- 2700 طالب يمنى يهربون بالعلم من نيران الحرب
- تأخر المصروفات الدراسية أبرز المشكلات وينتج عنها تأجيل الامتحانات والحرمان من استكمال الدراسة
- القانون اليمنى يلزمهم باحترام قوانين البلد المضيف.. والملحقية الثقافية تتلقى تقارير عن أدائهم الدراسى كل ستة أشهر
- «الملحق الثقافى»: الجامعات المصرية تتعاون معنا وتقدم كل التسهيلات للطلاب
- اللاجئون اليمنيون.. محاولات التأقلم لم تنته بعد
-
5775 يمنياً مسجلاً فى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.. يجهلون حقوقهم القانونية وتنقطع عنهم المساعدات ويدرسون فى المراكز التعليمية السودانية- «أنور» رفض تجنيد طلاب مدرسته فى صفوف الحوثيين فهددوه بالقتل
- «سميرة» تنتظر إعادة المعونات والرعاية الطبية
-
«أم أمجد» زوجها مُطارد من الحوثيين وتلقت عروضا لبيع كليتها والخروج بشكل غير شرعى من اليمن
«علاقة من لحم ودم» ربما يكون هذا هو الوصف الأدق لما يربط بين مصر ونظيرتها اليمنية، تاريخ طويل يمتد جذوره لعهد القدماء المصريين، حروب عدة خاضتها اليمن وتقدم صفوفها الجيش المصرى وكان أول المتلحمين فيها، تبادل تجارى وثقافى جعل العلاقة بين البلدين هى الأقرب والأوضح على مستوى الدول العربية، لذا كان طبيعيا أن تكون مصر هى المقصد الأول لأهل اليمن فى السراء والضراء فهنا استقبلت المستشفيات الحكومية المرضى ومصابى الحرب لتلقى الرعاية اللازمة، وهنا أيضا كانت المناطق السياحية والفنادق والمتنزهات العامة شاهدا على الجولات والرحلات الاستكشافية. مارس 2015 تاريخ محفور فى ذاكرة كل يمنى، عندما اشتعلت شرارة الحرب بين جماعة الحوثيين والقوات الموالية للنظام، فى هذا الوقت انقلب كل شىء رأساً على عقب، وتحول البلد الهادئ لآخر منفر طارد لشعبه، وتبدلت ألوان معالمه الطبيعية الزاهية للوحة قاتمة تحيطها مشاهد وصور لقتلى ومصابين وتنبعث منها أصوات القنابل والرصاص، اختلفت الحياة تماما ولم يبق سبيل أمام الجميع سوى الهروب لأى دولة مجاورة بعضهم اتجه للأردن وتركيا والسعودية، والبعض الآخر إن لم تكن الغالبية فضلوا العيش فى مصر للأسباب التاريخية سابقة الذكر. فى هذا الملف نكشف عبر حلقاته المتتالية كواليس حياة الفئة الناجية فى مصر التى وصلت إلى ما يقرب من 100 ألف يمنى، من طلاب لم تمنعهم الحرب من تحصيل العلم والمعرفة وسيدات خرجن عن العادى والمألوف وتمتعن بهامش حرية أكبر فخلقن لأنفسهن مجالات مختلفة لكسب الرزق وجرحى جاؤوا من محافظات اليمن المختلفة، بحثا عن الرعاية ورجال أعمال فضلوا الاستثمار لخلق حياة بديلة خارج مجتمعاتهم وشباب استغلوا الفترة الحالية لنقل ثقافة بلادهم من فنون وموسيقى للمواطن المصرى، وأيضا لاجئون هربوا من نيران الحرب فى بلادهم بحثا عن أى ملاذ آمن، فى هذا الملف نتعرف أكثر على المجتمع اليمنى الذى يعيش فى كنف نظيره المصرى، وأبرز التحديات والصعوبات التى تواجه المنتمين إليه، لحين عودتهم إلى ديارهم سالمين بعد انقضاء الظروف الحالية.
قاده حبه للفن التشكيلى للبحث عن أى سبيل يكفُل له تحقيق حلمه فى إقامة معرض كبير يتحدث عنه العالم أجمع ويُشار إليه بالبنان، لم يجد سوى مصر ليأتى إليها ويواصل فيها دراسة هذا المجال، وبالفعل كانت زيارته الأولى لها فى 2014 ضمن مجموعة من الطلاب فى إطار منح التبادل الثقافى بين مصر واليمن، استمرت الدراسة لمدة شهرين فقط، سافر بعدها لموطنه الأصل على أمل أن يعود إليها مجددا فى 2015 ليواصل المسيرة، ولكن قامت الحرب وحالت دون تحقيق ذلك.
محمد سبأ ابن مدينة إب اليمنية، واحد من بين 95 طالبا يمنيا يدرسون فى مصر فى إطار منح التبادل الثقافى بين البلدين، مقسمين ما بين 60 طالبا بكالوريوس و35 دراسات عليا، يدرسون فى مجالات عدة وهى الطب والهندسة والتجارة وعلوم الحاسب والفنون وغيرها، وفقا لما ذكره الدكتور عاطف يحيى، رئيس نادى الطلبة اليمنيين بالقاهرة.
يقول صاحب الاثنين والثلاثين عاما: فور نشوب الحرب ألزمت جميع الدول الوافدين اليمنيين بضرورة الحصول على تأشيرة حتى يُسمح لهم بدخول أراضيها، ولكن فى ظل الظروف التى مرت بها اليمن أغلقت جميع السفارات أبوابها، وأصبح من الصعب الحصول على تأشيرة أى دولة، لذا لم يكن أمامنا خيار سوى دخول السعودية، ومنها يتم السفر إلى مصر، وبالفعل هذا ما حدث دخلت السعودية، ولكن واجهتنى بعض الصعوبات للحصول على تأشيرة دخول لمصر حتى تم التواصل مع السفير المصرى هناك، وساعدنى كثيرا حتى سافرت إلى هنا والتحقت بأكاديمية الفنون التابعة لوزارة الثقافة لاستكمال الدراسة.
ثلاثة أعوام قضاها محمد فى مصر ولم ينس خلالها موطنه الأصلى، بل ظلت مشاهد الحرب التى تجسدت أمام عينه فى الأيام الأولى لها قبل رحيله عن اليمن، عالقة فى ذهنه.
فيتحدث دوما عن الليلة التى سمع فيها فجأة صوت القنابل والصواريخ وهو يجلس فى منزله، فظن أن هناك انفجارا فى مستودع أنابيب غاز، ولم يأتِ بمخيلته أنها حرب ستخلف وراءها مئات القتلى والمصابين، عجزنا كثيرا عن استيعاب ما يحدث حولنا كانت فى الليلة الواحدة نرى ما يقرب من 120 طلعة صواريخ، كنت أرى بعينى التحركات السريعة للحوثيين وتمر الدبابات فى الطريق المار أمام منزلى، فى البداية اعتقدنا أنها مجرد حرب أهلية ناتجة عن الانقلاب، ولم نتخيل يوما أنها ستكون حربا بمعنى الكلمة وتشارك فيها قوى خارجية.
خرج محمد الذى يدرس فى القاهرة بمصاريف سنوية لا تتجاوز الـ750 جنيه من مدينته أب تاركا خلفه أسرته المكونة من أم وأب وزوجة وثلاثة أولاد لحقوا به بعد مرور أشهر قليلة على وجوده فى القاهرة، «أثرت الحرب كثيرا على تجارة أسرتى، وبالتأكيد كل هذه الظروف انعكست على دراستنا والمصروفات المعيشية التى من المفترض أن ترسلها لنا الحكومة اليمنية عبر الملحقية الثقافية ولا نتلقاها إلا كل خمسة أشهر» وهكذا يقول محمد.
تمثل العلاقات الثقافية بين مصر واليمن ركنا أساسيا من أركان العلاقات بين البلدين، وذلك لسببين رئيسيين الأول لوقوع الدولتين قديما تحت حكم دولة كبرى واحدة والثانى لتبادل الزيارات العلمية بينهما من خلال الطلاب والعلماء، وتعد تلك العلاقات واحدة من أهم عوامل الارتباط بين الشعبين، ودائما ما تكون بعيدة عن تأثير الظروف والعوامل السياسية والاقتصادية وفى إطار هذا التعاون تحرص مصر، وكذلك اليمن على توفير مقاعد للطلاب فى إطار منح التبادل الثقافى بين البلدين فى الجامعات المختلفة.
وهناك ثلاثة أنواع للطلبة الوافدين من اليمن للدراسة فى مصر أولهم المبعوثين من الحكومة، وكان عددهم قبل نشوب الحرب 1500 طالب ونتيجة الظروف الحالية انخفض عددهم ليصل ما بين 50 و70 طالب، أما النوع الثانى فهو الطلاب الذين يدرسون على نفقتهم الخاصة وعددهم 2500 طالب والنوع الثالث والأخير الطلاب الوافدين فى إطار منح التبادل الثقافى بين البلدين وعددهم 95 طالب.
ويشكو النوع الأول والأخير من تأخر رسوم الدراسة والرسوم المعيشية التى من المفترض أن يتم إرسالها كل ثلاثة أشهر، ولكن نتيجة الحرب ترسلها الحكومة للملحقية الثقافية التابعة لوزارة التعليم العالى اليمنية وهى الجهة المسؤولة عن الطلاب هنا كل ستة أو تسعة أشهر، مما يؤدى إلى تأخر امتحانات الطلاب أو تأجيل موعد مناقشة رسالات الماجستير والدكتوراه، وهذه كلها أمور دفعتهم لتنظيم اعتصامات فى السفارة والملحقية الثقافية، وفقا لتصريحات الدكتور عاطف يحيى، رئيس نادى الطلبة اليمنيين بالقاهرة.
قصة أخرى بطلها يُدعى فتحى عبدالرحمن، من مدينة أب اليمنية مبعوث من وزارة التعليم العالى هناك، ويُعد رسالة الدكتوراه فى كلية الحقوق جامعة القاهرة، جاء لمصر فى 2013 أى أنه لم يكن شاهدا على الحرب أيضا، ولكنه عاصر الفترة الأولى من الانقلاب هناك، يقول صاحب الأربعين عاما: أنهيت دراسة الماجستير فى إحدى الدول العربية وعندما جئت إلى مصر لاستكمال الدراسة واجهتنى بعض الصعاب المتعلقة بالروتين اليومى وضعف الإمكانيات والتقنيات الحديثة سواء فى مجال الأنشطة وتلقى المناهج والمحاضرات اليومية، ففور مجيئنا لم يجتمع بالطلاب الوافدين أى مسؤول من الجامعة، ليشرحوا ما لنا وما علينا كطلاب أجانب، ولكن بخلاف هذه الأمور لم نجد دولة عاملت الوافدين اليمنيين بشكل أفضل من مصر التى احتضنتنا ولم نشعر للحظة بالغربة وسط أهلها.
على الرغم من نشوب الحرب أثناء تواجد فتحى للدراسة فى مصر إلا أنه لم ينس كلمات الرعب التى تلقتها أذناه عند اتصاله بأسرته فى اليمن للاطمئنان عليهم الحرب، كانت بمثابة مأساة حقيقية تدفع ثمنها الشعوب، وأول ملامح هذه المأساة هو غلق المطارات وزيادة عدد العالقين اليمنيين من طلاب ومرضى وكبار سن، و«قبل الحرب كنت دائم التردد على اليمن أود أسرتى بشكل مستمر، ولكن بعد ذلك باتت هناك صعوبة فى رؤيتهم خاصة مع ارتفاع أسعار التذاكر وفكرة الغياب عن الأهل فى ظل هذه الظروف الصعبة بالتأكيد كان له تأثير سلبى على مسار دراستى والتركيز فيها»، وهكذا يصف فتحى عبدالرحمن.
لم يكن تأثير الحرب سلبيا فى نفوس الطلاب فقط بل امتد ليشمل النواحى المادية أيضا مثلما يقول فتحى الذى أتى للدراسة فى مصر بمفرده تاركا أسرته وأبناءه فى اليمن، انقطعت الرواتب فى اليمن وكان هناك الكثير من الطلبة والمرضى وحتى السائحين يعيشون على المراسلات وحدثت لهم مشاكل كثيرة، بسبب تأخر مستحقاتهم المادية.
ويتابع فتحى الذى تتكلف رسوم دراسته سنويا 2000 جنيه إسترلينى: تأثر الطلبة كثيرا من تأخر الرسوم الدراسية المرسلة إليهم من جانب الحكومة، وهذا انعكس على نوعية الأنشطة التى نتلقاها والخدمات على سبيل المثال تجديد الكارنيه، ودخول المكتبة وهى أمور تستلزم دفع المصاريف أولا، هذا بالإضافة لمشكلة أخرى تواجهنا وهى فكرة الاستمرارية وهى أزمة يتعرض لها الدارسون الراغبون فى استكمال دراسة الدكتوراه بعد إنهاء الماجستير، ويتم تسويفهم بسبب عدم سداد الرسوم.
«كانت هناك صعوبات بالفعل تواجه الطلاب اليمنيين ممثلة فى تأخر الرسوم، ولكننا بدأنا فى السيطرة عليها تدريجيا»، بهذه الكلمات بدأ الملحق الثقافى اليمنى فى القاهرة، الدكتور محمد العبادى حديثه، مؤكدا أن هناك تعاونا كبيرا بين الملحقية والجامعات المصرية لتقديم كل التسهيلات الممكنة، مضيفا: جميع المسؤولين هنا مقدرون وضع اليمن والظروف التى يمر بها الطلاب خاصة فيما يتعلق بوضع الطلاب اليمنيين المبعوثين.
حدد القانون اليمنى رقم 19 لسنة 2003 بشأن البعثات والمنح الدراسية، مجموعة من الواجبات والمحظورات التى يجب على الطالب اليمنى الموفد للدراسة فى الخارج الالتزام بها، وهى السفر إلى بلد الدراسة والوصول إليه فى الموعد المقرر والتقدم فور وصوله إلى بلد الدراسة لتسجيل اسمه وبياناته لدى البعثة الدبلوماسية اليمنية المعتمدة أو من يقوم مقامها، وأن يثبت لديها عنواناً واضحاً يسهل الاتصال به عند الحاجة.
بالإضافة إلى ضرورة الالتحاق بالمؤسسة التعليمية المحددة له عند الإيفاد وفى البرنامج المقرر، والحصول منها على وثيقة تثبت ذلك وتاريخه، وأن يجد فى دراسته دون تقصير أو تهاون وأن يكرس جهده ووقته للدراسة المقررة ويثابر على التحصيل العلمى حتى يحصل على المؤهل الدراسى فى المستوى والتخصص الموفد لأجله، ويحترم قوانين ونظم ومعتقدات البلد الموفد إليه، وأن يحافظ على سمعة الوطن ويتقيد بقوانينه ونظمه، ويوافى البعثة الدبلوماسية المعتمدة للجمهورية أو من يقوم مقامها فى البلد الموفد إليه بنسخ معتمدة من الوثائق والمستندات المتعلقة بسير دراسته والنتائج التى تحصل عليها بمجرد صدور أى منها مع نسخ صور من كل ذلك وإرسالها إلى وحدته الإدارية واللجنة التنفيذية المختصة التى تتلقى تقرير دورى منتظم كل ستة أشهر ودون حاجة إلى متابعة أو طلب. ويلتزم بالعودة إلى الوطن بمجرد انتهاء مدة الإيفاد مع عدم القيام بأى نشاط أو ممارسة أى فعل أو سلوك منافٍ للأخلاق أو الآداب العامة أو مباشرة أى عمل يتعارض مع واجباته أو التزاماته كموفد أو يخرج عن الأهداف والأغراض التى أوفد من اجلها.
وفى حالة المخالفة يكون مجبرا على دفع تعويضاً مالياً للحكومة يعادل مجموع النفقات والمبالغ التى صرفت عليه طوال فترة إيفاده بما فى ذلك قيمة الامتيازات النقدية والعينية التى تمتع بها خلال فترة الإيفاد، سواءً كانت مصادر التمويل داخلية أو خارجيـة.
نموذج ثالث لأحد الطلاب الذين يدرسون على نفقتهم الخاصة، عبدالكريم على شاب فى العشرينيات من عمره، سيطر على عقله حلم أن يصبح إعلاميا مشهورا، لذا بحث هنا وهناك ولم يجد مكانا أفضل لدراسة الإعلام من مصر، وبالفعل جاء إليها فى 2011 والتحق بكلية الإعلام جامعة القاهرة وبدأت رحلته التعليمية، يقول ابن مدينة تعز اليمنية أنهيت المرحلة الثانوية فى اليمن وتحدثت لأبى بأننى أرغب فى دراسة الإعلام فى مصر، ووافق على الفور، خاصة أن معلميه فى اليمن كانوا مصريين، وبالفعل جئت إلى هنا وبدأت دراسة فى الكلية على نفقتى الخاصة وحاليا أدرس ماجستير فى معهد البعوث والدراسات العربية.
ويضيف: أبرز المشكلات التى واجهتنى فى البداية ومن قبل نشوب الحرب، هى أن الدراسة فى هذا المجال تحديدا نظرية أكثر مما ينبغى وبالتالى فور تخرج الطالب تبقى هناك فجوة بين ما تم دراسته وما وجده على أرض الواقع، هذا فيما يتعلق بالجانب التعليمى أما عن تأثير الحرب على دراستنا، فبالتأكيد الظروف هناك أثرت كثيرا على عمل والدى وهذا انعكس على المصروفات التى يتم إرسالها لى لسداد الرسوم والتى تصل إلى 3000 إسترلينى فى السنة الأولى، و1500 فى السنوات الأولى وكذلك مساعدتى على المعيشة فكانت النتيجة هى التأخر فى عملية السداد، وبالتالى الحرمان من دخول الامتحانات فى موعدها وإعادتها فى الصيف مع الراسبين.
قبل الحرب كان عبدالكريم دائم التردد على اليمن، ولكن منذ عام 2015 لم ير أهله، واكتفى بالتواصل معهم عبر الهاتف أو وسائل التواصل الاجتماعى، بسبب غلاء تذاكر السفر لم أر أهلى منذ 3 سنوات، وآخر زيارة لى لليمن تزوجت هناك وأحضرت زوجتى معى إلى القاهرة لاستكمال الدراسة.
ويضيف: لم أعاصر فى اليمن سوى فترة الانقلاب أما عاصفة الحزم فوقعت أثناء تواجدى فى مصر، أذكر عندما شاهدت الصواريخ والانفجارات فى نشرات الأخبار سيطر على الرعب والحسرة وشعرت بالعجز التام والغيرة على وطنى، ولم يكن باستطاعتى شىء سوى أن أُسرع ممسكا بالهاتف، وأتحدث إلى أسرتى فى اليمن لأطمأن عليهم.
محمد وفتحى وعبدالكريم وغيرهم من عشرات الطلاب اليمنيين الوافدين إلى مصر الذين قرروا تحمل الأعباء النفسية والمادية طمعا فى استكمال دراستهم فى المجال الذى اختاروه، يعيشون الآن محاصرين ما بين أحلامهم والعراقيل التى تحجمها، وعلى رأسها تأخر وصول المصروفات الدراسية.
لم يبق أمامها باب آخر لتطرقه، أسرتها توفت كاملة باستثناء شقيقين، وزوجها هجرها وبات يطاردها للوصول إلى ابنته، تتعالى أصوات القنابل والصواريخ، وتقع عيناها على مشاهد لقتلى ومصابين تبث نشرات الأخبار فى التليفزيون والراديو أنباءهم على مدار الساعة، تسأل نفسها لماذا انقلب حال مدينتها هكذا بين ليلة وضحاها، ولماذا لن يقتصر شقاؤها على محاولات الكر والفر من والد ابنتها الذى أساء معاملتها كثيرا حتى انفصلا، بل أصبحت ملزمة بالبحث عن ملاذ آمن يأويها من نيران الحرب.
الآن حان وقت الرحيل، تُحزم أمتعتها، تُفتش هنا وهناك عما تبقى لديها من مشغولات ذهبية تساعدها على تحمل مشقة الأيام المقبلة وتعينها فى رحلتها التى لا تعلم متى ستنتهى وتصل معها إلى محطة الوصول، تُمسك بيد وحيدتها وتبدأ فى السير ومحاولة الخروج، تستقل باخرة برفقة آلاف اليمنيين الهاربيين لتنقلهم من موطنهم الأصل إلى الصومال نظير 18 ألف ريال يمنى، ومنها تطير إلى تركيا مقابل 500 دولار، وينتهى بها الحال فى مصر، بعدما سددت ثمن تذاكر الطيران اليها التى وصلت إلى مصر بــ700 دولار.
فور مجيئها من دولتها اليمن فى أكتوبر 2016، أى بعد اندلاع شرارة الحرب بما يزيد عن عام ونصف قدمت سميرة محمد، صاحبة الأربعين عاما، فى مقر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالقاهرة طلبا لتسجيلها برفقة ابنتها، نظرا للأوضاع السيئة التى تمر بها بلادها، لتصبح واحدة من ضمن 5775 يمنيا قدموا لمصر قاصدين مكتب المفوضية ليتم تسجيلهم، وذلك وفقا لما ذكرته كريستين بشاى، المتحدثة الإعلامية للمفوضية.
«لم تكن الصعوبات التى واجهتنى فى اليمن قاصرة على الحرب فحسب والتى مازالت مشاهدها من خراب ودمار وقتلى ومصابين عالقة فى أذهاننا، ولكن أيضا كان هناك خلافات بينى وبين والد ابنتى كان يرغب فى الحصول على حضانتها عنوة رغم سوء معاملته لها وسبق وأن هددنى بالقتل، وعندما لجأت لإحدى المنظمات الحقوقية فى اليمن قالوا لى إنهم لا يقدرون على مساعدتى لأننى ابنة البلد نفسه والحل فى السفر للخارج، بعدها بفترة قليلة اندلعت الحرب فأخذت ابنتى رغم ظروفى الصحية وخرجت تاركين خلفنا كل شىء».. بهذه الكلمات بدأت سميرة حكايتها حول تفاصيل حياتها فى اليمن وسبب خروجها منه.
وأضافت: فور مجيئى لمصر أقمت مع أسرة يمنية وبعد عودتهم لليمن تعرفت على سيدة مصرية تبيع الخضراوات، وافقت على أن أعيش معها برفقة ابنتها الصغيرة.. حاولت كثيرا العمل والبحث عن مصدر رزق، ولكن دون جدوى طرقت أبواب البيوت والمطاعم وفشلت وبسبب ظروفى الصحية وبحثا عن أى مساعدة مالية ذهبت للتسجيل فى المفوضية وبالفعل صرفوا لى 600 جنيه أول شهرين فقط، وبعد ذلك انقطعت المساعدات.
تمر عملية التسجيل فى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بمرحلتين الأولى يحصل خلالها طالب اللجوء على البطاقة الصفراء، وتعنى أنه ملتمس لجوء لحين دراسة حالته، والتأكد من استحقاقه الاعتراف به كلاجئ رسمى، ومنحه البطاقة الزرقاء، وهذه هى المرحلة الثانية.
ومن المفترض أن تقدم المفوضية الرعاية اللازمة للاجئين وطالبى اللجوء من خدمات صحية، ومنح التعليم، والاستجابة لحالات الطوارئ والمساعدة المالية لأكثر الفئات ضعفاً، بالإضافة إلى المساعدة القانونية ويتم هذا من خلال مجموعة من الشركاء الذين يقدمون الخدمات المختلفة لليمنيين وغيرهم من اللاجئين، مثل منظمة كاريتاس الملزمة بتقديم الرعاية الطبية والمؤسسة المصرية لحقوق اللاجئين المعنية بالجانب القانونى لهم والدفاع عنهم، إضافة إلى مجموعة من منظمات المجتمع المدنى وعدد من المدارس والكنائس والمستشفيات التى تقوم جميعها بتوفير الخدمات المختلفة لهم، وفقا لما أوضحته كريستين بشاى، المتحدثة الإعلامية للمفوضية.
ووفقا لاتفاقية جنيف لحماية اللاجئين التى وقعت عليها مصر عام 1951 تعتبر الأخيرة دولة مضيفة تستقبل كل من يتعرض لأى أنواع الاضطهاد الدينى أو العرقى أو الجنسى والسياسى، وذلك ضمن 130 دولة تفعل الشىء نفسه، ويختلف موقف الدول الموقعة تجاه بعض بنود الاتفاقية فمنها من يطبقها كاملة ومنها من يتحفظ على عدد من بنودها مثلما فعلت مصر، حينما تحفظت على بنود الرعاية الأربعة المتعلقة بالتعليم والتجنس والعمل والضمان الاجتماعى.
أمام الظروف المعيشية الصعبة فكرت سميرة كثيرا فى الخروج من مصر بشكل غير شرعى فلا سبيل للعمل أو توفير سكن أو حتى تلقى الرعاية الصحية اللازمة أردت الخروج عن طريق البحر وتواصلت مع سماسرة، ولكن للأسف الرحلة ستكلفنى أنا وابنتى 3000 دولار وأنا لا أملكهم فى الوقت الحالى فكل ما رحلت به من اليمن هو مجموعة مشغولات ذهبية بعتها جميعا للحصول على ثمن تذاكر السفر.
فى منطقة فيصل واحدة من المناطق السكنية التى يقطنها عدد كبير من اليمنيين فى مصر، وداخل شقة متواضعة لا تتجاوز مساحتها بضعة أمتار يعيش أنور الفقيه برفقة زوجته وأطفاله الاثنين، بالإضافة لشقيقة زوجته وابن شقيقها، قرروا جميعا أن يختبئوا بين جدران هذا المنزل رافضين الخروج والاختلاط بغيرهم خوفا من تعرضهم لأى مشكلة تضر بموقفهم نتيجة جهلهم بحقوقهم القانونية كنازحين يعيشون فى بلد مضيف.
فى اليمن كان أنور يعمل وكيلا لإحدى مدارس مدينة صنعاء وهى وظيفة رأتها جماعة الحوثى وأنصارها فرصة عظيمة لاستقطاب أكبر عدد من الأطفال، لتجنيدهم وتدربيهم على حمل السلاح «كانوا يطلبون منى إرسال الطلاب للتجنيد وحمل السلاح، وعندما رفضت اعتقلونى بضعة أشهر وهددونى فى حالة عدم التسليم سيتم قتلى وخطف أفراد أسرتى لذا قررنا الهرب».
فى صباح يوم ما من عام 2015، وبعد اندلاع الحرب بفترة وجيزة قررت أسرة أنور، الفرار، حزموا أمتعتهم وحملوا معهم كل ما يستطيعون حمله من مشغولات ذهبية وبعض الأجهزة الكهربائية، فى البداية قصدوا السودان وقضوا فيها ما يقرب من عام حاولوا خلالها التكيف مع العادات والتقاليد البديلة، واجتهد أنور فى بحثه عن أى سبيل لكسب الرزق ولكن دون جدوى، لذا كانت وجهتهم إلى مصر.
دخلوا مصر فى ديسمبر 2016، وفور مجيئهم ذهب رب الأسرة للتسجيل فى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وحصل على البطاقة الصفراء مع وعد بدراسة حالتهم ومنحهم نظيرتها الزرقاء فى أقرب فرصة، ولكن طالت المدة وأصبح مصيرهم الانتظار عاما كاملا دون تحديد المصير، «لم يتم تصنيفكم حتى الآن»، هذا هو الرد الذى يحصل عليه أنور كلما ذهب للمفوضية للسؤال عن وضعه المُعلق.
أصعب ما يواجه أنور هو التأثير النفسى الذى وقع على أطفاله بسبب الحرب «يوميا يستيقظ صغارى وهم يصرخون ويرجفون، طوال الوقت يفزعون إذا سمعوا صوت تحليق طائرات أو دراجات بخارية فى الشارع يعتقدون أن هناك قصفا، لذا كنت أتمنى أن يتم تحديد مصيرى سريعا من قبل المفوضية حتى يتلقى أولادى الرعاية الطبية والنفسية اللازمة خاصة أنهم تركوا مدارسهم، ويمكثون الآن بالمنزل دون رفقاء، نظرا لأن المدارس المصرية رفضتهم بسبب إقامتهم المؤقتة، كما أنها ستعاملهم كوافدين وتفرض عليهم رسوم دراسية مرتفعة، ويرفضون الخروج إلى الشارع حتى لا يتعرضوا لأى أذى مثلما حدث معهم قبل ذلك عندما استوقفتهم مجموعة خارجة عن القانون، وقامت بسرقة هواتفهم المحمولة وضربهم»، أكثر شىء تفتقده عائلة أنور هى التوعية القانونية بحقوقهم التى كان من المفترض أن تقدمها لهم المفوضية ولكن هذا لم يحدث وفقا لقوله: «أخشى أن أشتبك مع أى أحد أو أذهب لقسم الشرطة، نظرا لجهلى بالأمور القانونية».
أمام حالة الرفض المتكررة التى واجهها أنور إذا قصد العمل فى أحد المطاعم أو المحال اليمنية، اضطر للعمل كبناء «يساعد فى أعمال البناء» دون دخل ثابت «عندما يطلب منى أطفالى أى شىء أوافق على الفور حتى لو اضطررت أن أواصل العمل ليل نهار رغم ظروفى الصحية حتى لا أترك فى نفوسهم شىء يرغبون فيه، والحمد لله نعيش بفضل الله أولا ومساعدة عدد من أهالينا وأصدقائنا فى الخليج، حيث يرسلون لنا مبالغ مالية بين الحين والآخر، بالإضافة للخدمات التى تقدمها لنا منظمة كريتاس إحدى شركاء المفوضية وتخصيصها 1500 جنيه للطفل الواحد على مدار السنة.
«فكرت كثيرا فى الهجرة بشكل غير شرعى، وبالفعل تواصلت مع أحد السماسرة فى كندا، وطلب إرسال مبلغ من المال يقدر حوالى بـ40 ألف جنيه لنغادر جميعا، انتهينا من كل الإجراءات والأوراق المطلوبة وأرسلناها له، ولكن أبلغنا بعدها أن الأوراق تم رفضها، وبالتالى نصب علينا فى الأموال التى دفعناها لهم وأصبحنا محاصرين لا نستطيع العيش هنا فى ظل الظروف الصعبة التى تواجهنا، ولا العودة إلى وطننا بسبب الحرب»، هكذا يصف أنور وضعه حاليا، متمنيا أن يتم تحديد وضعه سريعا من قبل المفوضية للحصول على الدعم المادى والرعاية الصحية والنفسية لأطفاله، وأخيرا توعيتهم قانونية بحقوقهم وواجباتهم.
فى مارس 2015 وقع رئيس مجلس الوزراء وقتها إبراهيم محلب وخالد محفوظ بحاح، نائب رئيس الجمهورية اليمنية، على اتفاقية نصت على ضرورة الحصول على تأشيرة لدخول مصر، وتحديد مدة الإقامة حيث جاء فى الاتفاقية أنه ينبغى على اليمنيين المقيمين قبل صدور القرار الحصول على تأشيرة خروج وعودة قبل مغادرتهم مصر دون العودة إلى الجهات الأمنية، ومنح تأشيرات لليمنيين بغرض الدراسة بعد التأكد من حقيقة ذلك، ومنح إقامة لليمنيين القادمين إلى مصر لمدة 6 أشهر ويتم الحصول على الإقامة من منافذ الوصول، ويتم تجديدها بشكل دورى. وهذه واحدة من أبرز المشكلات التى تواجه اليمنيين فى مصر وهى فكرة الإقامة المؤقتة، والحصول على تأشيرة قبل الدخول من الأساس.
أم لأربعة أطفال هجرها زوجها فجأة وتركها تتحمل المسؤولية وحدها «ألقى فى وجهى بطاقة المفوضية الصفراء وخرج من البيت وحتى الآن لا أعلم عنه شيئا، هل هاجر بشكل غير شرعى هل باع أعضاءه بسبب سوء الأوضاع المادية»، هكذا بدأت أم أمجد حديثها عن الحال الذى وصلت اليه ولكن قبل انتهاء الوضع على ما هو عليه الآن تكمن قصة بطلتها تلك السيدة الثلاثينية، ابنة مدينة عدن وزوجها ابن أحد قيادات الجيش اليمنى الذى ظل مطاردا ومطلوبا من قبل جماعة الحوثى بسبب هذه الصفة.
تحكى أم أمجد قصتها قائلة: وقعت الحرب بدأ الناس فى تخزين الغلال خوفا من حدوث مجاعة وانقطعت المياه والكهرباء، يوميا كنا ننام ونستيقظ على صوت الصواريخ والقنابل، حسبنا أن الأمر سيستغرق بضعة أشهر وتعود الحياة، كما كانت ولكن للأسف كانت تسوء يوما بعد بوم وزاد اضطهاد زوجى وملاحقته، فقررنا الخروج وجئت لمصر برفقة أطفالى فى أكتوبر 2016، بعدما بعت كل ما أملك توفيرا لثمن تذاكر الطيران، ثم لحق بى زوجى الذى خرج من اليمن إلى ماليزيا ومنها إلى السودان ثم مصر، أوضاعنا فى اليمن كانت ميسورة جدا فأنا كنت أعمل مساعدة طبيب نساء وتوليد فى إحدى الجهات الطبية التابعة للمفوضية السامية لرعاية اللاجئين الأفارقة فى اليمن، أما زوجى فعمل لفترة مع منظمات المجتمع المدنى وبعدها عمل حارسا فى إحدى شركات البناء الخاصة ووالده كان أحد قيادات الجيش، وكان مطلوبا بالاسم بعدما سيطرت جماعة الحوثى، وبعد وفاته انتقلت دائرة الانتقام لزوجى وأشقاءه، لأنهم عسكريون أيضا.
ليست جماعة الحوثى فحسب التى ظلت تلاحق عائلة زوج أم أمجد بسبب تاريخ والده المؤيد للنظام على اعتبار أنه أحد أفراده، بل أيضا المقاومة الجنوبية التى اعتقلته بضعة أشهر على اعتبار أنه شمالى خائن، ووسط هذا الكم من الملاحقات الأمنية لم يبق سبيل أمام الزوج سوى مغادرة اليمن، نصحه البعض بالابتعاد تماما عن البلد والخروج منها ولكن حتى بعد مجيئنا لمصر أشعر وكأن هناك خطرا ما يلاحق زوجى، فطوال الوقت يرفض أن أمسك بهاتفه أو أرى رسائله، ومن وقت لآخر ينصحنى بعدم فتح الباب لأى غريب وفى حالة قدوم أى شخص للسؤال عنه أنكر وجوده من خلف الباب كل هذه مؤشرات توحى كما لو كان زوجى مازال مطاردا حتى وقتنا هذا.
بداية أم أمجد مع رحلة التسجيل فى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين كانت فى ديسمبر 2016، وقتها حصلت على البطاقة الصفراء مع وعد بمنحها نظيرتها الزرقاء فى شهر فبراير 2017، ولكن هذا لم يحدث حتى الآن: سجلت فى المفوضية كل ما كان يشغل بالنا هو الحصول على الحماية فوضع زوجى صعب، أجرينا المقابلة ومنحونا بطاقة ملتمسى اللجوء وحتى الآن وضعنا معلق، ولم يتم الاعتراف بنا كلاجئين رسميين ولا نحصل على أى مساعدات مادية حتى أولادى، نظرا لغلاء مصاريف المدارس الخاصة ورفضهم من قبل المدارس الحكومية، التحقوا بأحد المراكز التعليمية السودانية بتكلفة 1500 جنيه فى السنة للطفل الواحد.
مع سوء الأوضاع لم يبق أمام عائلة أم أمجد أى سبيل لتسلكه «تلقينا عروضا لبيع أعضائنا نظير 30 ألف دولار للكلى الواحدة، وحاول زوجى الخروج بشكل غير شرعى مقابل 4000 آلاف دولار، نظرا لسوء حالتنا الاقتصادية، خاصة أنه لم يصبح أمامنا أى سبيل لكسب الرزق، وأصبحنا نعتمد على المساعدات المرسلة لنا من الأقارب أو الأصدقاء، فأبوأمجد عمل لفترة فى أحد المطاعم اليمنية نظير 50 جنيها فى اليوم، ولكن لم يدم الحال طويلا وسرعان ما ترك العمل وأصبحنا محاصرين بين أربعة جدران بلا اعتراف مفوضية ولا مساعدات، ومقيدين لا نستطيع العودة إلى اليمن ولا نملك أموالا تؤهلنا من الخروج لأى دولة أخرى، كل هذا أدى إلى أن زوجى أصيب بحالة نفسية كان يستيقظ يصرخ ويقول أريد الخروج حتى أستيقظ ذات مرة وألقى فى وجهى بطاقة المفوضية وخرج ولم يعد».
فى 2017 بدأت المؤسسة المصرية لدعم اللاجئين التعامل مع الملف اليمنى، وتلقى الشكاوى المتعلقة بالنازحين اليمنيين المتعلقة بقسايم الزواج والطلاق والأوراق الثبوتية وأوراق الإقامة بخلاف بعض المشاكل المدنية الأخرى، بهذه الكلمات بدأ المحامى أحمد بدوى، رئيس المؤسسة المصرية لدعم اللاجئين التى تعد أحد شركاء المفوضية حديثه قائلا: إن الملف اليمنى يحتاج إلى مزيد من الاهتمام من قبل المفوضية، خاصة أن الأخيرة يقتصر دورها على توزيع الدليل الإرشادى على القادمين الجدد إلى مصر وهذا غير كافٍ، فهم بحاجة لمعرفة أكبر بحقوقهم وواجباتهم القانونية فى البلد المضيف، وهذا دور المفوضية بكل تأكيد وبشكل عام تتعامل المؤسسة المصرية مع مختلف الجنسيات فى مجال الدعم القانونى لكل من يقصدها.
لم تستغرق وقتا طويلا فى التفكير لتحسم أمرها، قذفوا الوزارات المجاورة لمنزلها بعد أيام قليلة من إعلان الحرب فقررت الرحيل بعد مرور 13 يوما فقط من عاصفة الحزم، خرجت أم عبدالله ابنة مدينة صنعاء برفقة أولادها الثلاث من ينهم فتاة تعانى من مرض «روماتيزم على القلب وحفيدتها الصغيرة قاصدين السعودية برا ومنها طاروا إلى مصر فى 23 إبريل 2015.
استغرقوا وقتا طويلا فور مجيئهم فى البحث عن أساليب للعيش وإجابة عن سؤالهم الدائم ما الجهة التى يمكنها أن تكفل لنا الحماية والرعاية حتى عرفوا بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، هناك أخبرهم القائمون على مكتب القاهرة أنه سيتم تسجيل ابنتها فقط لحالتها المرضية مع إعطائهم وعود بتسجيل بقية أفراد العائلة لاحقا، تقول «أم عبدالله» أعطوا ابنتى الكارت الأصفر وحددوا لنا مواعيد لاحقا لتسجيل بقية الأفراد، ولكن كانت على فترات متباعدة، ولم يتواصلوا معنا حتى أغفلنا مواعيد إجراء المقابلة ولم يتم تسجيلنا وحتى ابنتى التى تم إعطاؤها البطاقة الصفراء نظرا لحالتها المرضية وإحالتها لمؤسسة كاريتاس إحدى شركاء المفوضية لتلقى الرعاية الطبية اللازمة لم يتم صرف أى مساعدات مادية لها سوى 300 جنيه فقط لا غير».
وتضيف: السبيل الوحيد لكسب الرزق هو عمل بناتى فإحداهن تعمل فى مصنع ملابس والأخرى فى إحدى محلات العطور، بالإضافة أن بعض أفراد الجالية اليمنية فى القاهرة يقدمون لنا مساعدات غذائية واحد الأفراد ساهم فى توفير علاج لابنتى لمدة 6 أشهر، وأمام الظروف المعيشية الصعبة قرر ابنى العودة إلى صنعاء وتركنا هنا، وكل ما أحلم به هو العودة إلى اليمن، ولكن كيف لى أن أوفر ثمن تذاكر الطيران.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة