منذ أن تم اكتشاف تابوت الإسكندرية والجميع يتحدث عنه، من قال إنه تابوت اللعنة، ومن قال إنه تابوت الإسكندر الأكبر، وهناك من قال إنه تابوت الظلام الذى سيلتهم العالم، وفى الحقيقية فإن هذه الحالة المجنونة من التخمينات توحى بأن العقلية الإنسانية مازالت صالحة للاستخدام الخرافى، ومازالت تتعاطى الخرافة كأفيون مخدر، فالناس تريد أن تصدق ما تريد أن تصدقه، وفى أحيان أخرى ترى ما تريد أن تراه، وفى الكثير من الأحيان تطالب الآخرين بأن ترى ما تراه حتى لو أنها على يقين من أن ما تراه هو الوهم بعينه.
ربما كانت هذه الأقاويل على قدر من الوجاهة قبل فتح التابوت، لكنى فى الحقيقة لا أعرف كيف استطاعت العقلية الجماهيرية ابتكار أساطير أخرى تعوض ما أفسده فتح التابوت واكتشاف أن به هياكل عظمية ومياه مجارى، فابتكر الخيال الشعبى أسطورة أن الماء الموجود فى التابوت عبارة عن زئبق أحمر، بل إن موقع روسيا اليوم ذكر فى أحد تقاريره أن فتح تابوت الإسكندرية أثار رغبات غريبة لدى بعض الناس، إذ أعرب أكثر من 4 آلاف شخص عن رغبتهم فى شرب السائل الأحمر الذى كان يحيط بالعظام والجماجم داخل التابوب، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أطلق البعض عريضة على موقع Change.org، تدعو للسماح للناس بشرب السائل الخاص بالتابوت الأسود، ويعتقد صاحب العريضة أن ما وصفه بـ«عصير العظام» يجب استخدامه فى مشروب طاقة بحيث يمكن لأى شخص يرغب فى شربه أن يحصل على قوته ويموت فى النهاية».
وبحسب موقع روسيا اليوم، فيبدو أن الفكرة راقت للآلاف من الأشخاص الذين وقعوا على العريضة، ويظهر من خلال تعليقات البعض رغبتهم فى تجربة الأمر، لكن من الواضح أن الأمر برمته لم يكن يتجاوز كونه مزحة، وعلق الموقع مازحا: «نتمنى ألا يكون الملك صاحب الهيكل العظمى لديه وصول إلى الإنترنت فى أى من السردايب المشؤومة، تحسبا أن يقرر تلبية طلب الملتمسين، من يدرى ماذا يمكن أن يحدث؟»، والموقع قال هذا لكن الناس لم يقولوا، بما يعنى أن هناك بالفعل آلاف الأشخاص يريدون شرب هذا الماء الذى هو خليط من مياه المجارى مع المياه الجوفية.
نحن الآن فى 2018 لكن مثل هذه الأحداث تجبر الواحد على النظر فى ساعته مرة بعد مرة، ليتأكد من أننا لم نسقط فى القرون الوسطى مرة أخرى، ولم نغرق حتى آذاننا فى الشائعات والأساطير.