سهيلة فوزى

صورة 4x6

الجمعة، 27 يوليو 2018 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

اكتفت الصغيرة يومها بضحكة باهتة ارتسمت على شفتيها امتثالا لتعليمات الرجل، بينما ملامح وجهها تصرخ فى صمت: "تلك الضحكة لا تنتمى لى".


لم تعرف الصغيرة يومها ماذا عليها أن تفعل. هل تستجيب للرجل العجوز، أم تنصاع لتعليمات أمهاالضحك بصوت عال عيب هكذا تنهرها دائما.


الرجل يطلب منها أن تضحك، وهى لا تعرف إلا تلك الضحكة الصاخبة النفاذة كرائحة الفلفل الحار.

المجلجلة كما تصفها أمها. لم تعرف الصغيرة يوما الطريق لتغيير فطرتها إرضاءً لها، فامتنعت عن الضحك فى حضرة أمها. اكتفت بالضحكات الرنانة الصاخبة مع أصدقائها فى حارتهم الصغيرة.


مع إلحاح العجوز رسمت الصغيرة ضحكة باهتة على وجهها لترضى الرجل وترضى أمها. ابتسامة هادئة لا تشبهها، لكنها تلبى رغبة ذلك العجوز، فهو يريد وقارا يليق بصورة ستحول ذلك الكائن الصغير المتسكع فى الحارات الضيقة يلهث خلف أبناء الجيران ليمسك بهم قبل أن يجمعوا السبعة الأحجار المتناثرة وفقا لقواعد اللعبة. أو يتقافز متخطيا حواجز "الأولى" المرسومة بإتقان فى مدخل حارتهم الصغيرة، بعضهم ينخرط فى اللعب وآخرون يوجهون العابر فى الحارة للمرور بعيدا، حتى لا يمحى الخطوط بأقدامه، ويُفسد لعبتهم.


 تلك الصورة ستحول الصغيرة رسميا إلى تلميذة بمدرسة الحى الإبتدائية.


نال العجوز ما أراد. الابتسامة حاضرة، ولكن مازالت خصلات الشعر المتمردة المنتمية إلى عالم الطفلة القديم تفسد المشهد الجديد الذى تتلمس خطواتها الأولى نحوه اليوم.


 التفت حوله باحثا عن مساعدة فى ركن ما بمحله الصغير، ربما اختارته الأم لهذا السبب فكلما كان المحل صغيرا منزويا كان الأجر قليلا.


بحث الرجل عن مشط صغير يكبح تمرد تلك الخصلات، ويصلح ما أفسده الهواء. طوق صغير يزدان بزهرات الياسمين وضعه ع رأس الصغيرة، فتجمدت خصلات الشعر الثائرة فى سعادة تزينها الزهرات الصغيرات، اكتمل المشهد للعجوز الأن.. كل شئ على ما يرام.


كان كل شيئا جاهزا لا ينقصه إلا أن يضغط الرجل على زر الكاميرا ليسجل المشهد الذى أعده بإتقان. أضحكى يا صغيرتى. ضغط العجوز، فسجلت الكاميرا ضحكة صاخبة أطلقتها الصغيرة، ويد مرفوعة تتلمس الطوق لتتأكد أنه مازال هناك يداعب خصلات شعرها. سعادة الصغيرة بطوق الياسمين أنستها تعليمات العجوز وتحذيرات أمها.


سجلت الكاميرا المشهد رغما عن الرجل. لكن مدرسة الحى لن تقبل تلك الصورة. عاد العجوز يرتب المشهد من جديد. ويلقن الصغيرة.. ابتسامة حلوة يا طفلتى بلا صوت. لا ترفعى يدك. إطمأنى لن يهرب طوق الياسمين. ستأخذيه معك إلى البيت عندما ننتهى.


امتثلت الصغيرة لتعليمات الرجل، فطالما حلمت بطوق مثله، ولكنها لا تملك مثل تلك الرفاهية...

 
 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة