كان طبيعيا أن يتخذ مؤتمر الشباب السادس من فكرة «بناء الإنسان» محورا أساسيا، فهذا هو المؤتمر الأول للرئيس عبدالفتاح السيسى فى ولايته الثانية، وقد تعهد الرئيس بأن يكون «بناء الإنسان» أول اهتماماته ورأس أولوياته، وكان موفقا أيضا أن يتم اختيار «جامعة القاهرة» لتحتضن هذا المؤتمر، فالجامعة هى بيت العلم والفن والثقافة والمعرفة الأول فى كل بلدان العالم، أما جامعة القاهرة تحديدا، فهى قبلة النور فى بر مصر وبحرها، منها انطلقت خيوط النور إلى كل ربوع مصر، وفيها ولدت حركات التحرر الوطنى وبين أذرعها ذابت الفوارق الطبقية فانصهر المجتمع المصرى فى بوتقة واحدة، وإليها كان الطلبة العرب يشدون الرحال، فمنهم من صار حاكما ومنهم من صار وزيرا، ومنهم من صار مثقفا وأديبا، فحافظت جامعة القاهرة على مكانة مصر لسنوات عديدة حتى أصابها من الإهمال ما أصابها.
فرحا دخلت من أبواب جامعتى التى احتضنتنى طالبا منذ أكثر من 20 عاما، لكنى فى هذه المرة دخلت إليها ملبيا دعوة مؤسسة الرئاسة المصرية للحضور، وقد كان لافتا أن تبدأ الجلسة الافتتاحية بآيات القرآن الكريم من سورتى الرحمن والعلق لما فيهما من تعظيم لشأن العلم والمعرفة، وكان مهما أن يتحدث بعض الشباب عن مفهومهم للتنمية الثقافية حتى ولو رأى البعض أن هذا المفهوم ينقصه الكثير من الخبرة والتمرس والوقوف على أسباب مشكلات الهوية فى مصر، لكن فى الحقيقة، إن هؤلاء الشباب عبروا عن تصوراتهم بشجاعة وطرحوا ما اجتهدوا فى إيجاده من حلول ببراعة.
فى هذا المؤتمر لمست حرص الدولة المصرية بأكملها على المضى قدما فى بناء الإنسان المصرى الحديث المتطور، وجهة نظرى فى هذا الأمر سردتها فى مئات المقالات التى شرحت فيها أهم مشكلاتنا الثقافية التى عاصرتها من أكثر من 20 عاما وحتى الآن، وكان آخر هذه المقالات ما نشرته فى سلسلة ممتدة عبر 25 يوما بعنوان فكرة لوزيرة الثقافة من «1:25» وتنطلق هذه الأفكار من شعار طموح يهدف إلى تحويل الثقافة من عملة يتداولها المثقفون فحسب، إلى حالة عامة تسهم فى تطوير الإنسان المصرى وربطه بحضارته وماضيه وتعمق من انتمائه إلى وطنه وتأخذ بيده نحو المستقبل.