بعد أن أعلنت الأرجنتين رسميا، أمس الأربعاء، عن إلغاء المباراة الودية بين منتخبها الوطنى ومنتخب إسرائيل فى مدينة القدس المحتلة، تواصلت ردود الفعل الغاضبة داخل دولة الاحتلال الإسرائيلى، وتبادل عدد من المسئولين فيها الاتهامات بعد الفشل الذريع فى وصول منتخب "راقصى التانجو" إلى ملعب المباراة 9 يونيو المقبل.
واتهمت المعارضة الإسرائيلية وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية المتطرفة ميرى ريجيف بالتسبب فى إلغاء المباراة لإصرارها على تحويلها من حدث رياضى إلى موقف سياسى، حيث كتب رئيس حزب "العمل" اليسارى الإسرائيلى، آفى جباى على صفحته بـ"تويتر": "تلقينا قنبلة فى وجوهنا. هذه ليست رياضة فقط. هكذا للأسف قد يبدأ تسونامى دولى. وحول السلوك الفاسد لوزيرة الرياضة - من مراسم إيقاد المشاعل، مرورا بميدان تايمز سكوير وحتى الأرجنتين - يتطلب الأمر إجراء تحقيق من قبل الشرطة، هذه دولتنا وضرائبنا وشرفنا الوطنى وليس جهازها الانتخابى الداخلى".
فيما قال زعيم المعارضة يتسحاق هرتسوج من "المعسكر الصهيونى": "هدف ذاتى رائع لكل المتحدثين باسم الحكومة الذين يعدوننا بأن وضعنا السياسى ممتاز، إنه أمر مؤلم للغاية أن تحتفل منظمةBDS المؤيدة لمقاطعة إسرائيل، هذا فشل مدوٍ لحكومة تدفن رأسها فى الرمال ولا تقرأ الواقع".
بينما كتب رئيس حزب "يوجد مستقبل" يائير لبيد على تويتر" "أن أكبر مشكلة فى هذه الحكومة هى أن كل شىء غير منظم. تذاكر المباراة وزعت ضمن صفقات، المعركة ضد BDS نقلت إلى وزارة الأمن الداخلى لأسباب سياسية، ووزيرة الثقافة تتنكر كوزيرة للخارجية فقط لتلتقطها الكاميرات، وفى النهاية لا يقوم أى شخص بالعمل، ولن تأتى الأرجنتين إلى إسرائيل".
بينما نقلت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية عن عضو الكنيست شيللى ياحيموفيتش، قولها: "إذن، الأرجنتين ألغت. تم صرف الكثير من المال، جرت صفقات وأكاذيب، وعناق الدب المرهق للغاية بالإضافة إلى الضغوط المجنونة للعب فى القدس".
فيما قالت النائبة الكنيست ووزيرة الخارجية السابقة تسيبى ليفنى: "إن إلغاء اللعبة مزعج ومؤسف على المستوى القومى. لكن فى الغالب كان ذلك هدفاً ذاتيا عندما أصرت ريجيف ونتانياهو على تحويل استعراض رياضى إلى سياسة استعراض شخصية. كان يجب علينا ترك الرياضيين فى الميدان، والإسرائيليين على المدرجات بدون صفقات تذاكر وترك السياسيين فى الخارج."
ونقلت صحيفة "هاآرتس" عن المهاجم الأرجنتينى جونزالو هيجواين، تصريحاته لموقع " ESPN" الإخبارى الأسبانى، إن الإلغاء كان "الأمر الصحيح الذى ينبغى عمله." وأضاف هيجواين أن "الصحة والحس السليم يسبقان كل شىء، شعرنا أنه ليس من الصواب السفر".
وفى المقابل، عقدت وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية مؤتمرا صحفيا تطرقت خلاله إلى الادعاء بأن الأرجنتين قررت إلغاء المباراة، لأنها انتقلت إلى القدس، وقالت: "لا توجد كذبة أكبر من ذلك، فالأرجنتينيين لم يعترضوا أبدا على إجراء المباراة فى القدس. لقد تولدت هذه المباراة بسبب رغبة ميسى بالوصول إلى القدس وتقبيل الحائط الغربى للحرم القدسى وزيارة كنيسة القيامة"، على حد زعمها.
وكان رئيس الاتحاد الفلسطينى لكرة القدم، جبريل الرجوب، قد طلب فى الأسبوع الماضى، من نظيره الأرجنتينى، كلاوديو تابيا، عدم إجراء المباراة الودية فى القدس المحتلة، حيث كتب فى رسالته إلى تابيا: "المكان الأصلى للمباراة كان فى حيفا، لكن بعد الضغط السياسى من قبل الحكومة الإسرائيلية - كما أعلنت وزيرة الثقافة والرياضة ميرى ريجيف صراحة - تقرر نقلها إلى القدس، الاتحاد الفلسطينى لكرة القدم يرفض هذا القرار ويدينه بشدة. لقد حولت إسرائيل لعبة كرة القدم العادية إلى أداة سياسية، يتم لعبها الآن كجزء من الاحتفالات بالذكرى الـ 70 لإسرائيل وستقام فى ملعب بنى على أنقاض قرية المالحة، وهى واحدة من 418 قرية فلسطينية دمرتها إسرائيل قبل 70 عاما".
وأضاف الرجوب: "وفى الوقت نفسه، فقد أوضحت التصريحات التى أدلى بها المسؤولون الإسرائيليون أن تغيير موقع المباراة يتعلق بحقيقة أن السلطات الإسرائيلية تخطط لأخذ عدد من أعضاء فريق الأرجنتين إلى مدينة القدس القديمة، وهى منطقة محتلة حسب القانون الدولى. من القدس الشرقية المحتلة. وبالتالى، فإن الاتحاد الإسرائيلى لكرة القدم يستخدم مرة أخرى كأداة سياسية من قبل الحكومة الإسرائيلية لتطبيع الضم غير القانونى للقدس الشرقية المحتلة."
وقال الرجوب إنه "يجب فصل الرياضة بشكل عام، وكرة القدم على وجه الخصوص، عن السياسة. ولكن لسوء الحظ، فإن موافقة الاتحاد الأرجنتينى على اللعب ضد إسرائيل فى القدس تذكرنا جميعاً باستخدام إسرائيل للرياضة كأداة لتبييض أنشطتها، بما فى ذلك وجود ستة فرق لكرة القدم من المستوطنات غير القانونية المقامة فى فلسطين المحتلة، فى الدورى الإسرائيلى. تدرك الأرجنتين وبلدان أخرى فى أمريكا اللاتينية جيداً كيف استخدم الديكتاتوريون كرة القدم لتلطيف الانتهاكات الجسيمة والمنهجية لحقوق الإنسان. نتوقع أنه مع التعلم من الماضى، ووفقًا لقواعد الفيفا، لن تتكرر مثل هذه الأمور".
وختم قائلا: "هناك الآلاف من المشجعين الفلسطينيين وفى جميع أنحاء العالم العربى للفريق الأرجنتينى. وسيكون من المؤسف لو فقدت هذه العلاقة التاريخية بسبب موافقة الاتحاد الأرجنتينى على العمل كأداة فى جهود التطبيع الإسرائيلية للانتهاكات الجسيمة والمستمرة للقانون الدولى وحقوق الإنسان".
فيما أوضح مصدر سياسى فلسطينى أن سلوك ريجيف هو الذى ساهم فى نجاح مبادرة الفلسطينيين لإحباط المباراة، قائلا: "بصراحة، حتى لو جرت المباراة فى القدس، لما نجحنا فى إلغائها دون الضجيج والفوضى التى أحدثتها ميرى ريجيف لديكم".
وعزا بعض المعقبين فى إسرائيل، الإلغاء إلى حركة المقاطعة BDS، لكن وزير الأمن الداخلى والشؤون الاستراتيجية، جلعاد إردان، قال إن العلاقات بين البلدين ممتازة. وقال لراديو الجيش "ما كان هنا، الحقيقة، هو ليس مسألة مقاطعة، توجد صداقة جيدة مع الأرجنتين، علاقات ممتازة".
فيما قال يوسى شرعبى، المدير العام لوزارة الثقافة والرياضة، لراديو الجيش الإسرائيلى: "هذا هجوم من الدرجة الأولى، هناك تهديدات شخصية ضد لاعبى الأرجنتين، وهو ما ردعهم. آمل جدا ألا يكون هنا استسلام للإرهاب، كل وصف آخر للوضع لن يكون وصفا واقعيا حقيقيا. ما زلت متفائلاً، على أمل أن تتغير الأمور. الطريقة التى شرحنا بها المعنى تؤثر وتتغلغل"، على حد زعمه.
وقال الرئيس رؤوفين ريفلين، صباح أمس: "إنه حقا صباح حزين بالنسبة للمشجعين، بما فى ذلك بعض أحفادى، ولكن هناك قيم أكبر من ميسى".
فيما قال بنيامين نتانياهو، الذى كان يتحدث فى لندن، بعد اجتماعه برئيسة الحكومة تيريزا ماى: "سمعت عن ذلك الليلة الماضية واتصلت بالرئيس الأرجنتينى، ماكرى، وعاد إلى وقال: ليس لدى أى وسيلة للتأثير فى الأمر، هذا ليس قراراً سياسياً من قبل الرئيس، وقال إنه لا يستطيع المساعدة".
بينما قال وزير الدفاع الإسرائيلى اليمينى المتطرف أفيجادور ليبرمان، على تويتر: "من المؤسف أن فرسان كرة القدم من الأرجنتين لم يصمدوا أمام ضغوط المحرضين المعادين لإسرائيل، الذين هدفهم الوحيد هو انتهاك حقنا الأساسى فى الدفاع عن النفس وتدمير إسرائيل. لن نستسلم أمام مجموعة لاسامية "، على حد زعمه.
وقال نائب وزير الأمن الداخلى إيلى بن دهان، من حزب "البيت اليهودى" المتشدد، ردا على إلغاء: "يجب محاربة السلطة الفلسطينية، سيدى رئيس الوزراء، يجب إلغاء تصريح كبار الشخصيات الذى يحمله جبريل الرجوب ومنعه من دخول إسرائيل. الرجوب هو عدو حقير ويجب الإعلان عن السلطة الفلسطينية كلها كأعداء".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة