تقرير الطب الشرعى فى قضية عفرتو، مهم لأنه يشير إلى أهمية فرض سلطة القانون على الجميع، وأن دولة القانون هى التى يجب أن ندافع عنها جميعًا. وأن تطبيق القانون على المتجاوزين من أعضاء الشرطة يؤكد مصداقية هذه الأجهزة التى يقوم دورها على حماية المواطنين عمومًا من دون تفرقة. وهو ما ظهر فى أداء الداخلية والنيابة العامة والطب الشرعى، حيث قامت كل جهة بدورها كما يحتمه القانون ومن دون تدخل من أى جهة، وحتى لو كان المواطن مسجلًا أو متهمًا فإن هذا لا يبرر التجاوز فى حقه أو تهديد حياته.
عفرتو ألقى ضابط مباحث المقطم القبض عليه وتوفى فى القسم، فى يناير الماضى، وزعم الضابط أن المتهم مسجل خطر توفى بجرعة زائدة من المخدرات، وأحالت الداخلية الأمر للتحقيق، وجاء تقرير الطب الشرعى لينفى رواية الضابط وأمين الشرطة، ويثبت أن عفرتو مات بالضرب وليس بالمخدرات، وتم تداول القضية فى النيابة والمحكمة، وتم استدعاء اللجنة الثلاثية للطب الشرعى من قبل الدفاع لمناقشتها.
جاء تقرير اللجنة الثلاثية المشكلة من هيئة الطب الشرعى، ليؤكد أن وفاة محمد عبدالحكيم عفرتو فى قسم المقطم جاءت بسبب الضرب، وليس بسبب المخدرات، كما حاول ضابط القسم وأمين الشرطة الترويج لذلك.
ذكر تقرير اللجنة مؤيدًا للتقرير السابق أن وفاة عفرتو على يد معاون مباحث وأمين قسم شرطة المقطم، نتيجة التعدى على المجنى عليه من قبل المتهمين، وليس بسبب تعاطى المخدرات. وقال إن الفحص المعملى لتركيز الترامادول والحشيش الصناعى «الاستروكس»، كشف أن نسبة تركيزهما أقل من النسب القاتلة المتعارف عليها وفقًا للأبحاث العلمية العالمية، وأنهما ليس لهما دخل فى وفاة المجنى عليه. وبالتالى فالوفاة نتيجة ماتعرض له المجنى عليه من اعتداء.
تقرير الطب الشرعى فى حالة عفرتو ليس الأول، هناك حالات فى قسم المطرية أثبت الطب الشرعى الاعتداء على المجنى عليهم، لينفى بذلك أى تدخل من الأجهزة التنفيذية فى عمل الطب الشرعى.
كما أثبتت تحقيقات النيابة العامة أن ضابطًا وأمين شرطة بقسم المقطم، قبضا على «عفرتو» بشكل يخالف القانون ودون سند إجرائى مشروع وتعديا عليه ضربًا وصفعًا بالأيدى حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
وأثبت تقرير الطب الشرعى وجود إصابات وكسور فى الضلوع والرئة ونزيف.
ولهذا أحالت النيابة المتهمين لمحكمة الجنايات بتهمتى ضرب أفضى إلى موت، والاحتجاز دون وجه حق للمجنى عليه. وطبقت النيابة القانون وأثبتت الاعتداء، كما أدى الطب الشرعى دوره وانتهى إلى إدانة المتهمين. وتمت إحالة المتهمين للمحاكمة. حيث طلب الدفاع مناقشة اللجنة الثلاثية والتى أكدت ماجاء فى تقريرها السابق.
كل هذه التفاصيل سواء فى حادث عفرتو أو قسم المطرية، فإن عدم التستر على المتهم حتى لو كان ضابطًا وعدم التهاون فى حق المواطن حتى لو كان مسجلًا، يضاعف من ثقة المواطنين فى الدولة، وسيادة القانون، التى تعنى أن الكل سواء.