مازالت قضايا العنف الأسرى وجرائم القتل داخل الأسرة، خاصة بين الأزواج، إحدى أهم القضايا الشائكة فى مصر، خاصة فى ظل ارتفاع معدل هذه القضايا بشكل مستمر وتطور أسبابها وأساليبها بشكل ملحوظ، مما ينذر بكارثة اجتماعية كبرى تهدد استقرار الأسرة.
فى الأيام القليلة الماضية شهدت مصر عدد من جرائم القتل البشعة بين الزوجية، ففى شبرا الخيمة شهدت منطقة الوحدة العربية بدائرة قسم ثان شبرا الخيمة، جريمة قتل بشعة، حيث قام "ع.ا" قهوجي بخنق زوجته "ن.ع" حتى الموت، ثم علقها فى سقف المنزل مستخدما "ملاءة سرير"، لإيهام أجهزة الأمن بأنها انتحرت، ثم خرج من المنزل.
وكان أول طرف خيط فى كشف غموض الجريمة أمام رجال الأمن، اتهام والد الضحية لزوجها بقتلها، بسبب وجود خلافات بينهما كونه مدمن مخدرات، ولم يلبث أن خرج قبل شهر من الجريمة من مصحة لعلاج الإدمان، وعمل معه فى المقهى الخاص به.
وبمواجهة المتهم اعترف تفصيليًا بارتكاب الواقعة، وأكد أنه قام بخنقها بكيس مخدة بسبب مشاجرة بينهما على إدمانه للهيروين، ولم يتركها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة وأهداه تفكيره لربط "ملاءة سرير" فى رقبتها وربطها فى سقف الحجرة لإيهام الأمن بأنها انتحرت.
ومن القليوبية إلى السويس، حيث قامت ربة منزل تدعى "ر.ع " 25 سنة، بقتل زوجها "عامل" بمساعدة شقيقته "ر.أ " 22 سنة وصديقتها"ن.خ " 24 سنة ، بسبب شكه فى سلوكهن، وحاولن إخفاء جريمتهن بإدعاء أنه سقط على أسياخ حديدية تسببت فى وفاته.
رجال الأمن اكتشفوا لغز الجريمة بسبب نقطة دم فى مسرح الجريمة تبين بعد تحليلها أنها ليست للضحية، وتبين أنها تخص شقيقته، وبمواجهتها انهارت واعترفت بارتكاب الجريمة بالاشتراك مع زوجة شقيقها وصديقتها لشكه فى سلوكهن، لأنه يرفض تصرفاتهن من قيامهن بالخروج من المنزل باستمرار والغياب لساعات طويلة خارج المنزل واتهامهن أنهن سلوكهن سئ.
وفى السيدة زينب، تخلص زوج يدعى "ع.م" من زوجته "س.ف" للزواج من أخرى، بسبب إصابتها بالسمنة المفرطة، عن طريق إيهامها بأنه وجد علاجًا سحريًا للسمنة التى تعانيها، غير أنها لم تكن تعلم أن أقراص علاج السمنة التى أحضرها زوجها ما هى إلا أقراص سامة قد وضعها لها فى كوب العصير.
القدر كشف جريمة الزوج، حيث تصادف زيارة شقيق الضحية لها فى المنزل ولاحظ حالة الإعياء الشديد عليها فذهب بها إلى المستشفى، إلا أن روحها فارقت الحياة، وهناك أكتشف الأطباء أنها تعاطت مادة سامة، ليكتشف بعد ذلك رجال الأمن خيانة الزوج وأنه وراء الجريمة، وبإحالته للمحاكمة قضت محكمة جنايات القاهرة بالسجن المؤبد.
وفى السيدة زينب أيضًا تخلص زوجة تدعى "ه.أ"، من زوجها "ا.م"، بعد 3 سنوات من الزواج، بالاتفاق مع عشيقها وجارها "م.ج" ليخلو لهما الجو، حيث أطلق عشيقها النيران على الضحية داخل منزله فأرداه قتيلًا، وأخذا يمارسان الجنس بجوار الجثة، متجردين من كل المشاعر الإنسانية.
اكتشف الجيران الجريمة، وأبلغوا الشرطة التى ألقت القبض على المتهمين، وأحالتهما للنيابة وهناك اعترفت المتهمة بجريمتها وبررت فعلتها بأن زوجها كان يعمل ليل نهار ويتركها بمفردها فى المنزل فضعفت وارتمت فى أحضان عشيقها"، وأحالتهما النيابة لمحكمة الجنايات التى أمرت بإحالة أوراقهما لفضيلة المفتى لأخذ رأيه الشرعى فى إعدامهما.
وتؤكد الدكتورة فادية أبو شهبة، أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن العنف داخل الأسرة المصرية فى تزايد مستمر، خاصة بين الأزواج، فبحسب تقرير صادر عام 2016 عن إحدى الجهات المنية، 68% من جرائم القتل العمد داخل الأسرة تقع بين الأزواج، قائلة:"هذا مؤشر خطير لانهيار أواصر الأسرة المصرية المعروف عنها التلاحم والمودة والرحمة".
وتضيف الدكتورة فادية أبو شهبة لـ "اليوم السابع"، إن أسباب ارتفاع جرائم القتل بين الأزواج تنحصر فى عدة نقاط أبرزها الخيانة الزوجية أو الشك فى سلوكيات الزوجة أو الزوج ومن ثم يحدث الخلاف فيما بينهما وتتطور للقتل أو الشروع فى القتل، مؤكدة أن الخيانة الزوجية أصبحت الآن سهلة جدًا بسبب التطور التكنولوجى وانتشار مواقع التواصل الاجتماعى.
وتتابع الدكتورة فادية أبو شهبة:"ويعتبر سفر الزوج للعمل فى الخارج وترك الزوجة بالسنوات والهجر المعنوى لها من أهم أسباب الخيانة الزوجية، حيث تضطر بعض الزوجات لخيانة زوجها ومن ثم تحدث الخلافات التى تتطور إلى الطلاق فى أبسط حلوله وربما القتل"
وتوضح أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، سُبل القضاء على هذه الظاهرة فى نقطة أساسية وهى العودة للقيم الدينية والسلوكية، مؤكدة أن الأسر الآن تنشغل بأمور أخرى عند اختيار شريك حياة لابنتها أو ابنها مثل ظروفه المادية وحسبه ونسبه، ويغضون الطرف عن سلوكياته ومدى تدينه بل إنهم ربما يتغاضون عن تعاطيه المخدرات أو الخمور مثلا".