على طريقة حيوان الحرباء الذى يغير لونه كلما شعر بالخطر، يسن الدكتاتور العثمانى القوانين الاستبدادية فى تركيا التى تهدف لقمع خصومه ومعارضيه، فتارة يتلون هذا الاستبداد ليطلق عليه "قانون الطوارئ " وتارة أخرى يطلق عليه قانون "مكافحة الإرهاب "، بهذا الأسلوب يراوغ نظام الر ئيس التركى رجب طيب أردوغان، الجميع داخل وخارج تركيا لضمان استمرار سيطرته ونفوذه على كافة معالم الحياة السياسية.
وبعد الانتقادات الدولية والإقليمية لتمديد حالة الطوارئ، يستعد حزب العدالة والتنمية الحاكم ذراع جماعة الإخوان لطرح ورقة قانون مكافحة الإرهاب ليكون أداة جديدة لملاحقة المعارضة المدنية وتصفية غير الموالين من كافة المؤسسات بما فى ذلك المؤسسة العسكرية، حيث يمنح قانون مكافحة الإرهاب صلاحيات واسعة للسلطة التنفيذية، وينص على منح الولاة صلاحية تطبيق حظر التجوال وإمكانية تقييد الولاة دخول وخروج الأشخاص الذين يشتبه فى إفسادهم للنظام العام أو أمن المدن على ألا تزيد المدة عن 15 يوما.
وبموجب التغيير فى قانون التجمعات والمسيرات الاحتجاجية ستضاف عبارة "لن تعرقل الحياة اليومية للمواطنين بالقدر الذى يصعب احتماله" إلى التجمعات والمسيرات الاحتجاجية التى سُتقام حتى الساعة الثامنة مساء.
وفي حال إقرار المقترح من البرلمان ليكون قانون سيصبح بالإمكان تفتيش الأشخاص وسياراتهم ومتعلقاتهم الشخصية وأوراقهم الخاصة بناء على قرار من قاضى محكمة الصلح والجزاء أو بأمر من القائد العسكرى.
البرلمان التركى
وستطبق أحكام قانون الإجراءات الجنائية بشأن الأشخاص للمجرمين، وسيتم استدعاء الحراسة بأمر من المدعى العام للحصول على إفادة المتهم مرة أخرى. وسيكون بالإمكان الفصل فى الطعون على الحبس وطلبات إخلاء السبيل من خلال ملف القضية على أن يتم الفصل فى طلبات إخلاء السبيل خلال فترة لا تتجاوز الثلاثين يوما، وسيصبح بالإمكان ومن خلال قرار النائب العام فحص أجهزة الحاسوب الخاصة بالمتهمين الذين سبق وأن تم فحصهم بقرار من القاضى.
ويتضمن القانون أيضا تعديلات بشأن الفصل عن الوظائف الحكومية، وبناء على التعديلات سيصبح بإمكان اللجان التى ستتشكل من المحكمة الدستورية ومجلس الدولة وديوان المحاسبات بهيئة القضاة ومدعين العامين فصل موظفى القطاع الحكومى على مدار ثلاث سنوات.
الجيش التركى
ويضيف القانون عبارتى "لا يمكن تطبيق الوساطة التى تقترح كشرط للقضية فى النزاعات القانونية التى يكون جهاز المخابرات طرفا فيها" و"استثناء المخابرات من قانون حق الإطلاع على المعلومات رقم 4982".
وفى تعليق منه على القانون أفاد المتحدث باسم حزب الشعوب الديمقراطى الكردى ساروهان أولوج، أن هذا المقترح أثبت مرة أخرى أن حديث العدالة والتنمية عن إلغاء حالة الطوارئ مجرد كلام لا حقيقة له.
وأضاف أولوج أن السلطات تجعل الأمر يبدو وكأنهم يلغون حالة الطوارئ غير أنهم فى الواقع يعملون على جعلها دائمة بتعديلات قانونية لكل إجراءات الحظر التى اتخذت فى ظل حالة الطوارئ.
وأشار أولوج أيضا إلى الصلاحيات الاستثنائية التى يمنحها المقترح للولاة قائلا "سيتولى ولاة 81 مدينة إدارة البلاد برفقة شخص واحد كما أن الصلاحيات الاستثنائية الممنوحة إلى الولاة تتضمن موادا مزعجة للغاية. فهم يحولون حالة الطوارئ إلى وضع دائم من خلال صلاحيات الولاة وتعديل فى القوانين".
وذكرت رئيسة جمعية حقوق الإنسان أرين كيسكين، أن النظام الجديد والتعديلات المرافقة له تفوق مفهوم الطوارئ، كما أشارت كيسكين إلى المادة المتعلقة بمد فترة الاحتجاز، موضحة أن مد حالة الطوارئ يعنى تفعيل أساليب الاستجواب بالتعذيب وهو ما يذكر بمرحلة تسعينات القرن الماضى.
فتح الله جولن
يذكر أنه خلال فرض حالة الطوارئ، اعتقلت السلطات التركية أكثر من 160 ألفا، وأقالت عددا ضخما من وظائفهم فى مختلف مؤسسات وهيئات الدولة فى مقدمتها الجيش والشرطة والقضاء والتعليم والإعلام، حسب إحصائيات للأمم المتحدة فى مارس الماضى، كما أغلقت ما يزيد على 170 مؤسسة إعلامية ودار نشر وأكثر من ألف مدرسة وجامعة تتبع حركة الداعية المعارض فتح الله جولن.
وأثارت هذه الحملة التى توسعت لتشمل أطيافا أخرى من المعارضين والنواب والأكاديميين من غير المرتبطين بحركة جولن انتقادات داخلية وخارجية واسعة، حيث استغلها النظام وشن حملة للقضاء على كل معارض للرئيس رجب طيب أردوغان الذى وسع من صلاحياته بشكل واسع عبر النظام الرئاسى، وأطلقت عليها السلطات حملة تطهير مؤسسات الدولة من المعارضة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة