أحمد إبراهيم الشريف

ميشيل المصرى.. موسيقى الشجن كما ينبغى

الإثنين، 02 يوليو 2018 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أحب موسيقى ميشيل المصرى، لأنه يذهب مباشرة إلى منطقة الشجن فى داخلى ويحاورها بقدرة مدهشة، فأندفع متجاوبا مع جملته الموسيقية، مصحوبا بالدهشة الجميلة، وذلك لأن ميشيل لا يصيغ موسيقاه التصويرية بالاستماع إلى الآلات فقط، بل إلى الروح أيضا.
 
مات ميشيل المصرى، تاركا خلفه ألحانا خالدة، لكن تظل حكايته مع «ليالى الحلمية» غريبة ودليلا قاطعا على فكرة «ميله للعزلة»، فقد ظل الكثيرون لسنوات طويلة، بل لا يزال البعض يظن أن موسيقى المقدمة الخاصة بالمسلسل الشهير، والتى يغنى فيها الفنان محمد الحلو «ليه يا زمان ماسبتناش أبرياء» من كلمات الشاعر الكبير سيد حجاب، ومن ألحان الموسيقار الكبير عمار الشريعى، لكنها فى الحقيقة من إبداع ميشيل المصرى.
 
تاريخ طويل عاشه ميشيل المصرى، حيث عمل مع كل المدارس الموسيقية المختلفة فى العالم العربى، مع السيدة أم كلثوم ومع الفنانة الكبيرة فيروز ومع موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وفى وسط كل هؤلاء استطاع أن يشكل لنفسه صورة خاصة به يمكن اختصارها فى كلمة «مصرى» حيث تجد صدى حقيقيا لـ«الشعبى» بمعناه الحقيقى، فمثلا مقدمة مسلسل الحاج متولى، تنبه فيها «ميشيل» بشكل «عبقرى» إلى فكرة «الفرح» التى تمثل بناء الدراما، لذا استخدمه تيمة صانعا درجة من البهجة لا يفعلها سوى من يرى أن الموسيقى التصويرية هى الحالة النفسية للعمل ويتجاوز بها فكر «الحلية» التى تضاف والسلام، وما يؤكد ذلك قول ميشيل نفسه فى أحد التصريحات الصحفية: «التتر مثل الكتاب، لابد أن تكون صورته الخارجية تعبر عما بداخله».
 
ما يفعله ميشيل المصرى هو أنه يجعلك جزءا مما يبدعه، كأنه يحكى الموسيقى التصويرية لحياتك بشكل أو بآخر، فى موسيقى «من الذى لا يحب فاطمة» اللحن المصاحب لكلمات الغربة يصنع نوعا من «الخوف» الذى يدفعك للتمسك بقوة بما تملكه من مشاعر تربطك بأهلك، كما أن استخدام «الكورس» فى الأغنية، يصنع نوعا من الإحساس بـ«البكاء» على الماضى الحزين، الذى لا يريد أن يفارقنا أبدا.
 
بالطبع لا يمكن اختصار الموسيقى التى يقدمها ميشيل المصرى فى صفة واحدة، لكن «الحنين» الذى تثيره مقطوعاته الموسيقية، والاعتماد على التطريب، واستخدام اللآلات الوترية، ترفع وتيرة الدراما إلى أقصى درجة.
 
مات ميشيل المصرى بعدما قدم رسالته كاملة، وصارت موسيقاه شاهدة على عصر ذهبى فى الفن، فقد كان مصرا على أن التقليد يحولنا إلى «مسوخ» ويؤكد أن الاعتماد على الخصوصية هو السبيل الأقرب لإيجاد النفس.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة