ألقت أوروبا بالكرة مجددًا فى ملعب إيران، وحذرت البلدان الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووى (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) طهران من الاقتراب من "الخط الأحمر"، وأطلقت واشنطن تحذيرات من أنشطة طهران النووية المثيرة للجدل، وذلك عقب قرار المرشد الأعلى الأخير بزيادة القدرة على تخصيب اليورانيوم من خلال زيادة عدد أجهزة الطرد المركزى، والذى جاء فى محاولة من جانبها لممارسة ضغوط على الأوروبيين التى تطالبها بالإبقاء على الاتفاق النووى مقابل منحها ضمانات، ما حدا بالمراقبين القول أن سلوك طهرن أفشل مخططها فى الضغط على أوروبا.
وفى هذا الإطار قال وزير الخارجية الفرنسى جان إيف لودريان، أمس الأربعاء، إن تصريح إيران بأنها قد تزيد قدرتها على تخصيب اليورانيوم إذا انهار الاتفاق النووى يقترب من "الخط الأحمر"، وأضاف لودريان لـ"راديو أوروبا 1"، "دائمًا ما يكون التلاعب بالخط الأحمر خطيرا"، لكنه قال إن خطط إنقاذ الاتفاق النووى مازالت كما هى. وحذير لودريان إيران بقوله "إذا ذهبوا إلى مستوى أعلى فسيخرقون الاتفاق، ولكن عليهم إدراك أنهم إذا فعلوا ذلك فسيعرضون أنفسهم لعقوبات جديدة ولن يبقى الأوروبيون بلا حراك". ونبه فى الوقت ذاته أن إيران تنفذ التزاماتها حتى الآن
من جانبه حذر الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون جميع الأطراف من "تصعيد" قد يؤدى إلى اندلاع "نزاع" وقال ماكرون إثر محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو الذى يزور باريس "ادعو الجميع الى الحفاظ على استقرار الوضع وعدم الانجرار لهذا التصعيد لانه سيؤدى إلى أمر واحد، النزاع"، موضحا أن ما أعلنته طهران لا يعنى أنها خرجت من إطار اتفاق 2015 حول برنامجها النووى.
واستبقت إيران جولة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إلى أوروبا، بممارسة مزيدا من الضغوط على الأوروبيين وعشية الجولة، أطلق المرشد الأعلى ما يمكن أن يوصف بـ"بالون اختبار" ووسيلة من وسائل الضغط على أوروبا من خلال اصدار تعليمات لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية بشأن تجهيز المنشآت النووية لإعادة التخصيب عبر الوصول إلى 190 ألف وحدة فصل (إس في يو) وفق إطار الاتفاق النووى" وذلك تحسبا لإنهيار الاتفاق النووى المبرم مع الدول الكبرى عام 2015 بعد انسحاب الولايات المتحدة منه الشهر الماضى، وقد ابلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تطبيق الخطة.
المرشد الاعلى
قرار طهران لم تقلق أوروبا فحسب بل الولايات المتحدة أيضا، ومن جانبها جددت واشنطن موقفها من إيران، ومسألة التخصيب. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر نويرت، مساء أمس الثلاثاء، إن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لديهما أدوات ضغط كثيرة على إيران، إذا ما سعت إلى استئناف برنامج نووى مثير للجدل.
وعلقت نويرت، خلال مؤتمرها على تصريحات المرشد الإيراني، علي خامنئي، حول الاستعدادات لتخصيب اليورانيوم، بالقول إنه "لن يتم السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم أو أية أنشطة تسمح لها بتطوير سلاح نووى".
وأضافت "لقد تحدث وزير الخارجية الأمريكى قبل بضعة أيام فقط حول خطتنا تجاه إيران بشكل شفاف، وقال إن إيران يجب أن توقف تخصيب اليورانيوم، ولا تسعى أبداً إلى إعادة معالجة البلوتونيوم. يجب ألا يكون لدى إيران طريقة لتطوير أسلحة نووية".
وتابعت: إذا كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتقد أن ذلك يحدث، فإننا نعتقد أن الوكالة سوف تقدم تقريراً بذلك إلى مجلس محافظيها وأيضاً إلى الأمم المتحدة".
وحول التقارير التى أشارت إلى قيام إيران بإزالة الكاميرات من موقع "فوردو"، قالت: "لا يمكننا تأكيد هذه التقارير الآن.. نحن نبحث فى ذلك".و أكدت نويرت تعليقاً على استفسار حول تأثير انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق الإيرانى على الحصول على معلومات من الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول برنامج ايران النووى - أن "الوضع أفضل من قبل"، مضيفة أن "الولايات المتحدة أطلقت حملة توعية عالمية، حيث نجرى محادثات وعقد اجتماعات مع العديد من شركائنا وحلفائنا حول العالم".
وتابعت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية: "لدينا الآن فرق على الأرض فى وسط وشرق أوروبا ممن يتحدثون مع الحكومات الشريكة عن سبل مواجهة إيران، وكما جاء فى جزء من خطاب الوزير بومبيو، يجب أن نرى فى المستقبل ما سنقوم به مجتمعين للتعامل مع التأثير الإيرانى الخبيث فى جميع أنحاء العالم".
أما عن تأثير العقوبات الأمريكية الجديدة على إيران وتأثيرها على الأوروبيين فقالت نويرت "إن عدم القيام بأعمال تجارية مع حكومة إيران من شأنه أن يقلل من حجم الأموال التى تذهب إلى تلك الحكومة والتى لا تذهب بالضرورة إلى شعبها، على الرغم من حقيقة أن إيران قد وعدت بموجب خطة العمل المشتركة للاتفاق النووى أن الأموال التى ستحصل عليها عندما يتم رفع العقوبات، ستذهب إلى الشعب وستساعد الناس وسيكون الناس أفضل حالاً بعد ذلك. لكن هذا لم يحدث والناس ليسوا أفضل حالاً".
وأضافت: "لذا فإننا نعتقد أن حملة العقوبات بالتنسيق مع الشركاء والحلفاء من شأنها أن تقلل من كمية الأموال التى ستستخدمها إيران فى نهاية المطاف لبرنامجها النووى".
يأتى ذلك بينما تحدثت تقارير عن فشل رئيس الوزراء الإسرائيلى فى اقناع ألمانيا من خطورة الاتفاق النووى المبرم مع إيران، وفى برلين المحطة الأولى فى جولته الأوروبية حيث التقى بنيامين نتنياهو المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، لم تغير ألمانيا توجهها من الاتفاق النووى، غير أن ميركل تقاسمت مع نتنياهو مخاوفه حيال سلوك طهران فى المنطقة، ووقالت ميركل فى مؤتمر صحفى مشترك مع نتنياهو، "رغم من أننا نختلف حول مدى فائدة الاتفاق النووى الإيرانى، فإننا نتفق على أن تأثير إيران الإقليمى مثير للقلق". وأضافت "ألمانيا ستستخدم نفوذها لكى تدفع بطهران إلى سحب قواتها من المناطق القريبة من الحدود الإسرائيلية فى سوريا".
من جانبها دعت الصين، أمس الأربعاء، جميع الاطراف إلى احترام الاتفاق الدولى، حول الملف النووى الإيرانى، والاستمرار فى تطبيقه، وذلك بالرغم من إعلان طهران زيادة قدراتها على تخصيب اليورانيوم. وقالت هيوا شونيينج، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، أنها تأمل أن يتصرف جميع الأطراف المعنيين، آخذين فى الاعتبار المصلحة العامة على الأمد البعيد، وأن يستمروا فى تطبيق الاتفاق، حول الملف النووى المعقود فى 2015 مع إيران.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة