بعد الهزائم المتتالية التى تحققها قوات التحالف العربى فى اليمن، والتى تسعى طهران للسيطرة عليها من خلال دعمها للميليشيات الحوثية لجأت لتهديد الملاحة الدولية، وهو ما حاولت فعله عبر طرق مختلفة، فلم تكتفى بمنع وصول السفن التجارية والمحملة بالمساعدات لليمن مستغلة سيطرتها على ميناء الحديدة بل تحاول الهجوم الإرهابى المباشر على الشاحنات، وهو ما وقع مؤخرا على ناقلتين نفط تابعتين للشركة الوطنية السعودية للنقل البحرى (البحرى)، تحمل كل منهما مليونى برميل من النفط الخام أثناء مرورهما فى البحر بالأحمر، وهو ما آثار ردود فعل غاضبة من عدد من الدول التى استنكرت الهجوم ووصفته بالإرهابى..
جاء الحادث الذى أعلن عنه المتحدث الرسمى لقوات التحالف العربى العقيد الركن تركى المالكى، ليؤكد تورط إيران فى تهديد الملاحة الدولية بالبحر الأحمر من جهة، والعلاقة الخبيثة بين الحوثى والنظام الإيرانى من جهة أخرى، خاصة وأن الهجوم الحوثى تزامن مع التصريحات التى تبادلها مؤخرا الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وأعضاء إدارته، من جانب، والحكومة الإيرانية من جانب آخر، وتهديدات قادة الحرس الثورى الإيرانى بمنع مرور صادرات دول الخليج النفطية، فى حال أوقفت الولايات المتحدة صادرات طهران النفطية.
العقيد تركى المالكى
ردود فعل غاضبة
وتوالت ردود الأفعال الدولية والعربية بشأن الهجوم الحوثى على ناقلات النفط السعودية، فمن جانبها أدانت دولة الإمارات العربية بشدة الهجوم الذى تعرضت له ناقلتى نفط سعوديتان فى البحر الأحمر ما ألحق بهما أضرارا كادت أن تتسبب بكارثة بيئية فى هذا الممر الملاحى العالمى المهم.
وقالت وزارة الخارجية والتعاون الدولى، فى بيان لها، إن هذا الاعتداء يعد عملا إرهابيا يعرض الملاحة الدولية للخطر ويؤكد استمرار تهديد الميليشيات الحوثية الإرهابية لحرية الملاحة والتجارة العالمية فى البحر الأحمر، معربة عن قلقها من الاستهداف المتكرر لخطوط الملاحة الدولية من قبل الميليشيات.
الحوثيون
وأكدت أن هذا الاعتداء الجبان يثير مجددا الدور السلبى والخطير الذى تقوم به إيران الداعمة لهذه الميليشيات الانقلابية وإصرارها على ممارساتها العدائية عبر تزويد جماعة الحوثى الإرهابية بالأسلحة والمعدات والصواريخ الباليستية التى تهدد الأمن والسلم فى المنطقة.
وشددت وزارة الخارجية والتعاون الدولى على وقوف الإمارات التام إلى جانب المملكة العربية السعودية الشقيقة ضد كل من يحاول المساس بأمنها أو مصالحها، مؤكدة فى الوقت نفسه الارتباط العضوى بين أمن دولة الإمارات وأمن المملكة العربية السعودية الشقيقة.
وجددت الإمارات التزامها الثابت ضمن التحالف العربى الذى تقوده المملكة العربية السعودية بتحقيق الأمن والاستقرار فى اليمن الشقيق مدركة تمام الإدراك ارتباط هذا الهدف بأمن واستقرار المنطقة.
قرقاش
وقالت الإمارات إن هذا الهجوم الإرهابى يؤكد مواصلة هذه الميليشيات التصعيد؛ تهربا من استحقاقات الحل السياسى للأزمة اليمنية، وأكدت أن عقلية التمرد التى تسببت فى معاناة الشعب اليمنى الشقيق ما زالت تحكم أعمال تلك الميليشيات.
البحرين: خرق للأعراف الدولية
كما أعربت مملكة البحرين عن إدانتها واستنكارها للهجوم، وأكدت أن هذا الاعتداء يمثل خرقًا صارخا لكافة القوانين والأعراف الدولية، وتهديدا خطيرا للملاحة الدولية، ويحمل ضررًا بالغًا على حرية التجارة العالمية والملاحة البحرية بمضيق باب المندب والبحر الأحمر.
التحالف العربى
وجددت المملكة، تضامنها التام مع السعودية ووقوفها معها فى كل ما تتخذه من إجراءات للحفاظ على مواردها وردع كل من يحاول المساس بأمنها، مشددة على ضرورة تحرك المجتمع الدولى للتصدى لهذه الأعمال الإرهابية الخطيرة التى تقوم بها المليشيات الانقلابية فى اليمن وكل من يدعمها ويمولها، لضمان توفير الحماية اللازمة للملاحة الدولية و للملاحة فى مضيق باب المندب.
اليمن: كارثة بيئية
كما أدان اليمن، هجوم ميليشيا الحوثى على ناقلتى نفط سعوديتين فى البحر الأحمر، مؤكدا أن الهجوم يستهدف الإضرار بمصالح اليمن الحيوية، وحركة خطوط الملاحة الدولية فى البحر الأحمر، وكاد أن يؤدى لكارثة بيئية لولا أن الهجوم لم يسفر عن تسرب النفط من الناقلتين النفطيتين.
ودعت الحكومة اليمنية - فى بيان لها- المجتمع الدولى إلى الوقوف بشكل فورى فى مساندة جهودها لتطهير الساحل الغربى من الميليشيا الحوثية المدعومة من إيران، والضغط عليهم للإنسحاب من مدينة الحديدة، مؤكدة أن استمرار سيطرة الميليشيا على الحديدة ومناطق الساحل الغربى، سيمكنها من مواصلة هجماتها الإرهابية مستمرة ضد حركة الملاحة الدولية.
34
وأوضحت أن هذا الهجوم لم يكن الأول، بل يأتى فى سياق عمليات مماثلة نفذتها الميليشيات على حركة الملاحة الدولية للإضرار بمصالح اليمن والعالم، حيث إنها هاجمت سفينة شحن إماراتية، بالإضافة إلى شن هجماتها الفاشلة والمتكررة على خطوط الملاحة فى البحر الأحمر، فضلاً عن زرع المئات من الألغام البحرية التى استهدفت صيادين يمنيين.
وأكدت الحكومة أهمية توجه الحكومة بالتعاون مع دول التحالف العربى بقيادة السعودية فى تطهير الساحل الغربى واليمن بشكل عام من خطر الميليشيا التى أثبتت أنها خطر حقيقى على السلم والأمن الدوليين، مشيرة إلى أن هذه الأحداث تؤكد أن تلك الميليشيا لها أجندة خارجية، ولا تقيم وزنا للقوانين والأعراف المحلية أو الدولية وهذا ما يضاعف خطرها على الجميع.
ولفتت إلى أن مليشيا الحوثى الانقلابية تلجأ إلى شن عمليات عسكرية تهدف من خلالها لتقويض جهود ومبادرات السلام، كما هو الحال بالهجوم الأخير على ناقلة النفط السعودية، وما سبقه من استهداف مدن سعودية بصواريخ باليستية، كسلوك تنتهجه هذه المليشيا لفرض مشروعها الدموى الطائفى بدعم من إيران.
الكويت ومصر تدينان الهجوم
ومن جانبها، أعلنت كل من مصر و الكويت عن إدانتهما واستنكارهما الشديدين للهجوم، فأعربت وزارة الخارجية أمس عن إدانتها الشديدة للهجوم، كما أكدا أن هذا الهجوم يمثل خرقاً صارخاً لكافة القوانين والأعراف الدولية التي تنص على حرية حركة الملاحة في الممرات المائية الدولية، فضلاً عن تأثيره السلبي على حرية حركة التجارة الدولية.
وجددا مطالبة مصر للمجتمع الدولي بضرورة الاضطلاع بدوره نحو استعادة الشرعية الي اليمن علي أساس مقررات الشرعية الدولية الممثلة في قرار مجلس الأمن 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني اليمني، والتصدي لكافة الأعمال الإرهابية التى من شأنها زعزعة الاستقرار فى المنطقة.
وقال مصدر مسؤول بوزارة الخارجية الكويتية، إن هذا الاعتداء يعد انتهاكا خطيرا لكافة القوانين والأعراف الدولية، وتهديدا خطيرا للملاحة الدولية، وإضرارا بالغا بحركة التجارة الدولية والملاحة البحرية، إضافة إلى مصادر الطاقة العالمية، مؤكدًا وقوف الكويت إلى جانب الأشقاء فى المملكة العربية السعودية، وتأييدها في كل ما تتخذه من خطوات؛ لردع مثل هذه الاعمال التي تستهدف أمنها واستقرارها.
وناشد المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته، للحفاظ على سلامة الممرات البحرية وضمان حرية الملاحة، وفق مانصت عليه القوانين والاعراف الدولية، مشددا على أهمية تحرك المجتمع الدولي لوقف الصراع الدائر في اليمن والوصول الى حل سلمي، وفق المرجعيات الثلاث، المتمثلة بالمبادرة الخليجية والياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الامن رقم 2216.
تداعيات الهجوم الأخير
الهجوم الحوثى، الإيرانى يمثل رسالة تحدى من قبل طهران للمملكة العربية السعودية وحلفائها فى منطقة الشرق الأوسط، للمجتمع الدولى وليس للمملكة وحلفائها فقط، مما قد يدفع بإجراءات تهديدية اخرى للملاحة الدولية فى البحر الأحمر.
ويتوقع مراقبون سياسيون أن يلقى الحادث بظلاله على مستقبل الاتفاق النووى الإيرانى، والذى كان أحد أبرز نقاط الاختلاف بين الولايات المتحدة وأوروبا فى الأشهر الماضية، منذ الانسحاب الأمريكى من الصفقة، التى أبرمتها طهران مع القوى الدولية الكبرى فى يوليو 2015، حيث يساهم الهجوم الحوثى بصورة كبيرة فى زيادة المخاوف الأوروبية من الأنشطة النووية الإيرانية ، فالهجوم الأخير من شأنه تأجيج المخاوف الغربية، خاصة وأن تكرار مثل هذه الهجمات يساهم فى توسيع نطاق التهديد الذى تمثله إيران ليمتد إلى المصالح الأوروبية.