أكرم القصاص - علا الشافعي

نقاد ردا على تصريحات أدونيس حول توقف إنتاج المعرفة منذ سقوط بغداد.. حسين حمودة: أتفق معه.. شاكر عبد الحميد: علينا تأمله.. صلاح السروى: نهضتنا الأدبية لم تلتحق بالعصر.. وأحمد درويش مهاجما: يدعو للهدم

الجمعة، 27 يوليو 2018 09:00 م
نقاد ردا على تصريحات أدونيس حول توقف إنتاج المعرفة منذ سقوط بغداد.. حسين حمودة: أتفق معه.. شاكر عبد الحميد: علينا تأمله.. صلاح السروى: نهضتنا الأدبية لم تلتحق بالعصر.. وأحمد درويش مهاجما: يدعو للهدم النقاد يردون على تصريحات أدونيس
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أثارت تصريحات الشاعر والمفكر السورى الكبير أدونيس، حالة من الرفض والقبول داخل الوسط الثقافى، والتى ذكرها خلال مشاركته فى حفل توقيع ديوان "الهائم فى البرية" للشاعر الكبير عبد المنعم رمضان، حيث قال "أدونيس" إنه منذ سقوط بغداد على يد التتار لم ينتج العرب معرفة جديدة، مضيفا خلاف أن العرب لم ينتجوا شيئا على مستوى المؤسسات أو حتى على مستوى الإبداع، خاصة أن العالم العربى لا يعترف بالمثقفين أصلا.
 
 
أدونيس خلال حفل توقيع الهائم فى البرية
أدونيس خلال حفل توقيع الهائم فى البرية
 

وتابع "أدونيس" أن الشعر العربى أنتج فى القرن الأول الهجرى شعرا يدخل فى دائرة الشعر الكونى، لكن لم ينتج العرب كتابا واحدا على مدى الـ14 قرنا الماضية عن الجمالية الشعرية، بل أخذنا ما كتبه الجرجانى على اللغة القرآنية وطبقناه على الشعر.

 

وعلق الناقد الدكتور أحمد درويش، الأستاذ بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، رئيس لجنة الدراسات النقدية بالمجلس الأعلى للثقافة، على تصريحات الشاعر السورى أدونيس الأخيرة، قائلا: "كلام أدونيس أتفق مع جزء منه وأفند جزءًا منه، فتراثنا لا يخلو من الخضار، والخضار ليس فى أن نغفل عيوبنا، لكننا محتاجين للنقد الذى يبنى وليس الذى يهدم، وأدونيس نفسه يميل للهدم والهجوم".

 

وأضاف "درويش" فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع": لأن لأدونيس يعتبر الأدباء المصريين غربان أفريقيا السوداء، كما أنه فى شهوره الأخيرة وهو سورى يعيش فى المنفى قدم تصريحات تثير الشماتة فى دمار المدن السورية، وطالب بمزيد من الدمار، فلماذ ينتفض فى دور المفكر الآن".

أحمد درويش
أحمد درويش
 

وتابع الدكتور أحمد درويش: أكبر رد عليه لمن يريد أن يقرأ هو كتاب "دلائل الإعجاز" لعبد القادر الجرجانى، لكى يبحث إعجاز القرآن الكريم، لكنه اعتمد فى معظم تحليلته على الشعر أكثر من القرآن، وفتح بابا لنظريات فهم بنية الشعر، يكاد يتفق مع علماء تحليل اللغة، مشددا: "نحن بلا شك كسالى ولا نعتنى بتراثنا عناية جيدة، لكن هذا يدعوننا بأن نرثى اليأس بل بأعادة نهضيتنا".

 

وأكد درويش: "أدونيس نفسه قدم فى بدايته ما سماه مختارات فى الشعر العربى، وقرأ فيه معظم الشعر العربى، وهو ما ميزه، لكنه عاد وطلب مقاطعة هذا الشعر"، موضحا: "لماذا لم يكن إيجابيا ويدعو إلى نصب الحضارة والتمسك بها، فمن المهم للنقاد نفض الغبار وإعادة تجديد التراث بما يناسب العصر".

 

وقال الدكتور أحمد درويش أن هناك نوعين، من يدعو إلى القيطعة السلبية، وهم يدعون إلى هدم التراث ويتركون ظهورنا عارية، وهؤلاء ليس أقل من الذين يدعون إلى التعبد بالتراث. وهناك من يدعو للقطيعة السلبية، والتمسك بجوهر التراث وتحليله وفهمه، مثل الشعوب الشرقية البارزة فى النهضة مثل اليابان.

وأتم "درويش": "إذ نظرنا فى منطقتنا نجد اليهود يتمسكون بتراثهم، بل ويسرقون تراثات أخرى ينسبها لهم، فمن ليس له تراث عليه التمسك به وليس التعبد به، وعلينا الوقوف عليه، لينبهنا إلى عيوب يجب أن نتلافها.

 
حسين حمودة
حسين حمودة
 

من جانبه، قال الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربى الحديث، بكلية الآداب جامعة القاهرة: "حديث أدونيس عن حجم المشاركة العربية المحدود تماما، على مستوى إنتاج المعرفة أو عدم إنتاجها منذ سقوط بغداد على أيدى التتار، وعلى مستوى الجمالية الشعرية منذ اجتهادات الجرجانى الموصولة بدراسة المجاز، وأيضا على مستوى المؤسسات الثقافية، حديث يمكن تفهمه، حتى وإن اختلف البعض مع المعايير والمنطلقات التى أسس عليها أدونيس هذا التقييم".

 

وأضاف "حمودة": فالحقائق المؤسفة متعددة فى تاريخنا النقدى والثقافى بوجه عام، وهى التى قادتنا إلى ما نحن عليه الآن، وضمن هذه الحقائق أننا قدمنا اجتهادات فردية متقطعة فى مجالات معرفية متعددة، ولكن هذه الاجتهادات لم تتراكم ولم تتصل ولم تتكامل ولم تتحول إلى ما يشبه التيار المتنامى الممتد، وضمن هذه الحقائق أننا ظللنا فى مجال دراسات الشعر، مثلا، أسرى لغواية الأحكام الجزئية، التعميمية، فى مجال الشعر الوحيد الذى عرفناه لتاريخ طويل، أى الشعر الغنائى، بعيدا عن الشعر المسرحى والشعر الملحمى، وضمن هذه الحقائق أننا فى الدراسات اللغوية والبلاغية كنا مقيدين باعتبارات كثيرة، جعلتنا نكاد نحصر هذه الدراسات تقريبا فى دائرة واحدة بعينها، ومنها أن حرية التفكير والاجتهاد لم تكن سمة واضحة جدا، نستطيع التباهى بها، فى أغلب فترات تاريخنا، وقد دفع بعض المفكرين والمجتهدين الأحرار أثمانا فادحة فى بعض الحالات، قبل أن يتم إغلاق باب الاجتهاد وبعده أيضا، ومنها أن الميراث الفلسفى، الذى يمكن أن يكون مهادا مهما لبزوغ اجتهادات فى علوم شتى، لم يكن مكونا أساسيا من مكونات حياتنا الثقافية، وهكذا.

 

وتابع الدكتور حسين حمودة: "طبعا، فى عصرنا الحديث عرفنا أنواعا أدبية جديدة، وشهدنا نشاطا نقديا وثقافيا حولها، ولكن هذا كله كان فى سياق آخر، ليس مبنيا على تراكم تاريخى قديم ولا على ميراث فكرى ونقدى سابق".

 

وأتم "حمودة" تصريحاته: "على أية حال، لا يخلو حديث أدونيس، رغم صيغته الصادمة، من الصواب، وإن كان يشبه مرارة الدواء التى تحتاج إلى أن تقترن بالدواء نفسه".

 

شاكر عبد الحميد
شاكر عبد الحميد
 

فيما قال الدكتور شاكر عبد الحميد، أستاذ علم نفس الإبداع، باكأديمية الفنون، ووزير الثقافة الأسبق: "حديث أدونيس فى جوهره صحيح، وفى معاييره، فالمعرفة العربية الموجودة مكررة وتعمل على إنتاج القديم، ومحاولة تفسير الماضى أو إعادة تفسير التراث الغربى، والإبداع العربى الآن قليل جدًا، لكنى أرفض التعميم، لكننا عندما يتحدث أدونيس علينا تأمل كلامه والتفكير فيه والتأكد من مد صحته".

 

وأضاف "عبد الحميد" حول عدم إنتاج أى كتب فى جماليات الشعر: "هو يقصد هو علم الجمال وعلم الجمال ليس من العلوم القديمة، حيث ظهر من قرنين، وتعرفنا نحن عليه فى القرن العشرين، وذلك جاء مرتبطا تحت مسمى تحريم الصورة والشعر، الموجود فى كتب التراث القديمة".

 

وأتم الدكتور شاكر عبد الحميد: "حتى الآن لم نقدم دراسة للتلاقى دراسة أحساس القارئ بالشعر، وكيف تلقى العرب ذلك، فأغلب ما قيل كان نظريا، لكن لا يوجد على المستوى العملى أى دراسات".

صلاح السروى
صلاح السروى
 

بينما قال الناقد الدكتور صلاح السروى، أستاذ النقد الأدبى الحديث بكلية الآداب جامعة حلوان: "أتفق فى الزعم الأول بحيث أن الثقافة والحضارة دخلت حالة من الأفول والظلام من قبل ذلك قليل، منذ لحظة انتصار الغزالى وابن رشد، عندما قام الغزالى بتكفير ابن رشد والفلاسفة، وانتهت بانتصار ذلك الفكر، وتم إحراق كتب ابن رشد واعتبار الفلسفة مرادفة للكفر، حتى إنه كان يستخدم عبارة من تمنطق فقد تزندق، فمن هذا التاريخ فقدت الأمة عقلها الأمر الذى يجعلها مسيرتها عشوائية، تقوم على استهلاك للمستهلك".

 

وتابع "السروى": "لكن فى الحقيقة منذ منتصف القرن التاسع عشر ظهرت حالة نهضة، بالتحديد مع عهد الخديو إسماعيل، حيث انتشر فى المجتمع المصرى التعليم والحياة الثقافية العامة والصحافة، وظهر إعلام هذا العصر مثل البارودى وعائشة التيمورية وصبرى أبو علم وأحمد شوقى وحافظ إبراهيم، لكن هذا الحركة الشعرية لم تكن رائدة بل جاءت فى إطار البعث والإحياء، ولم يكن لها أثر السبق لأنها جاءت على مستوى ما اندثر ومحاولة إعادة الماضى القديم".

 

وأكد الدكتور صلاح السروى: "رغم أنه كان لدينا كتاب عظماء مثل نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم، وشعراء مثل صلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطى حجازى، إلا أننا لم نلتحق بالعصر، ولم يستطع هذا الجيل على إجماليته أن يقدم نفسه أحد مكونات الأدب العالمى، ولا يزال عطاؤنا رمزيا ولم يبارح منطقة المحاولة للفعل، حتى انتكاسنا خلال العقود الأخيرة بداية من عقد السبعينيات".

 

وفيما يخص عدم تقدم العرب أى كتاب فى جماليات الشعر، أكد "السروى": "أدونيس بالتأكيد يقصد كتب الجرجانى، والتى اعتمدت على البلاغة فى القرآن، وهذا طبيعى لأن الكتاب دينى فى الأساس، وكان الإشارات بالشعر للتقريب بهذا التصور البلاغى".

 

وأكد الدكتور صلاح السروى: "البواقير الأولى عند العرب كانت لخدمة القرآن، حتى فى أواسط العباسى، ظهرت حركة شعرية لابن كتيبة وابن عرابى، لكنها قدمت خطابا شعريا رجعيا، لكننا لا نستطيع اتهاما بأنها حركة متخلفة، فالحركة النقدية كانت قرانية، وكانت مرتبطة بالفهم التقليدى ويقدسون القديم، لكنى لا أستطيع أن أدين هذا الحركة، وربما أدونيس خلط بين البواقير الأولى التى قامت بخدمة القرآن وبين ما ذلك التالية".

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة