«كارثة، بيقولك الحكومة بتضيف مادة على رغيف العيش المدعم بتجيب عقم للمصريين.. إلحق الحكومة بتضيف مادة على رغيف العيش بتقصف عمر المصريين عشان يقللوا عدد السكان.. كارثة، الحكومة بتضيف مادة على رغيف العيش بتجيب سرطان والعياذ بالله.. إلحق الحكومة بتضيف مادة على رغيف العيش تخللى المصريين يجيلهم فشل كلوى»!
هذه الشائعة الخسيسة المسمومة هى أحدث الشائعات التى أطلقتها اللجان الإلكترونية، التى تعمل على هدم الدولة المصرية، وإحباط المصريين، وضرب روحهم المعنوية، استنادًا إلى أن الكثير من المصريين بسطاء وعلى نياتهم، ويصدقون ما يتناقل من أقوال دون تمحيص أو تثبت، فماذا يمكن أن يفعلوا لو علموا أن اللقمة التى يتناولونها مسمومة أو تستهدف الإضرار بهم.
هل المطلوب مثلًا أن ينفجر بركان غضب المصريين، وأن يخرجوا إلى الشوارع يحطمون ويهدمون المصالح الحكومية، التى تدل على رمزية تلك الحكومة التى تحاول تسميمهم أو إصابتهم بالعقم والأمراض المزمنة؟ هل المطلوب أن يترسخ فى وعى المصريين البسطاء أنهم فى وادٍ وأن الحكومة فى وادٍ آخر، أم أن يستقر فى الوعى الشعبى أن تلك الحكومة التى تحاول إصابتهم بالعقم والأمراض المزمنة لحل أزمة الزيادة السكانية، هى حكومة لا تمثلهم ولا يجب التعاون معها، وأيضًا يجب ألا نسمع لتوجيهاتها بأن نجتهد ونعمل وننشئ المصانع والمزارع لزيادة الإنتاج؟
أم أن الغرض من تلك الشائعة أن يعند المصريون مع الحكومة فى موضوع الزيادة السكانية، فإذا كانت الحكومة تسعى إلى حل مشكلة الزيادة السكانية على حساب صحة المصريين، ورغيف عيشهم الذى هو حياتهم، فالمصريون سوف يعندون وينجبون أكثر وأكثر ليضعوا الحكومة فى مأزق، ويردوا لها القلم قلمين.
هذه هى السياقات الجدلية والحوارية التى تزدهر فيها شائعة الخبز المسمم على مواقع التواصل الاجتماعى من قبل اللجان الإلكترونية، والغرض منها أساسًا توجيه انتباه المصريين كل يوم ناحية ما يفرقهم ويشتت أذهانهم ويدفعهم بعيدًا عن الإنتاج والإبداع، فالمطلوب أن يظل المصريون فى حالة تبرم وشكوى وامتعاض دائم، المطلوب أن يظلوا ناقمين على الحكومة، وأن يعتبروها عدوة لهم بدل أن يلتفوا حولها، وأن يكون الشعب وقياداته صفًا متماسكًا لإنجاز المهام التنموية، وإخراج البلاد من عثرتها الاقتصادية إلى آفاق رحبة من التنمية والتقدم.
الغريب أن سيول الشائعات التى تتواتر كل يوم مثل جحافل الجراد الصحراوى، مازال بعضها يلقى سمعًا وانتباهًا لدى شريحة من المصريين، خصوصًا على مواقع التواصل الاجتماعى، يتناقلونها وكأنها أخبار مؤكدة، وكل واحد متضايق من زوجته أو كل زوجة زعلانة من جوزها تدخل وتفش غلها فى الحكومة والبلد والعيشة واللى عايشينها، دون التوقف لحظة واحدة فقط للتفكير فى مدى معقولية مثل هذه الشائعات، وهل يمكن فعلًا تحققها على أرض الواقع!
نعم، أصبح غالبية المصريين يمتلكون مناعة وحصانة ضد الشائعات المغرضة، فالوضع منذ خمس أو ست سنوات ليس بالتأكيد هو ما عليه الآن، ونشهد مواطنين يبادرون بالرد على هذه الشائعات ويفندونها من تلقاء أنفسهم، وآخرين يبادرون بالهجوم على اللجان الإلكترونية التى تروج للأكاذيب والشائعات، كما يبادر مركز معلومات مجلس الوزراء بنشر تقرير أسبوعى للرد على أكثر الأخبار الكاذبة والشائعات رواجًا وانتشارًا بين المواطنين، وكلها ردود فعل محمودة لمواجهة الحروب النفسية ضد المصريين، لكن متى يمتلك جميع المصريين المناعة ضد الشائعات، ومتى يتحولون جميعًا إلى جنود لمواجهة ما يراد بالبلد؟
للحديث بقية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة