من فضل الله سبحانه تعالى، أن ربوبيته لا تعرف المتميز بين البشر ولا بين خلقه أجمعين، لأنه سبحانه تعالى هو العدل، ولأن رحمته وسعت كل شىء.
ولذلك، فكل من يقدم الأسباب وبعمل بها فى هذه الدنيا يجن ثمار النجاح والفلاح، وبصرف النظر عن لونه أو عرقه أو موطنه أو جنسيته . فكل الإنسان إنسان، وكل المجتمعات الإنسانية إنسانية وتظهر كل خصال الإنسانية الطيبة مثلما تظهر كل خصال الإنسانية السيئة ولا شك فى ذلك ولا ريب لدى أحد. ومن العقل ألا يندفع أحدنا على الملأ إلى تجريد مجتمع ما أو مجتمعات بكاملها من صفات حميدة مثل الشهامة والجدعنة. ومن الرزانة ألا يصم أحدنا على الملأ مجتمعا ما أو مجتمعات بكاملها بصفات غير حميدة قد تستوجب العقاب والتحقير طبعا مثل العنصرية .
الجميع يقدر الشباب ويدرك دوره ومداه وأهميته، وأن كانت الخبرة تنقص الشباب ولا شك فى ذلك أيضا . فكيف يتأتى لابن أو ابنة العمر الصغير أن يجمع أو تجمع خبرة السنين ؟ وكيف يكون للشباب أن يتطبع بروية الكبار وتؤدهم وحلمهم والشباب ابن الأمس القريب؟ كيف يكون للعود الأخضر أن تكون له حصافة الجذع الكبير وقدرته على التحمل وعلى النظر إلى الأمور من اوجهها المختلفة ويقدر لكل وجه حقه؟ كيف يدرك الشباب عمق الايذاء وفداحة ما تسببه الكلمة تخرج من أفواههم كالرصاص إلى مسامع الناس وصدورهم ولا مرد لها بينما يواصلون جدلهم أحيانا وهم يتخيلون البطولة ربما ؟
إن عنفوان الشباب وطيب مظهره وحلاوة تطلعاته وإشراقة اختياراته الملونة بألوان البشر وإقبال الحياة لابد له من أن يخلط بتؤدة الشيبة وحكمة الكبار ورزانتهم فى موقع كبير يتحمل المسئوليات الكبيرة، مثل مجال الإعلام، فلا يعقل أن تسلم قيادة بعض البرامج الكبيرة الممتدة المساحة وفى أوقات حرجة إلى شباب وشابات ما زالوا - مع كل الاحترام والمودة - يتلمسون الطريق إلى الحياة ويتعلمون معانى الكلمات ويحتارون ربما فى صياغة سؤال ؟ ثم يجدون أنفسهم أمام الملايين ولساعات طويلة , لكى يملأوا فراغا كبيرا بآرائهم وانفعالاتهم وتصوراتهم فى موضوعات بعضها دقيق ولا يمس فردا ولا أفرادا، لكن يمس الشعب والدولة والحاضر والمستقبل بينما هذه التصورات الشابة والآراء المتسابقة إلى الطعن وإلى الجرح تحتاج إلى المراجعة بكل تأكيد وتحتاج إلى التدقيق والى التصحيح أيضا ؟
إن راتب الشاب بالطبع أقل بكثير من راتب الخبير سواء كان رجلا أم امرأة، ومن أهداف كل مجالات الاستثمار أن تربح المال وأن ترشد النفقات، لكن أليست الغاية قبل المادة أحيانا؟ أليست سمعة الوطن وسمعة شعبه أبقى وأغلى أحيانا؟ أليس شرف المهنة أولى بالمكانة من بعض المال أحيانا حتى ولو لم نجد من يراجعنا فيما نحن فيه سادرون؟
إن اللجوء إلى أسلوب شعبوى مثير على أيدى بعض السادة من شباب الإعلاميين فى معالجة الموضوعات والقضايا والمسائل ذات الطابع العام من أجل رفع نسبة المشاهدة قد يضر بالوطن وقد يسىء إليه وإلى شعبه الكريم، وهو الأمر الذى لا نرجوه جميعا أبدا، وقليل من الصبر قد يأتى بخير كثير.
حفظ الله مصر دولة مدنية يتساوى فيها الجميع فى الحقوق والواجبات، وحفظ رئيسها ووفقه إلى الخير .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة