كل ما يحيط بقصة أطفال المريوطية الثلاثة، محمد وأسامة وفارس، يشير إلى مأساة مركبة، وما أسهل أن يصدر البعض أحكامهم على الأم بأنها مجرمة وهى كذلك، من دون أن يروا جوانب المأساة التى تعيشها الأم ومدى ما يمكن أن تعانيهن ومسؤولية آباء الأطفال الثلاثة عن هذه الجريمة.
وقد تحولت الأحداث منذ اللحظة الأولى للعثور على ثلاثة أطفال تم إلقائهم فى الطريق داخل أكياس بلاستيكية وسجادة فى حالة تعفن وبها آثار حروق، سارع بعض المعلقين عمدا أو بحسن نية بالإعلان عن أن الأطفال ضحايا عمليات سرقة أعضاء، وخرج تقرير الطب الشرعى ليؤكد أنهم ماتوا اختناقا وحرقا، وأنهم ليسوا أشقاء.
أجهزة الأمن سعت لكشف غموض حادث بشع، وبذلت جهدا كبيرا يستحق الشكر، وتشكلت فرق من الأمن الوطنى والأمن العام وأمن الجيزة، ومن خلال شهود وسائقى توك توك وجيران توصلوا إلى عنوان الأم وصديقتها، وتكشفت مأساة اجتماعية وإنسانية وراء هؤلاء الاطفال الضحايا.
شاهد قال إنه رأى سيدتين وطفلة نزلوا من توك توك ألقوا سجادة وكيسين بلاستيك أسود واستقلوا «توك توك» آخر وانصرفوا، سائق التوك توك توجه للنيابة، وقال إنه نقل السيدتين والفتاة، ومعهم سجادة ملفوفة و2 كيس بلاستيك أسود، توصلت أجهزة الأمن لعنوان إقامة السيدتين، ووجدوا آثار حريق فى غرفة بالشقة وتكشفت الخيوط، سها تعمل بملهى ليلى ومتزوجة من محمد وتعيش معها صديقتها أمانى عاملة بإحدى الفنادق متزوجة من حسان ومعها أبناؤها الثلاثة الضحايا وابنتها التى شاركت فى إلقاء الجثث.
أمانى أنجبت أطفالها الثلاثة من ثلاثة رجال تزوجوها عرفيا محمد- 5 سنوات من مطرب شعبى اسمه مبروك، أسامة 4 سنوات من مطرب آخر اسمه عيد، وقيدتهما باسم زوجها حسان، والطفل الثالث فارس من عزام ولم تسجله فى الأوراق، تعددت زيجات الأم عرفيا وفى كل مرة تنجب طفلا يتركه أبوه لها لتحمل مسؤوليته. وهؤلاء الثلاثة شركاء فى مأساة الأطفال الثلاثة مع الأم، لأنهم فقط حصلوا على اللذة وانصرفوا.
اعتادت أمانى وصديقتها ترك أطفالها الثلاثة فى المنزل وحدهم، والذهاب للعمل بالفندق طوال الليل والعودة صباحا، ومساء يوم الحادث توجهت الأم لعملها بأحد فنادق شارع الهرم، وعادت فى السادسة صباحا لتكتشف أن حريقا شب فى الغرفة التى تركت فيها الأبناء ووفاة الأطفال الثلاثة، صرخت وحزنت لكنها وصديقتها وابنتها فكروا فى التخلص من الكارثة بجريمة جديدة، وضعوا الأطفال فى الأكياس والسجادة وألقوهم فى مكان العثور عليهم، ربما خافت الأم من أن تتهم بالإهمال والتسبب فى مصرع أطفالها أو خشيت أن تتكشف حالة ابنها الصغير غير المسجل، وكانت الجريمة المركبة.
هناك توصيفات مختلفة لإدانة الأم بالقسوة والإهمال والتستر وإلقاء جثث أطفالها فى الشارع، لكن هناك ثلاثة رجال شركاء للأم فى مأساة الضحايا، تزوجوا عرفيا وكل منهم ترك طفله فى رقبة الأم الوحيدة.
الأم أمانى، خليط من السقوط والأمومة والإهمال وهى أيضا فى جانب من حياتها ضحية للمجتمع، فقد استسلمت لشهوتها فى زيجات عرفية من رجال كان كل منهم يبحث عن شهوة، أنجبت أطفالا كل منهم بحاجة لرعاية، وفى نفس الوقت كان يمكن أن تلقى بأطفالها فى الشارع أو الملجأ، لكنها بغريزة الأمومة فضلت الاحتفاظ بهم والعمل لتنفق عليهم. وبالتأكيد فإنها بجانب جريمتها، لديها قلب يشعر بالحسرة والحزن على موت أطفالها.
وعليه ونحن نحاكم الأم بجرائمها، نرى مأساة اجتماعية واسعة، ورجال شركاء لها فى هذه الجريمة، ربما لا يكون فى القانون ما يعاقب الرجال على جريمتهم، لكنهم شركاء أكثر إجراما.
نحن أمام مأساة متعددة الوجوه ليست الأم وحدها مسؤولة عنها، ولكن الرجال والكثير من الظروف صنعت مأساة متعددة الوجوه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة