ترامب بمرمى انتقادات الأوساط الأمريكية بعد قمة هلسنكى.. تصريحاته الودية تجاه بوتين تضع مستقبله السياسى على المحك.. فريدمان يتهمه بالخيانة.. والديمقراطيون: تصرف غير مسئول.. وبانيتا: ثقته بالروس أكثر من مخابراتنا

الأربعاء، 18 يوليو 2018 05:30 م
ترامب بمرمى انتقادات الأوساط الأمريكية بعد قمة هلسنكى.. تصريحاته الودية تجاه بوتين تضع مستقبله السياسى على المحك.. فريدمان يتهمه بالخيانة.. والديمقراطيون: تصرف غير مسئول.. وبانيتا: ثقته بالروس أكثر من مخابراتنا بوتين وترامب
كتبت شيماء بهجت ـ (أ ش أ)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أشعلت تصريحات ترامب "الودية" تجاه نظيره بوتين خلال قمة هلسنكى عاصفة من الانتقادات فى الأوساط الأمريكية التى وصفت موقف ترامب بالضعف و"الخيانة"، إذ رفض الرئيس الأمريكى أن يوجه أى انتقاد للسياسة الروسية وأرجع سبب تدهور العلاقات بين البلدين "لسنوات عديدة من الحمق والغباء الأمريكى".

ويبدو أن عاصفة الانتقادات الحادة والواسعة التى تعرض لها الرئيس الأمريكى بسبب تصريحاته خلال القمة حول تدخل روسيا فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، لن تمر مرور الكرام، وقد تكون لها تداعياتها على مستقبل ترامب السياسى سواء خلال ما تبقى من فترة الرئاسة الحالية، أو فرصه فى الفوز بولاية رئاسية ثانية، كما ستكون لها انعكاساتها المؤكدة على فرص الحزب الجمهورى فى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس أواخر هذا العام.

 

وقد وصل الأمر بالبعض مثل الكاتب الصحفى توماس فريدمان بصحيفة نيويورك تايمز، إلى حد توجيه تهمة "الخيانة" إلى ترامب بسبب تصريحاته التى لم يبرئ فيها ساحة موسكو من التدخل فى الانتخابات وحسب، بل أنه حّمل الإدارات الأمريكية السابقة المسئولية عن التدهور الذى أصاب العلاقات الأمريكية الروسية، حيث قال ترامب أن العلاقات مع روسيا لم تكن قط بمثل هذا السوء "وذلك يرجع لسنوات عديدة من الحمق والغباء الأمريكى".

ترامب فى مرمى انتقادات الاوساط الأمريكية
 

ترامب الذى وجد نفسه فى مرمى هجمات وانتقادات العديد من الإعلاميين والمسئولين والسياسيين وأعضاء الكونجرس بمن فيهم من قيادات الحزب الجمهورى والمؤيدين، اضطر للتراجع عن هذه التصريحات التى نفى فيها أن تكون روسيا قد تدخلت للتأثير على نتائج الانتخابات، وبعد أن قال أنه لا يجد سببا لهذا التدخل، عاد ترامب وتحت وطأة هذه الانتقادات الحادة ليعلن أن ما قاله كان زلة لسان وأنه نطق الجملة بطريقة خاطئة إذ كان يجب أن يقول أنه لا يجد سببا كى لا تتدخل روسيا فى الانتخابات، بدلا من جملة "لا أجد سببا لتدخل روسيا". لكنه أكد فى الوقت نفسه أن التدخل الروسى لم يؤثر على نتائج الانتخابات الرئاسية.

 

كما وعد ترامب باتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين الانتخابات المستقبلية، لكنه أعاد التأكيد على أهمية وجود علاقات جيدة مع روسيا، معتبرا أن الدبلوماسية والعلاقة مع موسكو أفضل من العداء والنزاع معها.

 

وعزا مراقبون هذا التراجع السريع من قبل ترامب، والذى جاء خلال كلمة ألقاها قبيل اجتماعه بأعضاء الكونجرس أمس الثلاثاء، إلى أن تصريحاته بشأن عدم تدخل روسيا فى الانتخابات حملت تشكيكا غير مباشر فى ما أعلنته أجهزة الاستخبارات الأمريكية التى وجهت الاتهام صراحة لعدد من ضباط المخابرات الروس بالتدخل للتأثير فى نتائج الانتخابات السابقة والتى فاز فيها ترامب على المرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون.

ترامب يعدل تصريحاته بشأن الدور الروسى فى الانتخابات الرئاسية
 

إذ لم يكتف ترامب بتعديل تصريحاته بشأن الدور الروسى فى الانتخابات الرئاسية، بل أعلن دعمه لأجهزة الاستخبارات الأمريكية، وأقر بما توصلت إليه بشأن تدخل روسيا فى هذه الانتخابات، وعبر عن ثقته بنتائج تحقيقاتها، وقال فى تغريدة له على حسابه على موقع تويتر للتواصل الاجتماعى "كما قلت اليوم ومرات عديدة من قبل، لدى ثقة كبيرة فى أفراد استخباراتى"، لكنه بدا متمسكا بأن التدخل الروسى لم يكن له أى تأثير فى نتائج هذه الانتخابات أو فى تعزيز فرص فوزه فيها.

 

وكانت الوكالات الاستخبارية الأمريكية خلصت عام 2016 إلى أن التدخل الروسى كان السبب فى ترجيح كفة ترامب فى الانتخابات الرئاسية مقابل هيلارى كلينتون، وذلك عن طريق هجمات إلكترونية وأخبار كاذبة على شبكات التواصل الاجتماعى.

 

وكانت تصريحات ترامب عن العلاقة مع روسيا، خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع بوتين عقب قمتهما فى العاصمة الفنلندية هلسنكى، قد قوبلت بموجة من الانتقادات الغاضبة فى الأوساط السياسية والإعلامية والدبلوماسية الأمريكية، وعبر عدد من قادة الحزبين الجمهورى والديمقراطى عن صدمتهم من هذه التصريحات.

الجمهوريون: تصريحات ترامب أكبر خطأ فى رئاسته
 

فقد وصف نيوت جينجرتيش أحد القيادات البارزة فى الحزب الجمهورى تصريحات ترامب بأنها " أكبر خطأ فى رئاسته"، فيما قال بول رايان، رئيس مجلس النواب، فى بيان شديد اللهجة أن "على ترامب أن يدرك أن روسيا ليست حليفتنا"، مضيفا أنه "لا يوجد أخلاقيا أوجه شبه بين الولايات المتحدة وروسيا"، فيما انتقد السيناتور الجمهورى المخضرم جون ماكين، ترامب، واصفا المؤتمر الصحفى الذى عقد فى هلسنكى بأنه "الأداء الأسوأ لرئيس أمريكى".

واعتبر المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية جون برينان أن الرئيس ترامب أصبح فى جيب بوتين بشكل كامل، قائلا فى تغريدة عبر حسابه على موقع "تويتر" أن إجابات ترامب خلال المؤتمر الصحفى تفوق الجرائم العظمى والجنح وهى نوع من الخيانة".

 

 ليون بانيتا: قمة هلسنكى "أسوأ يوم فى تاريخ الرئاسة"
 

كما هاجم رئيس الاستخبارات المركزية الأسبق ليون بانيتا، الرئيس ترامب، ووصف قمة هلسنكى بأنها "أسوأ يوم فى تاريخ الرئاسة"، قائلا: "رئيس الولايات المتحدة، الذى انتخب للدفاع وحماية أمريكا من خصومنا وقف بجانب خصمنا وقال إنه يثق بالروس أكثر من مخابراته والمسؤولين عن تطبيق القانون".

 

من جهته، اعتبر رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ السناتور الجمهورى بوب كوركر أن بوتين خرج "منتصرا إلى حد بعيد" من هذا اللقاء مع ترامب، معتبرا أن "تصريحات الرئيس جعلتنا نبدو كدولة أشبه بلقمة سائغة".

 

كما أدان عدد من النواب الديمقراطيين مواقف الرئيس الأمريكى، فقالت زعيمة الأقلية الديمقراطية بمجلس النواب نانسى بيلوسى أن بوتين يبتز ترامب، مضيفة فى تغريدة عبر "تويتر": "أسأل نفسى كل يوم: ماذا يأخذ الروس على دونالد ترامب شخصيا أو ماديا أو سياسيا"، بينما اتهم زعيم الأقلية الديمقراطية فى مجلس الشيوخ تشاك شومر الرئيس ترامب بأنه تصرف بشكل "غير مسؤول، وخطير وضعيف" أمام نظيره الروسى.

 

توماس فريدمان يتهم ترامب بالخيانة
 

أما الكاتب البارز توماس فريدمان بصحيفة (نيويورك تايمز) فقد وصل إلى حد اتهام ترامب بالخيانة بعد تصريحاته فى قمة هلسنكى، وقال مخاطبا الرأى العام الأمريكى "نحن فى ورطة، وهناك أدلة دامغة على أن رئيسنا، للمرة الأولى فى تاريخنا، يتعمد أو عن طريق الإهمال الجسيم أو بسبب شخصيته الملتوية التى تنخرط فى سلوك الخيانة، أن ينتهك اليمين الدستورية بالمحافظة على الدستور وحمايته والدفاع عنه وعن الولايات المتحدة، "واعتبر فريدمان أن ترامب أخل بهذا القسم عقب قمته مع بوتين، داعيا النواب الجمهوريين إلى أن يسألوا أنفسهم " هل أنت مع ترامب وبوتين أم مع سى أى أيه وإف بى آي؟"

 

ولم تقتصر ردود الفعل الغاضبة من تصريحات ترامب على الولايات المتحدة فحسب، بل امتدت إلى الخارج، حيث شنت صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية هجوما قاسيا على ترامب فى افتتاحيتها اليوم والتى جاءت تحت عنوان "ترامب وبوتين وخيانة أمريكا"، واصفة أداء الرئيس الأمريكى فى قمة هلسنكى بأنه كان "مخجلاً"، مضيفة أن ترامب قلل من شأن بلاده وإدارته فى الكثير من المواقف، موضحة أن قمة ترامب -بوتين أثارت العديد من الأسئلة المقلقة بشأن مستقبل السياسة الخارجية الأمريكية.

مستقبل ترامب السياسى على المحك
 

وفى ضوء كل ما سبق يبدو المستقبل السياسى للرئيس الأمريكى، على المحك، فالرجل الذى ما اعتاد أن يثير الجدل حول مواقفه وقرارته منذ وصوله إلى المكتب البيضاوى، قبل أكثر من عام ونصف العام، يواجه هذه المرة عاصفة غير مسبوقة من الانتقادات والهجوم، لكن ليس واضحا حجم وتأثير هذه الأزمة على ما تبقى من فترته الرئاسية الأولى.

ويرى محللون أن ترامب الذى نجا من أزمات أعنف من تلك سابقا وخرج فيها منتصرا، ربما ينجو هذه المرة أيضا حتى يكمل فترته الرئاسية الحالية، لكن كل ما شهدته هذه الفترة من أزمات وانتقادات ستلقى بظلالها بكل تأكيد على فرصه فى الفوز بفترة رئاسية ثانية، أما الأخطر للجمهوريين فإن ترامب وسياساته قد أصبحا عبئا على الحزب الجمهورى وفرصه فى الانتخابات النصفية للكونجرس والتى لا يستبعد مراقبون أن يدفع الحزب فيها ثمنا كبيرا لهذه السياسات.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة