أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد سعد

مستشفياتنا الحكومية بخير..

الأربعاء، 25 يوليو 2018 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مستشفياتنا الحكومية بخير.. يجب أن نعترف بذلك.. ونبتعد عن الشائعات والحالات الفردية التى تقول غير ذلك ولأسباب خاصة بهم .
شخصيا أكثر من 20 عاماً لم أذهب للعلاج أنا وأسرتى فى مستشفى حكومى بمصر، وذلك بسبب الشائعات التى ترعبنا من الإهمال وعدم الاعتناء بالمرضى وعدم النظافة وقتل المرضى وعدم استقبالهم وووووو.... تعرفون باقى الشائعات.
 
نعم هناك بعض الحالات الفردية، وهناك بعض التقصير، إلى جانب بعض الإهمال من أشخاص معينين.. ولكن عندما نقارن هذه الحالات والإهمال بعدد مستشفياتنا الحكومية و100 مليون مصرى، سنجد أن هذه الحالات شىء لا يذكر .
 
وهنا سأطرح عليكم تجربتى الشخصية على مدى الثلاثة أسابيع الماضية، عندما تألمت أمى ومرضت، وعندما حضر طبيبها الخاص إلى المنزل، ووصف لها العلاج، لم يأت العلاج بنتيجة.. فأخذتها إلى عيادة خاصة فى مدينة بلقاس التى تسكن بها ولم يتوقف الألم إلا ساعات، فأخذتها إلى عيادة خاصة أخرى بمدينة المنصورة، وكان العلاج الذى وصفه الثلاث دكاتره هو نفسه تقريبا وأغلبه مسكنات للألم .
 
وبعد أسبوع اشتد الألم عليها ومرضت مرضاً شديداً.. كانت الساعة وقتها الثانية عشرة ليلاً، سألت بعض الأصدقاء عن طبيب كبير متخصص أذهب إليه.. الجميع نصحني بأربعة أطباء فى مدينة المنصورة وهم أكبر أطباء فى هذا التخصص، وقالوا لا تقلق لأنهم يبدأون الكشف فى عياداتهم الخاصة بعد الحادية عشر مساء، ذهبت مسرعاً إلى الطبيب الأول بعد أن وصلت الساعة إلى الواحدة صباحاً، وجدت عيادته مغلقة والسبب أنه فى مؤتمر كبير خارج مصر، فذهبت إلى الطبيب الثانى والثالث، وجدتهم نفس الشئ خارج مصر – تقريبا نفس المؤتمر – عدت واتصلت بأصدقائى وأسرتى للبحث عن طبيب آخر، وبعد البحث عن طريق الأرقام ومواقع التواصل الاجتماعي، وجدنا دكتور كبيرا وهو رئيس قسم هذا التخصص فى مستشفى حكومى ولديه عيادة خاصة، وقالوا إنه مشهور ويستضيفونه على محطاتنا الفضائية، سألت على عنوان العيادة وذهبت، كانت الساعة الواحدة والنصف صباحاً.
 
صعدت إلى عيادته فى الدور الثالث وطلبت الكشف على والدتى التى تتألم فى سيارتى أسفل العيادة، وفوجئت بموظف الاستقبال يقول لى: أول موعد كشف بعد شهر ونصف ..!؟
 
طلبت كشف مستعجل.. قال لى بعد 10 أيام؟!  وقتها لم أعرف أضحك أم أبكى؟!
 
وبعد أن تحدثت معه وعرضت عليه المبلغ الذى يطلبه قال: هل تستطيع المجىء الساعة الرابعة صباحا، نحن موجودون حتى السادسة صباحا..!! تعجبت ( متى يذهب إلى بيته.. ومتى يذهب إلى عمله الحكومي ..؟!.
قلت له نعم أستطيع، وأعطيته رسوم الكشف المستعجل - المستعجل أوى - وطلبت منه فاتورة وتأكيد موعدى، وأن أدخل مباشرة فى الموعد الذى حدده لى، قال لي الفاتورة عند الطبيب لأن الختم معه. أما الموعد .. اتصل قبل حضورك بساعة لتأكيد الموعد، وهل يمكنك مقابلة الطبيب أم لا حسب ظروف الطبيب.. فقلت له: ولماذا أخذت الكشف المستعجل ولماذا حددت لى موعدا؟!
 
بالطبع لم أستسلم مثل غيرى، وعلى الفور طلبت منه استرجاع المبلغ، وقلت له إنني لن أكشف عند أحد يستغل مرضاه بهذا الأسلوب القذر وبصوت عال ليسمع الجميع، وتركته وذهبت .
 
عدت للسيارة وجدت أمى تتألم ألماً شديداً، تمالكت أعصابى التى أوشكت على الانفلات والتفكير فى كيفية الرد على مثل هؤلاء الجشعين الذين يستغلون مرضانا، ويستغلون الظروف .
وفكرت فى أمى وكيفية إسعافها، عدت للبحث فى شوارع المنصورة عن طبيب خاص فى الأوعية الدموية، وبعد أن أصبحت الساعة الثالثة صباحاً  كان من الصعب أن أجد طبيبا محترما أو طبيبا غير مشهور عنده مرضى ويفتح عيادته فى هذه الساعة .
 
وفجأة اتصل بى أحد الاصدقاء وقال لى أن أذهب إلى المستشفى الدولى.. قلت دولى.. ممتاز.. أكيد مستشفى مشهور ودولى، لكنه قال إنها مستشفى حكومى، والتى لم أفكر فى الذهاب إليها أبداً، خاصة وأن أمى ترفض الدخول إليها نهائياً نتيجة انطباعها السيئ عن المستشفيات الحكومية.. ومايحدث بها .
سألته عن العنوان وذهبت والشائعات المتداولة عن المستشفيات الحكومية تراودني .. وهل أمي ستوافق على دخول المستشفى أم لا ؟ .. توجهت الى المستشفى وانا مضطر وخائف على والدتي وعن مسؤوليتي تجاها .. وفكرت فى كيفية اقناعها بالدخول .. وقلت لها انها مستشفى دولي كبير.
وصلت الى المستشفى .. دخلت بالسيارة الى باب المستشفى بعد ان قالوا ( نزل الحالة وطلع العربية خارج المستشفى ) .. فعلت ذلك بعد ان احضرنا  كرسي متحرك ودخلنا الى الاستقبال فى انتظار الاسئلة والاجراءات التى ستستغرق ساعات كما يقال .
فوجئت انني خلال دقيقتين داخل قسم الاستقبال والطبيب يسألني عن حالة امي وبماذا تشتكي .
 
كشف عليها مباشرة .. وأثناء كشف الطبيب على أمي .. قلت له انني بحثت فى المنصورة عن كل الاطباء الكبار ووجدتهم خارج مصر .. 
فأحرجني الطبيب عندما قال : وهل الاطباء الشباب غير معترف بهم ؟ .. وغير موثوق بهم .؟
قلت له : بالطبع لا .. ولكن بحثت عن طبيب لديه خبره كبيرة خاصة وان امي لديها نفس الالم لأكثر من اسبوع وكشفت عليها عدة مرات .. ومازالت تعاني من نفس الآلام والمشاكل .
فقال لي وهو يبتسم : هناك اطباء شباب لديهم خبره ودراية كبيرة مثلهم مثل الاطباء الكبار .. يجب ان تثقوا بهم .. حولني الطبيب على الدكتور المتخصص وفى خلال 5 دقائق كشف الطبيب عليها وشعرت أمي بالراحة بعد ان تعامل معها الطبيب بابتسامته واسلوبه الجميل مع موهبته فى الكشف الدقيق والتعامل مع المرضى .. ووصف لها العلاج الذي خفف آلامها وارتاحت عليه .
هنا شعرت انني كنت مخطئ بعدم الثقة فى مستشفياتنا الحكومية .. وسألت ابني : هل دفعت رسوم للدخول .. فقال قطعت تذكرة فقط ولم ادفع شئ .. 
خرجت أمي مرتاحة نفسياً .. وشعرت بالراحة والشفاء بعد ان تحدث معها الطبيب الشاب الذى لم تفارق الابتسامة وجهه واسلوبه الساحر فى كيفية التعامل مع مرضاه .. واعطاني رقمه الخاص للتواصل معه حول حالة امي والمتابعة معه حتى الاطمنان عليها .
نعم اشتريت العلاج من خارج المستشفى .. وكان هناك ازدحام .. وشاهدت بعض المشاكل التى يفتعلها الزوار .. ليس الاطباء ولا الممرضات .. لكن كان هناك اسلوب وسرعة فى التعامل برحمة مع المرضى والكشف عليهم واسعافهم .. وكانت هذه هي الحالة الاولى .
الحالة الثانية
أما الحالة الثانية .. بعد اسبوعين من مرض امي .. ارتفع الضغط عليها فجأة مما ادى الى اصابتها بجلطة فى المخ وجاء الطبيب وحولها على اقرب مستشفى طوارىء لعمل اشعة مقطعية والاسعافات السريعة للحالة ..
 
توجهت الى مستشفى بلقاس المركزي وهي الاقرب للبيت .. ولكن هذه المرة كان لدى اطمئنان وثقة فى المستشفى الحكومي ..
وصلت هناك وطلبت اشعة مقطعية لوالدتي قبل ان يراها الطبيب .. عملت الاشعة وذهبت مع أمي الى قسم الطوارئ .. جاء الطبيب وكشف عليها وقال اطمن إن شاء الله خير، ننتظر الأشعة ليراها طبيب المخ والأعصاب، وبدأ فى الاسعافات الأولية .. جاءت نتيجة الاشعة وتأكدنا ان هناك جلطة .. وفورا تم اعطاءها العلاج اللازم والاسعافات الاولية وتم حجزها فى المستشفى وبعد ساعتين ..  ومن اجل حجزها فى المستشفى طلبوا مني تذكرة دخول .. فذهبت واحضرت تذكرة للكشف وتسجيل حالتها .. وقام الأطباء بتحويل أمي إلى العناية المركزة .. ومع خوفي من هذا الاسم وما يحدث به .. فوجئت بالنظافة والنظام والأجهزة المتوفرة والامكانيات الموجودة من خلال توفير كافة الاجهزة اللازمة للحالات الطارئة .. شعرت بالسعادة والفخر بأن هذه الامكانيات تتوافر فى مدينتي الصغيرة .. وسعدت أيضا بوجود كاميرات مراقبة تسجل كل شئ .. فى كافة اركان المستشفى .
 
ووجدت المعاملة الحسنه والنظافة والاحترام بداية من الحرس والممرضات والاطباء الى مدير المستشفى الذى شاهدته يستقبل الجميع ويمرعليهم مع معاونيه من الاطباء للاطمئنان عليهم .. سعدت بمعاملة الممرضات والاطباء للمرضى .. والرحمة والابتسامة التى يتعاملون بها .. وعادت الى ذاكرتي بأن الممرضات هم ملائكة الرحمة .. ووجدتهم كذلك .
وبعد خمسة أيام تعافت والدتي ومرت مرحلة الخطر والحمد لله .. وبحسن المعاملة بيني وبين الاطباء .. أصبحنا اصدقاء .. وحصلت على ارقام الاطباء ومدير المستشفى للتواصل معهم حول حالة امي والتطورات التى قد تحدث.. وبالفعل حتى الان اتابع الحالة مع د مروة .. د محمد ابراهيم .. د امين الشورى .. د محمد السعدني .. وباقي الاطباء الذين يتعاملوا مع الجميع بكل ود وحب وتعاون ..
 
وخلال 5 ايام لم افارق فيها المستشفى شاهدت خلالها الكثير من الحالات المختلفة وكيفية التعامل معها .. ومعرفة ما يعانيه الاطباء والممرضات وما يقومون به من معاناه وخطورة كبيرة .. هذا ما شاهدته بنفسي وحدث معي .. لذلك كان يجب على أن أشكرهم على اهتمامهم بمرضانا، وأن أقول كلمة حق عنهم ..
ولو تعاملنا باحترام مع بعضنا البعض لن نجد إلا الاحترام فى التعامل والاخلاص فى العمل .. فجميعنا بشر .. وجميعنا لديه نفس المشاكل والظروف .. 
ولو قارنا بين مستشفياتنا الحكومية والخاصة، سنجد أن مستشفياتنا الحكومية مازالت بخيرـ وإننا نستطيع إيقاف طمع وجشع بعض مستغلى هذه المهنة الشريفة، وإذا كانت هناك حالات فردية، فيجب التصدى لها والإبلاغ عنها، وأن يعى كل منا حقوقه وواجباته .









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة