وسط حالة الانفتاح التكنولوجى والمعلوماتى التى بات يشهدها العالم الآن، اتخذت بعض الفرق والجماعات، أسلحة مغايرة لاستغلال هذا التطور لتحقيق أهدافها فى الوصول لأكبر عدد من الناس واستقطابهم والتأثير فيهم من خلال إشاعة الفوضى والشائعات والأكاذيب.
ولعل أبرز هذه الأسلحة، تلك المرتبطة بالفضاء الإلكترونى الشاسع وأدواته من صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، والتى يتردد عليها ملايين المستخدمين يوميا، وبث الكثير من الأخبار الكاذبة والمعلومات المغلوطة ليتناقلها هؤلاء المستخدمين على نطاق واسع، مما يساعد هذه الجماعات فى تحقيق أغراضها.
ولمواجهة ذلك، بحثت العديد من دول العالم المتقدم والثالث معا، عن كافة السبل التى من شأنها تجفيف منابع تلك الشائعات المحرضة، والتى طالت من آمنها واستقرارها لفترات طويلة، سواء كانت أساليب المكافحة قاصرة على سن تشريعات جديدة بعقوبات رادعة، أو إنشاء مواقع بديلة لصفحات السوشيال ميديا أو حتى تصفح الحسابات الشخصية للراغبين فى زيارة الدولة قبل دخولهم للتأكد من صحة ما يدونوه على صفحاتهم.
أمريكا تراجع الحسابات الشخصية للزائرين قبل منحهم التأشيرة
فى محاولة منها لمواجهة الشائعات والأخبار الكاذبة المنتشرة على صفحات التواصل الإجتماعى، وللحد من أى عمليات إرهابية تستهدف أمنها اعتزمت وزارة الخارجية الأمريكية تطبيق شرط جديد خاص بإصدار تأشيرات الزيارة وهو أن يقدم طالب الحصول على التأشيرة بيانات تفيد تعاملاته على مواقع التواصل الإجتماعى خلال الخمس سنوات الماضية، ومن المفترض أن هذا المقترح قيد الدراسة من قبل مكتب الإدارة والموازنة لإصدار قرارا بشأنه سواء بالقبول أو رفض تطبيقه.
تأشيرة أمريكا
الصين تحجب فيس بوك وتويتر
اتخذت الصين خطوة استباقية بحجبها لمواقع التواصل الاجتماعى الأشهر على مستوى العالم " فيس بوك " و"تويتر" ورغم أنها خلقت منصات اجتماعية بديلة ممثلة فى الثلاث شبكات "وى شات، وايبو، وبايدو تاييبا" إلا أنها لم تسلم من الشائعات أيضا وتجاوز اللوائح الجديدة اللوائح الجديدة التى وضعتها الحكومة الصينية بخصوص مراقبة الإنترنت والمناقشات عبره.
وأمام حالة التجاوزات تلك أرغمت الحكومة الصينية الشركات السابقة بجمع وتسجيل البيانات الخاصة بأى حساب يخالف قوانين الأمن القومى هناك خاصة بعدما انتشرت عبر المنصات الثلاث السابقة شائعات تنال من استقرار البلاد، وتم ترويج محتوى فاضح ومواد داعمة للإرهاب، ما يهدد بالأمن العام فى الصين ويمس سلامة النظام الاجتماعى فيها.
حظر فيسبوك
وتعد دولة الصين هى الأكثر صرامة فى تشديد الرقابة على المحتوى الإلكترونى حفاظا على سلامتها، حيث يتم حجب محتويات إلكترونية عديدة، وتمنع الحكومة الكثير من المواقع من الظهور عبر محركات البحث بسبب محتواها.
روسيا تخصص مواقع بديل عن "فيس بوك"
لم يختلف موقف روسيا كثيرا عن سابقيها حيث قامت بتخصيص موقع بديل عن "فيس بوك" يسمى فكونتاكتى المعروفة ب VK، وهو موقع اجتماعى مسجل به ما يقرب من 100 مليون مستخدم شهرى وتم إطلاقه فى عام 2006 ، ولاقى إقبال كبير عليه كبديل لموقع التواصل الاجتماعى الأشهر على مستوى العالم، ومن سماته أنه من السهل التحكم فى المنشورات المعروضة من خلاله ومراقبته عبر الجهات المختصة.
هذا بالإضافة للمحاولات الدائمة للنظام الروسى لفرض سيطرته على المحتوى الإلكترونى الذى يتعرض له المواطنين ليل نهار، حيث تم مؤخرا حجب ما يقرب من 21 مورد إنترنت أساسى بسبب إذاعة مواد تابعة لمنظمات غير مرغوب فيها فى روسيا، وتم حظرها تماما بعدما تم الكشف عن موارد معلومات لمنظمات مرفوضة هناك عبر شبكات التواصل الاجتماعى، وكذلك على يوتيوب، وتم إزالة محتوياتها غير القانونية.
السعودية وقانون مكافحة الجرائم المعلوماتية
أما المملكة العربية السعودية والتى لم تسلم هى الأخرى من الشائعات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعى فقد وضعت تشريع لمكافحة الجرائم المعلوماتية والذى ينص على تطبيق عقوبات تصل إلى السجن والجلد لكل من يثبت تورطه فى ترويج معلومات مغلوطة تهدد استقرار المملكة، إضافة إلى سجن كل من يقوم بتسريب معلومات سرية تخص المملكة عبر الفضاء الإلكترونى بمدة لا تزيد على 20 سنة أو بغرامة لا تزيد على مليون ريال أو بهما معًا.
ليس هذا فحسب بل تم إنشاء أيضًا هيئة خاصة لمواجهة الشائعات فى المملكة تسمى "هيئة مكافحة الإشاعات"، وهى مشروع مستقل تم إنشاؤه عام 2012 للتصدى للإشاعات والفِتن واحتوائها بحيث لا تُشكل أى ضرر على المُجتمع وذلك بفضح ناشِرى الأكاذيب التى تهدف إلى إثارة الرأى العام من خلال نشر الوعى وتوضيح الحقيقة بالمصادِر الرسمية وفقا لما جاء على صفحتها الرسمية.
"الإمارات" تجرم الشائعات حتى لو كانت على سبيل الدعابة
وضعت حكومة الإمارات عدة قوانين رادعة لمواجهة هذا الكم الهائل من الشائعات والأخبار الكاذبة التى من شأنها إثارة البلبلة بين الناس، حتى لو كانت على سبيل الدعابة فأنها تدخل تحت طائلة القانون وتعد جريمة يعاقب عليها .
وفى قانون العقوبات الاتحادى الإماراتى ينص على تجريم إطلاق الشائعات وفرض عقوبات خاصة بذلك تصل للحبس من شهر إلى ثلاث سنوات لكل من أذاع عمدا أخبارا أو بيانات أو شائعات كاذبة أو مغرضة أو بث دعايات مثيرة إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة، وفى قوانين اخرى يتم المعاقبة بالسجن 10 سنوات لكل من يروج لمعلومة كاذبة إلى جانب إجراءات أخرى صارمة يتم اتخاذها ضد كل من يضر بمصالح الدولة لما يتم نشره من معلومات مغلوطة تسبب فى خسارة الاقتصاد الإماراتى ملايين الدراهم لما لها من آثار سلبية على الشركات هناك وأيضا تضر بسمعة بعض الأشخاص وتسبب فى إلحاق الضرر بالعديد من الأسر.
مصر وقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية
وفى مصر ينتظر الجميع تطبيق قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، الذى تم مناقشته فى مجلس النواب، والذى من شأنه تنظيم العمل على السوشيال ميديا وتجريم الاستخدام السىء لها فى واستغلالها فى التحريض ضد الدولة أو اختراق مواقعها أو انتهاك خصوصية معلومات المواطنين، حيث يضع القانون عقوبات للمخالفين تتراوح ما بين الحبس المشدد والغرامة المالية، وذلك لكل من يروج شائعات وأخبار غير صحيحة والتى تحرض ضد الدولة، وكذلك كل من زوّر حساب إلكترونى أو اخترق حسابات المستخدمين للحصول على معلومات أو بث معلومات كاذبة .
وحاليا يتم العمل بقانون العقوبات الذى يعاقب على نشر الأخبار الكاذبة التى تكدر الأمن العام باعتبارها جريمة، حيث تنص المادة رقم مادة 188 من قانون العقوبات "يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من نشر بسوء قصد أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو أوراقا مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبا إلى الغير، إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة