أعرب رئيس الوزراء اللبنانى المكلف سعد الحريرى عن تفاؤله واطمئنانه لـ "حتمية الوصول إلى صيغة تلقى تجاوب القوى الرئيسية التى نتطلع لأن تتشكل منها الحكومة".. مؤكدا أن علاقته مع الرئيس اللبنانى ميشال عون قوية ومتينة ولا تخضع للتشكيك.
وأشار "الحريري" – فى تصريحات لجريدة (المستقبل) اللبنانية فى عددها الصادر اليوم – إلى أن أجواء الارتياح والتفاؤل (فى مشاورات تشكيل الحكومة التى يضطلع بها) تغلب على أجواء التشاؤم التى سادت قبل أيام.
وردا على سؤال عما يتردد عن وجود تباين بينه وبين رئيس الجمهورية، قال الحريرى: "إن علاقتى مع الرئيس لا تخضع للتشكيك والتأويل، وهى أقوى من أن تهزها مقالات وتحليلات وتمنيات، لأنها ترتكز إلى ثوابت متينة تتقدم فيها مصلحة البلاد على المصالح الحزبية الخاصة".
وأضاف "هذا خيار توافقنا عليه ولا رجوع عنه، وإذا كان هناك من يراهن على تخريب العلاقة بينى وبين الرئيس ميشال عون، فهو واهم ولا يدرك أن المصلحة الوطنية فى قاموسنا المشترك، تتقدم على كل شيىء".
وتابع الحريرى قائلا: "البعض يتلاعب على موضوع الصلاحيات من باب المزايدة تارة على رئيس الجمهورية، وتارة أخرى على رئيس الحكومة المكلف، والدستور فى النهاية واضح وهو الحد الفاصل فى مقاربة أمور الصلاحيات، والرئيس هو المؤتمن على حماية الدستور وهو الذى أقسم على الدستور، والثقة المتبادلة بيننا تعلو فوق كل المزايدات".
وأكد رئيس الوزراء المكلف أنه قنوات الحوار والتشاور مفتوحة مع التيار الوطنى الحر برئاسة وزير الخارجية جبران باسيل، والقوى الرئيسية فى المجلس النيابى تحديدا.
جدير بالذكر أن بعض الصحف ووسائل الإعلام اللبنانية تحدثت خلال اليومين الماضيين عن "مهلة زمنية" وضعها الرئيس اللبنانى ميشال عون أمام رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، للانتهاء من تشكيل الحكومة، وأنه فى حالة تأخر التشكيل عن تلك المهلة قد يقوم "عون" بسحب التكليف من "الحريري" أو أن يطلب منه التنحى عن تشكيل الحكومة.
ونفت مصادر مطلعة مقربة من "عون" بالأمس صحة ما تردد فى شأن المهلة وسحب التكليف من "الحريرى" مؤكدة أن الرئيس اللبنانى "يدرك أن الدستور أعطى لرئيس الحكومة مسئولية تشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية، وهو حريص على احترام الدستور والتزام نصوصه، فضلا عن أن تكليف "الحريري" جاء من قبل أعضاء مجلس النواب فى ضوء استشارات نيابية ملزمة.
من جهته حذر وزير الخارجية اللبنانى رئيس (التيار الوطنى الحر) جبران باسيل، من أن مهلة تشكيل الحكومة "بدأت تنتهي".. وقال: "صبر الناس، وأنا منهم، أوشك على النفاد".. مشيرا إلى أن التيار لن يقدم أية تنازلات سياسية فى شأن تشكيل الحكومة.
وقال "باسيل"– فى حوار مع صحيفة (الجمهورية) اللبنانية فى عددها الصادر اليوم الخميس– أن علاقته برئيس الوزراء المكلف سعد الحريرى "جيدة جدا على المستوى الشخصي، ولن يستطيع أحد الدخول بيننا، أما بالنسبة للسياسة فعلى رئيس الحكومة أن يحدد معايير واحدة عادلة لتأليف الحكومة وفرضها على الجميع، وهذا ما طالبت به فى السر والعلن".
واعتبر أن التيار الوطنى الحر تساهل فى الماضي، وأن أقل شيء أن يطالب رئيس جمهورية مثل ميشال عون (الزعيم التاريخى للتيار الوطنى الحر) والتكتل الأكبر فى مجلس النواب (تكتل لبنان القوى المنبثق عن التيار) بوزارة المالية أو الداخلية.
وأضاف "لا نرضى أن يتكرس عرف بأن تكون هاتان الوزارتان دائما لغيرنا.. لماذا ممنوع علينا المطالبة بواحدة من الوزارتين.. لماذا يجوز أن يكون للرئيس (السابق) ميشال سليمان وزير الداخلية ووزير الدفاع ولا يجوز لميشال عون؟.. فالحريرى متمسك (ضمن حصته) بوزارة الداخلية، ونبيه برى (رئيس مجلس النواب ورئيس حركة أمل) بوزارة المالية".
وأكد جبران باسيل أن التيار الوطنى الحر صامت ويتحمل وقدم كل التنازلات التى يجب أن تتقدم "ولن نقدم تنازلات بعد الآن وننتظرهم".. مشيرا إلى أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة عليهما وضع القاعدة والمعيار الواحد وعرضه على جميع القوى فتخرج الحكومة.. موضحا أنه يجب أن تتشكل الحكومة بحيث تعكس التمثيل الشعبى .
وقال إنه والتيار الوطنى الحر لم يكونا عقدة فى أى مرحلة من مراحل السياسة، مضيفا "لم نحصل على حقوقنا إلا عندما مانعنا وقاومنا سياسيا قبل انتخاب رئيس الجمهورية".. موضحا أن هذه الممانعة اتبعها "التيار الوطنى الحر وحزب الله وغيرها".
ونفى "باسيل" تمسكه بوزارة الخارجية فى الحكومة الجديدة، لافتا فى ذات الوقت إلى أن لرئيس الجمهورية الحق بالمطالبة بما يريد (فى حصته) وهذا أمر يعود له، أما نحن (التيار) لم نطالب ولم نتمسك بأى حقيبة وزارية.
وأضاف "لنأخذ وزارة الأشغال مثلا".. موضحا أن هذه الوزارة بإمكانها تحسين أوضاع النقل فى لبنان فى ظل ما يعانيه من زحام خانق، من خلال إنشاء طرق جديدة وسكك حديدية وخطوط نقل عام وإنشاء خطوط طيران داخلية وتفعيل النقل البحرى .
وأوضح أن اللبنانيين ينتظرون أكثر من مجرد وعود بتشكيل الحكومة، بإنشاء حكومة "وازنة وقادرة وانتقاء وزراء جيدين وكفوئين، ولا نريد البقاء فى سياسة عرقلة المشاريع".. مشيرا فى ذات الوقت إلى أن الحكومة الماضية أنجزت عملا جيدا على صعيد السيادة الأمنية و"الصعيد الميثاقى المالي" وعمل قانون الانتخابات وإجرائها، بينما الحكومة المرتقبة مطلوب منها حل مشكلتى الاقتصاد والنازحين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة