وائل السمرى

رشيد رضا الأستاذ التلميذ

السبت، 09 يونيو 2018 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هو الإمام المصلح تلميذ محمد عبده والأفغانى وصديق الزعيم الوطنى سعد زغلول، وأستاذ السلفيين، ومناصر الشيوعية، والرائد الذى استفاد منه الألبانى، وقلما تجد مصلحا مظلوما مثلما تجد رشيد رضا «1865/1935» العراقى الأصل، اللبنانى المنشأ، المصرى الهوية، فقد ظلمته كل التيارات المحافظة والمجددة، كما احتفت به كل التيارات المحافظة أيضا والمجددة، فقد كان فى فقهه وفتاواه ومواقفه صورة أو أخرى من كل فصيل، فمن ناحية هو تلميذ المصلحين المستنيرين أمثال جمال الدين الأفغانى ومحمد عبده، فعن الأفغانى يقول إنه: «الكبير بمواهبه الفطرية، الكبير بسعة علمه وحسن نظام فكره، الكبير بمطامحه، الكبير بنفسه العالية القوية المشتعلة حياة وعزما، الكبير بتاريخه» ودائما ما كان يذكر الإمام محمد عبده واصفا إياه بالأستاذ ويشهد له بالورع والمعرفة والإمامة وعنه يقول: «هو أكمل من عرفت من البشر»، وفى ذات الوقت أستاذ الشيخ محمد حامد الفقى، مؤسس جمعية أنصار السنة المحمدية، وأستاذ حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، كما أنه صديق الزعيم الوطنى الكبير سعد زغلول، وكان كثيرا ما يشيد به ويعتبره المثال الذى كان يحلم به الإمام محمد عبده، وعنه كان يقول: إن روح الأفغانى ومحمد عبده قد تجلت فى أعمال سعد زغلول، وإنه قد أصبح عميد الحزب المدنى للأستاذ الإمام وأقوى أركان هذا الحزب.
 
كان رضا بمجلته الرائدة «المنار» من أئمة الإصلاح والتجديد والمحافظة فى آن واحد، حيث يقول عنه الإمام ناصر الدين الألبانى المحدث الأشهر: «السيد محمد رشيد رضا، رحمه الله، له فضل كبير على العالم الإسلامى بصورة عامة، وعلى السلفيين منهم بصورة خاصة»، وقال عنه محمد الغزالى إن جمال الدين، ومحمد عبده ومحمد رشيد رضا هم قادة الفكر الواعى الذكى فى القرن الأخير، وقال: «إن صاحب «المنار» استوعب مذاهب المفسرين، من تفسير بالأثر إلى تفسير فقهى، إلى تفسير بلاغى» كما أنه وهو المصلح الإسلامى الكبير الذى عاش حياته يجاهد من أجل إحياء الخلافة الإسلامية تراه يدافع عن الشيوعية والثورة البلشفية، ويرد عنها الشبهات التى ألصقها البعض بها، حيث يذكر مستنكرا فى جريدة المنار ما قيل عن أن البلشفية ودعاوى تحريمها وتشبيهها بالديانات الوثنية قائلا: «إنها عين الاشتراكية، المقصود منها إزالة سلطان أرباب الأموال، الطامعين وأعوانهم من الحكام الناصرين لهم، الذين وضعوا قوانينهم المادية قواعد هضم حقوق العمال فى بلادهم، واستعمار بلاد المستضعفين من غيرهم، وإن معناها الحرفى الأكثرية، فالمراد منها أن يكون الحكم الحقيقى فى كل شعب للأكثرية».
 
فوق كل هذا فالإمام رشيد رضا شاعر مجيد، خطفه عالم الفقه فخسر الوسط الأدبى شاعرا، واكتسب الوسط الفقهى فقيها، وقد حبب الإمام رشيد رضا فى فكرة إعمال العقل مع الأحاديث والآيات المختلفة، وعمل على تأويل الأحكام، ليصل إلى مقاصد الشارع كما بينا، وفى مخالفته للإمام ابن تيمية وهو بمثابة أستاذ له تبيانا لمنهجه الذى لا يقدس الأشخاص بقدر ما يقدس العلم والعقل، فقد كان رحمه الله يمقت التقليد، ويدعو إلى احترام العقل مثلما احترمه خالقه الذى ذكر العقل باسمه وأفعاله فى القرآن الحكيم فيبلغ زهاء خمسين مرة، وذكر كلمة الألباب أى العقول بضع عشرة مرة، وأما كلمة أولى النهى، أى العقول فقد جاءت مرة واحدة من آخر سورة طه، مؤكدا أن التقاليد الدينية حجرت على حرية التفكير واستقلال العقل على البشر، حتى جاء الإسلام فأبطل بكتابه هذا الحجر.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة