أكرم القصاص - علا الشافعي

خالد ناجح

حلق «الصقر» فعادت «الثعابين» إلى جحورها

الإثنين، 23 يوليو 2018 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لمصر طعم خاص، ولرجالها ثقل معروف، ولصقورها عيون ثاقبة لا تخطئ الهدف أبدا.. حكايات يتحاكى بها الأجداد عبر الزمن عن مصر وقوتها وكيف يكون شأن العرب جميعاعندما تصبح مصر قوية.. فعلا بلد عجيب، لا تنكسر شوكتها حتى وهى محتلة أثرت فى المحتل ولم تتأثر به، دائما الشخصية المصرية بكل سماتها القائدة الرائدة تؤثر على نفسها وتحقق مصلحة العالم العربى على حساب مصلحتها الشخصية.
 
الشقيقة الكبرى تتحمل رزالات الصغار والدويلات ولا تنزل لمستواها، حامية المصالح العربية، وأمينة على قيادتها للمنطقة، تترفع فى عالم بلغ فيه «الدنو» الدجى.
 
حماك الله يا مصر برجال لا يرضخون للظروف ولا يعرفون المستحيل.. إنهم «الصقور» التى تحمى البلاد والعباد من الشر وأهله، جنود الله فى المعركة لا تراهم ولكنك مطمئن لوجودهم، عاهدوا الله على التفانى فى العمل والإخلاص للوطن فلا يتصدرون الشاشات ولا تراهم على الفضائيات.. فقط يعملون ليل نهار لحماية الأمن القرمى المصرى والعربى، بل وأحيانا يحمون العالم من جنونه ونزواته واستخدامه لأهل الشر لتحقيق أهدافه الضيقة والمصالح الآنية للدول التى تغلبها شهوات الانتصار الزائف المبنى على هدم الغير وليس بناء النفس.
 
«صقور» مصر فصيلة نادرة تربت على عقيدة البناء والتنمية، دائما ما تحلق عاليا، عيونها مفتوحة ولديها الصبر لخروج الفريسة وتمتلك السرعة للنزول فى التوقيت المناسب للانقضاض على الثعابين متلبسين، ولكن وهذا هو المهم قبل لدغ فريستهم، يأتون من حيث لا تدرى تلك الفريسة التى مهما تلونت وتغيرت لا تخطئها عين «الصقر».
 
يتبنى الرئيس عبدالفتاح السيسى سياسة شريفة حتى مع من لا يملك هذه الصفة، وأعلن أكثر من مرة أن ما حدث فى المنطقة خلال الـ7 أعوام الماضية من دمار، كان سببه التدخل فى شؤون الدول، ودعم الجماعات المتطرفة.
 
ومنذ أن كلف الشعب الرئيس السيسى بقيادة البلاد أصبح راسخا لدى الجميع، أن مصر تدير علاقاتها الخارجية وفقا لمجموعة من المبادئ والاستراتيجيات، القائمة على فتح الباب لعلاقات مع الجميع تقوم على الاحترام المتبادل، وعدم الخضوع لأحد، مع الحفاظ على الأمن القومى المصرى والعربى والإقليمى، وزاد على ذلك أن مصر فى علاقاتها الخارجية لا تعتمد على سياسة الأحلاف أو المحاور، كما أن علاقاتها مع دولة ما لا يمثل خصما من علاقة مصر بدولة أخرى، بل هى علاقة تكامل.
 
فحينما أثيرت شائعات حول دعم القاهرة لبعض الجماعات فى إثيوبيا والسودان، مصر بسياستها الشريفة أعلنت أكثر من مرة على لسان الرئيس أنها لن تتدخل فى شؤون الدول أو تتآمر عليها، فليس هذا من طبع أو سياسة السيسى، بل العكس هو الصحيح الرئيس دائما ما يقول، إن المرحلة الراهنة بما تفرضه من تحديات تستلزم تضافر كل الجهود العربية لتعزيز العمل العربى المشترك ومواجهة محاولات التدخل فى شؤون الدول العربية وزعزعة استقرارها التى كان آخرها عندما التقى الرئيس بقادة الفكر والرأى فى المجتمع السودانى بالخرطوم، ليؤكد أننا فى مصر لدينا مبادئ ثابتة وهى عدم التدخل فى شؤون الآخرين أو التآمر على البلاد، فهذا ليس من شيمتنا.
 
عندما عبثت الثعابين فى سوريا وظنت أنها حققت مآربها، لكن «الصقر» المصرى الذى كان ومازال يحلق فوق الأراضى العربية انقض على الفريسة من حيث لا تدرى، الثعابين تريد أن تشعلها نارا، يسرها استغلال الأزمة سياسيا للثأر من عدو لا تستطيع مجابهته داخل أراضيه، والصقور تريدها بردا وسلاما، الثعابين يفرحها نزوح اللاجئين من الشقيقة سوريا، و« الصقر» حلق فى سماء المصالحة ونزع فتيل الأزمة وبذر البذرة الطيبة ورواها بالهدنة لتنعم سوريا بخضرة الهدوء والعودة للديار، «الصقر» يرفرف فرحًا بعودة طفل لدياره وسط دفء أسرته يعيش فى وطنه معززا مكرما، لا أن يعيش فى مخيمات على الحدود يعانى قسوة البرد ونار حرارة الجو فى الصيف.
 
وفى المسألة السورية حظى «الصقر» بثقة وتأييد الأطراف المتنازعة لا لشىء إلا أنه يقف على مسافة واحدة من كل الأطراف، أيضا لعدالة موقفه فهو يريد لسوريا أن تبقى موحدة ولا تخضع لتقسيم طائفى أو أى تقسيم من أى نوع، يريد أن يحافظ على المؤسسات التى هى ملك لكل السوريين، فكانت ثوابته ومبادئه طريقه ليحظى باحترام الجميع.
 
أما القضية الفلسطينية فلا يتسع المقام فى هذه السطور لتتبع الموقف المصرى من القضية الفلسطينية على مدى تاريخها، وفى جميع المحطات الفاصلة كان لمصر مواقف داعمة ومؤيدة لحقوق الشعب الفلسطينى، ومصر فى هذه المواقف المستمرة والمتجددة لم تكن تنطلق من دوافع براجماتية نفعية، بل كانت تستند إلى دوافع قومية واستراتيجية تتعلق بالأمن القومى العربى، كما أن مصر كانت ولاتزال ترى فى القضية الفلسطينية جزءا لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى والذى تمثل مؤخرا فى قيام «الصقر» بجهود جبارة للمصالحة الفلسطينية، بعيدا عن ضوضاء الإعلام والخطابات الرنانة والتى لم تكسب منها القضية الفلسطينية، بل خسرت القضية بفضل هؤلاء الذين ظنوا أنهم قادرون على أداء الدور البديل، فلم تحاول مصر، كما فعل العديد من الدول، أن تكون لها ذراع فى أى فصيل ليكون لسان حالها وينطق باسمها، بل تركت للفلسطينيين إدارة شؤونهم بأنفسهم، ونأت عن الانخراط فى الصف الفلسطينى بالطريقة التى تعوق عودة الحق الفلسطينى وتفرض وصاية يمكن أن يكون ضررها أكثر من نفعها، بالإضافة إلى ذلك فقد احتفظت مصر طوال هذه العقود بنظافة اليد واللسان، فلم تتلوث أيدى مصر بدماء الفلسطينيين قط، وتسعى للم الشمل الفلسطينى مهما زايد المزايدون، فمصر بدورها الحالى والمستقبلى عامل أساسى فى استنهاض القضية الفلسطينية ومواجهة التحديات الراهنة وعودة القيادة الشرعية والسياسية المعترف بها دوليا وعربيا، وهو ما أكده بيان حركة حماس، أن الاتصالات مع المخابرات العامة تناولت التطورات الأخيرة فى القضية الفلسطينية، وخاصة ملف المصالحة والمشاريع الإنسانية لأبناء قطاع غزة، بالإضافة إلى التصعيد الإسرائيلى الأخير، وأكد خلاله رئيس الحركة للوزير عباس كامل موافقة حماس على الورقة المصرية التى قُدمت لوفد الحركة فى زيارته الأخيرة للقاهرة، والتى كانت حصيلة حوار معمق واعتماد قيادة الحركة لها انطلاقا من تقديرها للظروف الاستثنائية التى تمر بها الساحة الفلسطينية والاستهداف الخطير للقضية خاصة فى ملفى القدس واللاجئين.
 
وليست ببعيدة الأمثلة التى تنطبق على السودان وجنوب السودان واليمن كلها تندرج تحت الإخوة والأشقاء والدول الصديقة، حتى مع الدول الكبرى مثل أمريكا وروسيا رجعت لمصر قوتها و«عافيتها»، وعرف العالم كله باستقلال القرار المصرى وعدم التفريط فى مصالحنا، وأن مصر أصبحت عصية على العودة لبيت الطاعة الذى كانت فيه سابقا.
 
عاش «الصقر» المصرى الذى ما إن حلق حتى عادت الثعابين إلى جحورها.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة