول لسعى لتحقيق الموت، والتخلص من الحياة، بثلاث محاولات انتحار فشلت منها الأولى والثانية بينما أصابت الثالثة بعد مراحل متعددة من الاكتئاب وكراهية الحياة عاشتها داليدا منذ طفولتها، فكانت مثل النجمة الحقيقية، فى السماء بعيدة وجميلة ومضيئة، يشع منها النور بينما فى داخلها معتم.
 
_315x420_40181cf5b479be1c194a0e40490896aa20c2434c34de6a6b1ef6b4bc8c74479c
 
هى بنت شبرا الخيمة، من أبوين إيطاليين هاجرا مع أبويهما إلى مصر سعيا وراء الرزق، وقت أن كانت مصر فى عز ازدهارها، بينما كان الفقر يعم دولا كثيرة فى أوروبا فولدت الجميلة وكان أبوها عازف الكمان الرئيسى فى دار الأوبرا المصرية ورغم ذلك فقد كان مسيحيا متشددا دينيا، رفض أن تمتهن ابنته التمثيل وعارضها ومنعها من الخروج، وبالفعل لم تكن تخرج إلا للمدرسة أو الكنيسة، ويقال إنها كانت تذهب إلى الكنيسة ولا تؤدى الصلاة بينما تقابل صديقا لها كانت بينهما قصة حب، وخطبها من والدها، ثم فسخ خطبتها بعد أن مات والدها وقدمت داليدا فى مسابقة ملكة جمال مصر وتم تصويرها بالمايوه على غلاف إحدى المجلات بعد أن فازت فى المسابقة فاستنكر خطيبها الصورة وتركها، ويبدو أن هذه القصة غير مؤكدة فقالت بعض المصادر إنها تزوجت من رجل غيره، بناء على رغبة أبيها الذى أرغمها على ذلك وبعد وفاته طلبت الطلاق، وتقدمت لمسابقة ملكة جمال مصر وإن والدتها هى من رفضت وثار غضبها من الصورة وأرغمتها على العمل بشركة استيراد وتصدير وذلك لثنيها عن فكرة التمثيل التى تشغل بالها، لكن ظل حلم التمثيل يراود الفتاة الجميلة، وظلت تسعى وراءه رغم ما واجهته فى بداية حياتها من محاولات لإبعادها عن هذا الطريق.
 
13
 
كان فوز داليدا فى مسابقة ملكة جمال مصر بداية الطريق لتحقيق حلمها وبداية لكثير من متاعب الحياة وإحباطاتها، فمع فوزها انهالت عليها العروض للتمثيل فى القاهرة واكتشفها منتج أفلام فرنسى نصحها بتغيير اسمها من يولاندا وهو اسمها الحقيقى إلى داليدا، ويمكن القول، إنها لم تسع وراء التمثيل قدر سعيها وراء تحقيق نجومية عالمية، فكانت تحلم دوما بالسفر إلى فرنسا والعمل بها، وهو ما حققته رغم معارضة أسرتها المكونة وقتها من الأم وأخوين، إلا أن اعتراضهم على السفر لم يمنعها من حمل حقيبتها وركوب الطائرة والاتجاه إلى فرنسا بحثا عن النجومية، وعاشت هناك فى فندق مع زميلة لها وزميل آخر، وهو الممثل العالمى آلان ديلون وبالطبع وقتها لم يصل لهذه الدرجة من النجومية بل كان صغيرا يبحث عن فرصة للنجومية، وهناك لم تجد فرصة للتمثيل بينما وجدت فرصتها فى الغناء بعد أن حصلت على تدريبات صوت هناك وتميزت بصوتها وانطلقت فى مشوارها الفنى منذ هذه اللحظة وحتى موتها.
 
فى حياة داليدا نقطة فاصلة لم تثر حولها الكثير من الأقاويل نظرا لكونها فنانة عالمية غنت ما يزيد على 500 غنوة بتسع لغات مختلفة، فلم يتوقف أحد عند غنائها باللغة العبرية، إلا أن هناك أغنية لفتت الانتباه  بسبب نوعها وتوقيت غنائها، وهى، كما هو معروف، أغنية هافاناجيلا، إحدى الأغانى التراثية التى تمت كتابتها بعد وعد بلفور وحلم الصهاينة بالعودة إلى القدس وتأسيس دولة إسرائيل، وقد غنتها داليدا عام 1959 أى بعد حرب 48 بـ11 عاما، ووقتها كانت تمر داليدا بفشل وراء آخر فى حياتها الشخصية والمهنية، وكان المعروف أيضا أن فرنسا وهى الدولة التى تقيم بها تدعم قيام دولة إسرائيل مما يدعونا لإعادة قراءة المشهد، فقد تكون داليدا قامت بغناء هذه الغنوة مداعبة لقلوب الفرنسيين وأملا فى انتشار أكبر فى فرنسا ودول أوروبا، خاصة أنها بالفعل حققت مزيدا من النجاحات الفنية، بعدها ففتحت لها مسارح فرنسا أبوابها، كما قامت بزيارة إسرائيل والغناء فى قصر ثقافة تل أبيب.
 
284
 
مع الإخفاق والنجاح فى حياتها العملية كان الفشل هو ما ينسج تفاصيل حياتها الشخصية، تلك التفاصيل التى شكلت ملامح حياتها حتى موتها منتحرة، بداية من تفاصيل قصص الحب المأساوية التى عاشتها بداية من زواجها الأول فى مصر وهو الأمر غير المؤكد، بينما المؤكد أنها عاشت قصة حب مع لوسيان موريس الفرنسى، واستمرت خطبتهما خمس سنوات وتزوجا بعد ذلك، لكن كان قلب داليدا منشغلا بآخر، فقد فقدت مشاعرها تجاه موريس بعد تعرفها على الفنان البولندى جان سوبيسكى، وطلبت داليدا الانفصال عن لوسيان وهو ما حدث وعادا صديقين من جديد، وهو ما قدرت عليه داليدا بينما لم يقو عليه لوسيان، فبعد محاولات كثيرة منه للعودة إليها ورفضها ودخولها أكثر من قصة حب وقتها قرر لوسيان الانتحار، وأطلق الرصاص على نفسه فمات منتحرا، وكانت أول حالة انتحار تواجهها داليدا، كانت داليدا وقتها قد أنهت علاقتها بسوبيسكى ودخلت فى علاقة مع ريتشارد هامفرى، وانفصلا وأقدم أيضا على الانتحار عن طريق استنشاق عادم السيارات، وكان الرجل الثانى من أصل أربعة رجال دخلوا حياة داليدا وينتحرون بعد انفصالهم عنها، أما الرجل الخامس فى حياتها فهو مايك برنت صديقها المغنى الذى أخفق فى الغناء وكان أصغر منها بحوالى عشرين عاما لكن دخلت معه قصة حب رغم ذلك، وقد أقدم على الانتحار بعد أن قدم أغنية للجمهور ففشلت، وأنهى حياته فى غرفته بالفندق ودخلت عليه داليدا، فوجدته غارقا فى دمائه، فحدثت لها صدمة كبيرة جدا حاولت بعدها الانتحار بتناول كمية كبيرة من العقاقير الطبية لكن تم إنقاذها، علما بأن هذه لم تكن المحاولة الأولى لداليدا مع الانتحار، فيقال إنها حاولت الانتحار من قبل بعد إجرائها لعملية إجهاض أصبحت بعدها عاقرا تماما، وقضى على حلم الأمومة لديها، وخلال هذه السنوات وبين هذه العلاقات الخمس أشيع عن داليدا الدخول فى عدد كبير من العلاقات مع العديد من الرجال غير المعروفين، وقد تطلق حكما سريعا على داليدا بناء على هذه العلاقات التى لا تتوقف وتتداخل، حيث تكون فى علاقة فتدخل فى غيرها وتقطع علاقة فتذهب لغيرها، فقد ترى فى ذلك طيشا وتهورا وعدم نضج، بينما قد يكون ذلك بحثا عن أمان لم تجده مع أحد منهم وفى الدنيا عموما، حتى قررت بعد كل هذه التفاصيل الانتحار للمرة الثالثة، وكتب للمحاولة النجاح هذه المرة، حيث تناولت جرعة كبيرة من العقاقير المنومة وتركت رسالة فى غرفتها مكتوب بها «الحياة ليست جميلة ولم تعد تحتمل.. سامحونى».

 
images
 

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة